سير الأعلام في “صفحات من تاريخ القلعة الكبرى المعاصر”

محمد علي الصغير-

 
في بادرة ثقافية جديدة، نظمت جمعية علوم وتراث بالقلعة الكبرى يوم أمس السبت حفل تقديم "صفحات من تاريخ القلعة الكبرى المعاصر"، وهوالكتاب الصادر حديثا عن هذه الجمعية والذي إعده احد رموز الثقافة بالجهة، عبد العزيز بلعيد. 
 
وقد شهد هذا اللقاء تفاعلات كبيرة بين الحضور من جهة وبين مقدمي هذا الكتاب على غرار الصحراوي قمعون ومحمد علي بن عامر وحسن بن علي من جهة اخرى. وقد عبر معظم الحاضرين عن اكبارهم وتقديرهم لهذا العمل الفكري الذي جاء ليثري خزينة الجهة من المراجع والكتب التي تخلد ماضيها وتاريخها، رغم بعض المؤاخذات حول مدى مطابقة هذا العمل للمعايير العلمية المعمول بها في مثل هذا النوع من الاصدارات.
 
 
عمل بحثي مضن
 
وبحسب معد هذا الكتاب عبد العزيز بلعيد فان "صفحات من تاريخ القلعة الكبرى المعاصر" هو عصارة مجهود دام أكثر من ثلاث سنوات من البحث المضني والتمحيص والتدقيق في تواريخ شخصيات كان لها الاثر الكبير في تشييد مجد وحضارة هذه المدينة التي كانت تسمى في القدم ب"اتكودة". وقد تطلب انجاز هذا العمل الجماعي الاتصال باهالي وذوي الشخصيات التي تم ذكرها اما للاستفسار حولها او للبحث عن صور ومراجع تخلد نشاطاتها ومآثرها.
 
والملاحظ في هذا الاصدار الذي اشرف عليه محمد علي بن عامر وتم الاستناد في اعداده الى العديد من الباحثين في تاريخ القلعة مثل الاستاذ جلال بن سعد والاستاذ كمال جرفال وعادل بن يوسف وغيرهم، يدرك حجم الجهد الذي تم بذله في جمع وتوثيق الكم الهائل من المعطيات حول شخصيات احتلت مناصب مهمة في الفترة بين ١٨٥٧ و ١٩٥٧. 
 
ولعل من ميزات هذا البحث التأريخي حرص القائمين على انجازه  على ادراج عدد لا باس به من الصور والمخطوطات والرسومات المتعلقة اما بالشخصيات او بالمعالم التاريخية التي ميزت مدينة القلعة الكبرى على امتداد الفترة الزمنية التي ركز عليها هذا الكتاب.
 
ومن بين اهداف هذا الاثر الفكري الذي ضم سيرا ذاتيا للعديد من أعلام القلعة الكبرى ورموزها في ميادين ونشاطات مختلفة هو " جمع مآثر هذه المدينة التي مازال تعلقها بالعلم والثقافة قائمة الى اليوم منذ ارساء الكتاتيب والمدارس والتي انجبت ابطالا  من المقاومين بالفكر والسلاح".
 
في حفظ التراث الشفوي
 
وفي مرد حديثه عن الكتاب اعتبر الاعلامي ابن مدينة اكودة المجاورة الصحراوي قمعون "ان اهمية هذا الكتاب تكمن في تقديمه مادة بدائية اي مادة خام    primaire وطرحها للقارئ حتى يتمعن فيها ويتدبر". ولعل من نقاط القوة في هذا العمل انه اعتمد على حفظ التراث الشفوي من خلال سرد بعض سير الاشخاص عن طريق الثقات من العارفين بتاريخ المدينة واهلها مثل الطيب شواري والحبيب لطيفة شهر بلعابد الذين قدما معلومات سخية وموثوقة تم اعتمادها في كتابة هذا العمل الذي ورد في ٢٤٢ صفحة.
 
ولئن ضم هذا الاصدار عشرات الاسماء التي تركت بصمة واضحة في تاريخ هذه المدينة، فان القائمين عليه وعدوا بانجاز جزء ثان سيتطرق الى عدد آخر من الاسماء التي كانت ناشطة في مجالات لم يتم التطرق اليها بعد كالمهن الفلاحية واليدوية وغيرها. وهو ما اكد عليه الصغير قائد رئيس جمعية علوم وتراث الذي اعتبر ان ضجة كبيرة رافقت اصدار هذا العمل الذي يبقى عملا بشريا قابل للنقد والمؤاخذة.  
 
صفحات من تاريخ القلعة الكبرى المعاصر"  هو وثيقة جديدة تؤرخ لحقبة من الزمن في تاريخ مدينة متجذرة في القدم… هذه المدينة المعروفة بثرائها الفكري والثقافي والحضاري تبقى في حاجة اكيدة الى متحف يضم كل المكونات التاريخية والاثار التي ترمز الى هذه المدينة التي تعاقبت عليها حضارات شتى… مطلب عبر عنه الحاضرون في هذا اللقاء وسط تفاؤل بتجاوب الجهات الرسمية قريبا.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.