بقلم محمد علي الصغير-
"لبيروت
من قلبي سلامٌ لبيروت
و قُبلٌ للبحر و البيوت
لصخرةٍ كأنها وجه بحارٍ قديمِ
هي من روحِ الشعب خمرٌ
هي من عرقِهِ خبزٌ و ياسمين
فكيف صار طعمها طعم نارٍ و دخانِ"
هكذا تغنّت قبل 26 سنة الفنانة فيروز بكلمات للشاعر جوزيف حرب بالعاصمة اللبنانية بيروت. وكأن هذه الكلمات خُطّت لِتُغنَى اليوم على أعتاب مدينة لفَّها الخراب وتملكها الموت من كل جانب…
القلب ينفطر لمأساة بيروت… نصف بيروت يرزح اليوم تحت الأنقاض… والنصف الآخر تصدّع أو يكاد من هول الكارثة… سلام بيروت انقلب الى دمار…بحر بيروت الدافئ والصافي بات بطعم الدموع… والبيوت انهارت لتصبح ركام… الصخرة تكسّرت وتبعثرت شظاياها لتبلغ أبعد مدى… وأدمت وجوه أهل لبنان الجريح…
ببيروت لم يبق للبحّار ميناء يرسو به… ببيروت المرفأ القديم أضحى انشودة يتغناها كل من يقف على أطلال هذه المدينة الشبح.. ببيروت روح شعب أزهقت بشرارة من نار… ببيروت موت وخراب ودمار… ببيروت الكل يدفع الثمن… الا من باع الوطن بأبخس الأسعار… ببيروت دُقَّ في نعش لبنان آخر مسمار…
ببيروت يموت الشرفاء ليحيا المرتزقة والأوغاد الفرقاء… ببيروت تنهمر الدموع وتشرد الأبناء ويدفن الأبرياء أحياء… ببيروت تخضّب الأرض بالدماء وتصعق من هول الألم والأنين والنحيب الأذن الصماء… ببيروت تبكي السماء… ببيروت تحوّل الربيع الى شتاء…
لا خبز اليوم ولا ياسمين ولا حياة ببيروت… طعم بيروت اليوم بطعم النار… وحدها رائحة الدخان الخانقة تقتحم الانهج والشوارع والبيوت المغلقة…
بيروت حزينة… بيروت كئيبة… بيروت منكوبة… بيروت تدمي القلوب… لك الله يا بيروت الشهيدة…