يسرى الشيخاوي-
في مدينة الكاف برد يعبق بريح الثلج وأمطار تسترجل من السماء لتروي الثرى وجمهور مهرجان سيكا جاز يتوافد إلى المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالكاف لملاقاة مجموعة "وندر كولكتيف" (wonder collective) أو "ووكو" (woco).
"ووكو تكريما لستيفي وندر" كلمات كتبت على الشاشة في الركح بحروف أنجليزية، واتخذت كلمة "ووكو" تصميما يستمد بهجته من قماش "الواكس" الافريقي في إحالة إلى الأصول الافريقية لرأس المال الرمزية المجمعة ستيفي وندر.
وعلى إيقاع موسيقى المطر يستمر الجمهور في التهافت على قاعة العرض إلى ما بعد انطلاق العرض الذي استحضر معه المغني الأمريكي من أصول افريقيا ستيفي وندر عبر موسيقاه وأغاني مع لمسة خاصة بالمجموعة التي يلتقي فيها عشاق ستيفي وندر المحملين بتجارب مختلفة.
ومقارنة بالعروض السابقة، يضم هذا العرض العدد الأكبر من العازفين على الركح، الأمر الذي تطلب مزيدا من الجهد من تقنيي الصوت لضبط أصوات الآلات الموسيقية على ركح المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية، ليستمر القائمون على المهرجان في التمسك بالإرادة لتجاوز كل الصعوبات بما فيها التقنية.
وبعد دقائق من التأخير غصت معها المقاعد بالجمهور الذي استرسل في الهتاف مع صعود العازفين إلى الركح، انطلق العرض وتماهت نغمات الجاز والبلوك والبوب والفانك وأغوت الأجساد بالرقص والاستسلام لدفء الموسيقى.
وعلى الخشبة بعثت المجموعة روحا أخرى في أعمال ستيفي وندر بأسلوب تكثفت فيه الموسيقى المنبعثة من ثمانية آلات موسيقية مختلفة هي على التوالي
الكلافيي "Rémi Mercier" (ريمي مارسيي) والباص "Alexandre Falippon" (الكسندر فاليبون) والغيتار "julian jan" (جوليان جان) والباطري "Kévin Borqué" ( كيفن بوركي) والإيقاعات "Mathieu Manach" (ماثيو ماناش) والساكسفون "Thibault Galloy" (ثيبول غالوي) والترومبون "swann Vuillormoz(صوان فيورموز) والترومبات "Matthieu gyader" (ماثيو غيادر).
الموسيقى التي تلتقي عندها تلوينات نغمية وإيقاعية مختلفة ترافقها أصوات المغني وباعث المجموعة "Pierric Tailler" (بياريك تيلير )والمغنيتين "Claudine Paury" (كلودين بوري) و " Yourie kazaco" (يوري كازاكو ) الذين لم يغفلوا تفصيل اللباس في عرضهم وارتدوا أزياء من قلب القارة الافريقية.
انبهارهم بسيرة ستيفي وندر لم تتوقف عند تأدية أغانيه واستنساخ موسيقاه بل استلهموا أيضا من ملابسه التي يرتديها في عروضه وجولاته، لينثروا الألوان على الركح ويستدروا تفاعلات الجمهور الذي لم يستعمل المقاعد طيلة العرض.
ومجموعة "ووكو" رأت النور في خريف سنة اربع عشرة وألفين من قبل المغني بياريك تيلر الذي أحاط نفسه بمجموعة من الموسيقيين من جيله، موسيقيون جمعتهم دراسة موسيقى الجاز ووحدهم هاجس الوفاء لأعمال ستيفي وندر.
موسيقيون من خلفيات مختلفة تمتد من موسيقى الجاز إلى الفانك، ومن موسيقى الإيقاع والبلوز إلى موسيقى البوب في محاولة لمحاكاة أسلوب ملهمهم الذي يقوم على التنويع والقفل من تلوينة موسيقية إلى أخرى مع الحفاظ على نفس الروح الأخاذة.
بين الموسيقى المغرية والكلمات الجذابة يتجلى الحب في اشكال مختلفة، ويسري سحر وندر في المجموعة الموسيقية ويتسرب إلى الجمهور الذي تسري في تفاصيله حالة من النشوة جعلته يتأرجح مع النغمات والإيقاعات.
وعلى غرار بقية عروض المجموعة، التي تصادف بعض تسجيلاتها، تلاحظ استسلام الجمهور بمختلف أعمارهم إلى الموسيقى التي رسم ستيفي وندر ملامح خلودها، ومنحتها مجموعة ووكو مسحة من الألوان التي تغويك بإعادة اكتشاف أثر هذا الفنان الاستثنائي.
أغان خالدة لستيفي وندر استعادتها المجموعة في عرضها ضمن مهرجان سيكا جاز، على أساس هدف واحد هو تمرير هذه الأعمال الفنية من جيل إلى آخر وتكريم الأسطورة الحية..
*صورة سيف بوليفة