"لماذا أقود مظاهرة وتقومون بإعدامى؟ الأفضل أن أقوم بإعداد عبوة ناسفة أو سيارة مفخخة وأقتل بها من يريدون إعدامى إذا تظاهرت، وفى الحالتين سأحصل على الإعدام، فَلْأَحْرق قلوبكم، وأُثخن فيكم قبل أن أموت»!

كان هذا تعليقاً إخوانياً تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعى عقب تصريح «الداخلية» بأن من سيتظاهر من الإخوان سيتم حبسه خمس سنوات، ومن يقود المظاهرة قد تكون عقوبته الإعدام، وغيّر كثيرٌ من شباب وبنات الإخوان صور البروفايلات الخاصة بهم إلى عبارة «أنا إرهابى».

عقب جريمة المنصورة الإرهابية خرجت عدة صحف مصرية بمانشيتات مفادها «الشعب يريد إعدام الإخوان»، و«حان وقت إعدام الإخوان»… وما شابه من عبارات مفادها ضرورة استئصال هؤلاء. وكتب أحدهم مقالاً فى إحدى الصحف المصرية يطالب فيه بإنشاء ما سماه «فرق الموت» لاغتيال وإعدام وشنِّ حرب إبادة ضد الإخوان، ومن يُشتبه فى انتمائه إليها، ومن يدافع عنها، أو يتعاطف معها بالقول أو الكتابة أو حتى بمصمصة الشفاه، على أن يكون الإعدام حرقاً فى كل ميادين مصر!!

انتظرت أمر ضبط وإحضار يصدر من النائب العام بتهمة التحريض على العنف بهذا الشكل العلنى، لكن حتى الآن لم يصدر شىء، وطبقاً لهذه المطالبات فإننا نحتاج تقريباً إلى حرق حوالى خمسة ملايين مواطن مصرى هم من انتخبوا الرئيس المعزول مرسى من الجولة الأولى، وبفرض أن 2  مليون منهم صاروا ضد الإخوان فأمامنا 3 ملايين يجب إبادتهم حتى نحل مشكلة مصر.

حين يكتب التاريخ عن الحالة العبثية التى وصلت إليها مصر بسبب الصراع الدائر فيها سيبصق على كل المختلين والموتورين الذين سيبقى ما كتبوه وما قالوه شاهداً على أنهم كانوا أعداء لهذا الوطن، وشاركوا فى إحراقه عبر بيع أوهام للشعب، ومضاعفة كتلة الكراهية وروح الثأر بين أبنائه.

أجرمت جماعة الإخوان فى حق المصريين، وخذلت الثورة وقدَّمت مصلحة تنظيمها على مصلحة الوطن، ولكن فى النهاية دولة القانون لا تعاقب أحداً إلا بقانون.  دعاة التطهير العرقى الذين يتجولون الآن بالتحريض الأعمى فى الفضائيات والصحف وعلى صفحات الإنترنت هم مجرمون مدانون بحكم القانون الذى يجب أن يسائلهم إذا كنا حتى الآن ما زلنا نؤمن بمعنى القانون، وليس عواطف الانتقام والتهييج والتحريض والعقاب الجماعى.

القضاء المصرى يتعرض لأخطر اختبار فى تاريخه المهنى، ومؤسسة القضاء المصرية قد تكون عامل إنقاذ هذا الوطن إذا تصدت لهذا العبث وأصرت على إقامة العدالة، والتمييز بين من يستحق العقوبة لمخالفته صريح القانون ومن يريد التنكيل به كنوع من الانتقام السياسى وتصفية الحسابات.

مصر تسير بخطى حثيثة إلى الاقتتال الأهلى، وإذا قرر تنظيم عدد أعضائه- بأقل تقدير- نصف مليون شخص حمل السلاح والانتقال إلى العمل المسلح بشكل تنظيمى فإن كل ما قرأناه عن أعداد ضحايا الحروب الأهلية سيصبح رقماً صغيراً لما سيحدث فى مصر التى يوجد بها حوالى 12 مليون قطعة سلاح غير مرخص فيه .

حاربوا تجاوزات الإخوان، وحاربوا الإرهاب، بالقانون وإقامة العدالة، ولا تحولوا الحرب على الإرهاب إلى صناعة للإرهاب . الإرهاب الحقيقى لم يبدأ بعد ولكنه سيصبح واقعاً إذا كفر الناس بالعدالة، وتم تعميم العقاب الجماعى وغُيِّبت دولة القانون.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.