36
حاورتها مروى الدريدي-
كثر الجدل في الفترة الأخيرة بشأن قرارات اتخذتها وزارة التجارة اعتبرها الفلاحون خاطئة ومضرّة بهم وبمنظومة الانتاج ككلّ، والمتمثلة في منع التصدير وتوريد منتوجات فلاحية على غرار البطاطا الأمر الذي أثار غضبهم واستياءهم.
بدوره ندّد الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري بسياسات وزارة التجارة ومن ورائها الحكومة، وظهر ذلك من خلال تصريحات رئيسه عبد المجيد الزار التي اشار من خلالها إلى أن وزارة التجارة مسؤولة عن معاناة الفلاح، بسبب أخذها لقرارات خاطئة من ذلك التوريد في مقابل منع التصدير ما أدى إلى حدوث خسائر كبرى لم تَطل الفلاح فقط بل طالت أيضا المجموعة الوطنية واقتصاد البلاد ككل.
حقائق أون لاين التقت الرئيسة المديرة العامة للشركة التونسية لأسواق الجملة بوزارة التجارة فاتن الورغي الغزواني، ونقلت إليها شواغل الفلاحين، والتي نفت تماما منع وزارة التجارة التصدير عن الفلاح، مبينة أن التصدير كان يخضع لترخيص مسبق وليس منعا، وبداية من 14 ماي 2019 وقع إلغاء هذا الاجراء تماما، وصار التصدير مٌتاحا دون أي ترخيص.
كما قدمت فاتن الورغي توضيحات لإنارة الرأي العام وخاصة الفلاح تتعلق بتوريد مادة البطاطا ولم تستبعد إمكانية اللجوء خلال الفترة القادمة للتوريد مجدّدا، كما أوضحت أيضا اشكال إتلاف كميات من صابتي المشمش والخوخ، من خلال الحوار التالي:
شهدت بعض أسواق الجملة اتلاف كميات من صابتي الخوخ والمشمش بسبب عدم التمكن من بيعها، لو توضحين لنا أسباب ذلك؟
نعلم أن موسم انتاج الغلال الصيفية تأخر بشهر نظرا للعوامل المناخية، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة ما جعل الغلال تنضج في وقت متزامن، وعرضها في نفس الفترة بالأسواق بكميات كبيرة في مقابل أن مسالك التوزيع لديها طاقة استيعاب محددة ولهذا لاحظنا وجود كميات من الغلال تظلّ في السوق لمدة تتراوح بين 24 و48 ساعة فيتم اتلافها. وبالأرقام الكميات التي تم اتلافها في في أوّل أسبوعين من شهر جوان 2019 أقل بكثير مقارنة بالكميات التي اتلفت في نفس الفترة من سنة 2018. والاتلاف أمرعادي جدّا، كما أؤكّد أن الكميات التي تم اتلافها لا تمثل 0.02 بالمائة مقارنة بالكميات التي دخلت إلى سوق بئر القصعة على سبيل المثال.
يتهم الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وزارة التجارة بمنع التصدير عن الفلاحين، ماصحة ذلك؟
أؤكّد أن وزارة التجارة لم تمنع التصدير يوما عن الفلاح وهو أمر غير صحيح، ففي بداية شهر رمضان 2019 شهدت اسعار الغلال -التي كانت بكميات محدودة- ارتفاعا أي انه ليس لدينا كميات متوفرة بالقدر الكافي من الغلال زيادة عن أسعارها المرتفعة، لذلك قررت وزارة التجارة بالتنسيق مع وزارة الفلاحة اتخاذ اجراء يتمثل في اخضاع تصدير الغلال إلى ترخيص مسبق وليس منعه، وكل فلاح يريد التصدير يتقدم بطلب ترخيص من وزارة التجارة ويستظهر بها لدى المصالح المعنية بالحدود البرية، علما وأن الترخيص لا يكون إلا عبر الحدود البرية فقط وكل من يريد التصدير عبر الجو أو البحر ليس له أي اشكال.
وأؤكد أن وزارة التجارة لم ترفض أي ترخيص تقدم لها بخصوص التصدير، وبوصفي كنت مديرة عامة للتجارة الداخلية أؤكد أن جميع المطالب التي وردت على الوزارة تمّ الاستجابة لها، علما وأن الترخيص المسبق للتصدير أُلغي بداية من 14 ماي 2019 عندما لاحظنا وجود كميات كبيرة من الغلال التي نضجت في وقت متزامن ويمكن تصديرها ومعلوم أن السوق الليبية والجزائرية هي متنفس للفلاح.
إذن فالتصدير غير ممنوع مثلما يؤكده الفلاحون؟
التصدير لم يُمنع على الفلاح التونسي وأنا أؤكد ذلك وبالوثائق، فعند اخضاع منتوج معين للترخيص المسبق قبل التصدير نقوم بإعلام الادارة العامة للديوانة لتعلم مكاتبها الجهوية بذلك و أكرر بأن الترخيص ليس منعا، وهو فقط لتنظيم عملية التصدير لتكون الوزارة على علم بكميات المنتوج الذي صدّر والكميات التي ستبقى لفائدة السوق المحلية حتى لا تشهد نقصا خاصة في شهر رمضان الذي يعتبر شهر استهلاك بامتياز للبيض والخضر والغلال واللحوم والدواجن. وعندما شهدنا وفرة في الانتاج وأصبحت السوق تشهد تزويدا عاديّا بالمنتوجات الفلاحية تمّ إلغاء اجراء الترخيص المسبق قبل التصدير.
كثر الجدل حول البطاطا الموردة من مصر، لماذا اتخذت الوزارة قرار توريد البطاطا؟
سأبدأ من سوق الجملة ببئر القصعة فبتاريخ الثلاثاء 18 جوان 2019، تمّ تزويد السوق بـ125 طنا من مادة البطاطا المحلية مقابل 145 طن تقريبا في نفس الفترة من سنة 2018، وكمية 125 طنّا تطرح تساولا وهو أين البطاطا؟ خاصة ونحن في ذروة الانتاج. وبالعودة إلى قرار التوريد أريد أن أوضح أوّلا في هذا الخصوص بأن المواد التي يتم توريدها في حود 3 أو 4 فقط وسجلنا اكتفاءنا الذاتي في بقية المنتوجات ونعوّل على المنتوج المحلي، ولم يحدث أن وردت وزارة التجارة مادة حققنا فيها اكتفاءنا الذاتي فهذا تصرف خاطئ.
كيف اتخذت الوزارة قرار توريد البطاطا؟
بالنسبة إلى قرار توريد البطاطا فحسب المعطيات التي وردت علينا من من وزارة الفلاحة، سيشهد شهري مارس وأفريل وبداية شهر ماي 2019 الذي تزامن مع رمضان نقصا في مادة البطاطا، وهذا النقص يتراوح بين 10 و15 ألف طن، وأمام هذا النقص ورّدت وزارة التجار كمية في حدود 3 آلاف طن لتغطية حاجيات السوق، في مقابل استهلاكنا الشهري المقدر بـ30 ألف طن، وبالتالي فالكمية الموردة لا تساوي شيئا أمام حجم الاستهلاك ويبقى الفارق وهو 27 ألف طن يتمّ تأمينه من الانتاج المحلي.
صحيح أن الكميات المورّدة وصلت في موفى شهر أفريل وانطلق الديوان التونسي للتجارة في توزيعها في بداية شهر ماي الذي شهد بداية الانتاج الفصلي للبطاطا لكن ليس بالكميات التي تفي بحاجة السوق وبأسعار جد مرتفعة، فعلى مستوى سوق الجملة تراوح سعر الكلغ الواحد من البطاطا في بداية شهر ماي بين 1200 مليم إلى غاية 1400 مليم.
اريد ان أسوق ملاحظة بخصوص هذا الموضوع، لا يجب تضخيم المسألة، فالتضخيم لا يخدم أي طرف، لأن الاصل في الاشياء أن تجتمع جميع الأطراف المتداخلة مع بعضها من الوزارات المعنية بالانتاج واتحاد الفلاحة والمجامع المهنية وتتفق بخصوص رؤية لسنة 2020 تتضمن الكميات المتوفرة ومدى تحقيقها للاكتفاء الذاتي والنقص الذي قد يحصل في السوق ويتم على ضوء ذلك الاتفاق على الحلول الممكنة، علما وأن البطاطا مادة أساسية ولا يقبل المستهلك أن يشتري الكلغ الواحد بـ2000 مليم.
كما أؤكد أنه من المستحيل أن تفكر وزارة التجارة في ضرب منظومة الانتاج وهو ما يتم الترويج له، لذلك من المهم اجتماع جميع الأطراف المتداخلة في حلقة الانتاج ووضع مؤشرات الانتاج والمعطيات للوصول إلى حل لاصلاح المنظومات وهو ما يجب العمل به على المدى المتوسط والبعيد.
هل يمكن أن تضطر وزارة التجارة لتوريد البطاطا في الفترة القادمة؟
أنا لست صاحبة قرار لأقرر ما إذا كنا سنورد أم لا، لكن حسب معطيات الانتاج وحسب الأرقام المتعلقة بالمساحات المزروعة لهذا الموسم الذي يوفر لنا المخزون التعديلي، فسنسجّل 1700 هكتار نقصا تقريبا في المساحات المزروعة وهذه المساحة تعطي 25 طنا من البطاطا، يعني لدينا تقريبا أكثر من 30 ألف طن نقصا وهذه هي الأرقام الرسمية، لكن يمكن أن تتحين هذه الارقام إذا وجدت مساحات اخرى مزروعة، إذن لدينا تقريبا نقص في انتاج البطاطا هذا الموسم.
وتقريبا في نهاية شهر أوت سنظطر للأخذ من المخزون التعديلي لتزويد السوق لأن الانتاج يقل كثيرا في هذه الفترة التي تعرف تقاطع الفصول.
وفي حال حققنا مخزونا يقدر بـ40 ألف طن لن نضطر الى التوريد واما اذا شهدت السوق نقصا فليس من حلّ أمام وزارة التجارة إلا التوريد، فالتونسي لا يقبل أن يشتري كما قلت الكلغ الواحد من البطاطا بـ2000 مليم، فالبطاطا هي للمواطن البسيط مادة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، وليست فقط لأصحاب النزل والمطاعم الفخمة.
وللتوضيح فإن الإنتاج الفصلي يتمّ تخصيص نسبة منه للاستهلاك وأخرى يتم تخزينها من طرف الخواص، كما يقوم المجمع المهني المشترك للخضر بدعم من الدولة بالتدخل لتخزين كميات في حدود 10 الاف طن من البطاطا، للإشارة ففي سنة 2018 كان لدينا وفرة في الانتاج وخزنّا أقل من 10 الاف طن وفي هذه السنة الكميات أقل.
ماذا عن مسالك التوزيع المتهمة بالاحتكار والمتسببة في غلاء الأسعار؟
أولا مسالك التوزيع تتكون من أسواق انتاج وأسواق جملة مثل بئر القصعة والموجودة بكامل البلاد وتوجد أسواق ذات مصلحة وطنية وأسواق ذات مصلحة جهوية فضلا عن الأسواق البلدية والأسبوعية والمحلية وهذه هي المسالك القانونية.
أما مسالك التوزيع غير القانونية فتتمثل في الانتصاب في الطرقات أو بعض الشاحنات المنتصبة على الطريق العام الذين يشترون الخضر والغلال مباشرة من الفلاح ويتجنبون جلب السلع لأسواق الجملة حتى لا يدفعوا الآداءات.
ثانيا من مسالك التوزيع أيضا المخازن فعندما تكون للفلاح وفرة في الانتاج يقوم بتخزين منتوجه لفترة معينة ويروّجها عندما يكون السوق في حاجة لهذه المنتوجات.
لكن لاحظنا في السنوات الأخيرة أنه لم يعد الفلاح فقط من يخزن فهنالك مخازن منظمة وقانونية تقوم بهذه العملية وأخرى غير منظمة وعشوائية وتعمل دون سجل تجاري أو "باتيندا" لغاية الاحتكار.
وهنا تقوم وزارة التجارة بالاشتراك مع المصالح الأمنية بالتدخل وتمّ حجز كميات كبيرة من المواد التي من طرف مصالح المراقبة بوزارة التجارة والمصالح الأمنية ونحن بالمرصاد دائما لمثل هذه التجاوزات.
في بعض الحالات نجد مخازن في المنازل ما يعصب عملية المراقبة وهنا يجب أخذ اذن من وكيل الجمهورية للقيام بالمداهمات وهو ما نطلب فيه مساندة أمنية حتى لا يتم التلاعب بقوت التونسي.
هل أحدثت الأسواق الليبية اشكالا بالنسبة للفلاح التونسي؟
بصراحة اللّيبي يُيسّر كثيرا على الفلاح خاصة عند وجود وفرة في الانتاج لأن السوق التونسية والمحلية لديها طاقة استيعاب والكميات الزائدة من الغلال يتم تحويلها إلى مربي (معجون) أو عصير والبقية يجب تصديرها للسوق الليبية أو الجزائرية.
لكن الاشكال يكمن عندما يكون هناك ندرة في المنتوج أو عدم وجود وفرة، في مقابل البيع لليبيين، وحدث لنا هذا الاشكال مع مادة الحليب لأن مركزية الحليب لديها عقود مع الليبيين لتزويدهم بالحليب وعندما شهدت السوق التونسية نقصا في التزود بات من الصعب الايفاء بالالتزام معهم الامر الذي قد يخيف القائمين على مركزية الحليب من أن يغير الليبيون وجهتهم نحو السوق التركية أو المصرية.