رمضان “الأصعب” على التونسيين وسط اختناق اقتصادي ووضع وبائي

  بسام حمدي-

يستعد التونسيون لاستقبال شهر رمضان وسط تعدد الأزمات في البلاد وتعكر الظروف الاقتصادية والمعيشية والصحية في ظل استمرار الوضع الوبائي ما يجعل شهر هذا العام الأصعب على مرّ السنوات.

وعادة ما تنشط حركة الناس في الشوارع التونسية قُبيل حلول الشهر، لكن اختلفت هذه السنة وتيرة الحركة التجارية وشهدت الأسواق ركودا يوما قبل حلول شهر رمضان بسبب ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل كبير رغم محاولة الكثيرين عدم حرمان عائلاتهم من فرحة الاستعداد لحلول هذه المناسبة الدينية.

وتعاني تونس منذ سنوات من أزمات سياسية خلفت تبعات اقتصادية واجتماعية سلبية تجلت مظاهرها في تدني نسب النمو الاقتصادي مقابل ارتفاع نسب البطالة والتضخم والأسعار وانهيار القدرة الشرائية لمعظم التونسيين.

واضطرت الحكومة إلى إحداث صندوق لجمع التبرعات بهدف توفير موارد داخلية لتخصص لمساعدة العائلات ميسورة الحال وفاقدي الشغل  بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا في البلاد.

وفي استطلاع ميداني أجرته حقائق أون لاين لأراء البعض من التونسيين في ولاية صفاقس، اتضح أن مخاوف الفقر وعدم القدرة على توفير المصاريف والمستلزمات يستبد بعدد هام من المواطنين رغم تفاؤل آخرين وتعبيرهم عن أملهم في ارتفاع موجة المد التضامني خلال هذه المناسبة الدينية.

غلاء الأسعار وأزمة كورونا ينهكان المواطنين

وقال المواطن الخمسيني محمد زعتور، وهو نادل بمقهي شعبي، لحقائق أون لاين إن هاجس توفير المواد الأساسية للعائلة خلال شهر رمضان ينهكه في ظل فقدانه لشغله منذ تفشي فيروس كورونا في البلاد.

وعزى زعتور مخاوفه إلى كونه العائل الوحيد الذي يوفر موارد مالية لعائلته باعتبار أن زوجته لا تشتغل وأمه طاعنة في السن وطفلتيه تدرسان.

واضطر زعتور، وفق قوله، إلى اللجوء إلى حل سلفة مالية من صاحب المقهى الذي يشتغل معه، على أن يعيدها له خلال فترة عمله معه خلال شهر رمضان.

ومن جانب آخر، بدت علامات اليأس بادية على المرأة الأربعينية، منى دمق، لحظة خروجها من فرع بنكي في المدينة، مؤكدة أنها لم تقدر على الحصول على تداين مسبق على راتبها "الروج" بسبب تجاوزها السقف المحدد.

وشددت دمق، وهي عاملة بمصحة خاصة بصفاقس، على أن راتبها الشهري لا يكفي لتوفير مصاريف 15 يوما لعائلتها المتكونة من طفلين وثلاث فتيات، منوهة إلى أنها لن تتمتع هذه السنة بشهوات مائدة رمضان كالعادة.

وأبرزت دراسة أعدها المعهد الوطني للاستهلاك أن نحو 540 ألف أسرة تعيش على وقع دوامة التداين المشط او المفرط بحكم انها تقترض من البنوك لمجرد خلاص قروض سابقة موضحا ان 80 % من هذه القروض طويلة أو متوسطة المدى، وتراوح مدة سدادها ما بين 15 و20 سنة وان ذلك يجعل من وضعية ارجاعها واستخلاصها دقيقة وحرجة على اصعدة مختلفة لا سيما في ظل الارتفاع الكبير لنسب الفائدة.

كما يبين المعهد ان نسبة تطور نسبة التداين الاسري لدى القطاع البنكي تصل الى 123%، حسب ارقام البنك المركزي التونسي، منذ عام 2010 .

حيرة بشأن سبل ملائمة إجراءات الوقاية مع إقامة صلاة التراويح

وبخلاف السنوات الماضية، تساؤل الكثير من المصلين عن الاجراءات الخاصة بأداء صلاة التراويح في المساجد خاصة مع فرض حظر التجوال في كامل ولايات الجمهورية منذ الساعة العاشرة ليلا.

واستعدت الجوامع والمساجد في الكثير من المناطق في صفاقس، بتنظيفها وتزويقها لتهيئة مناخ صحي ووقائي تقام فيه صلوات التروايح.

وعبر الشيخ الستيني، محمد المصمودي، عن حيرته فيما ما يخص مدى قدرة التونسيين على ملائمة أداء صلاة التروايح مع الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا المستجد، في ظل حرص عدد هام من التونسيين على أداء هذه الصلاة خلال شهر رمضان.

ولاحظ أن الخوف من العدوى بهذا الفيروس المستجد زرعت الخوف في قلوب الكثير  من المصلين وأضعفت نكهة التقارب الاجتماعي ولم الشمل في الجوامع خلال أداء الصلوات.

وستتفتح المساجد أبوابها هذا العام لاستقبال المصلين خاصة في صلاة التراويح، شرط احترام إجراءات الوقاية من الجائحة أبرزها التباعد الجسدي وإلزامية ارتداء الكمامة.

ودعت وزارة الشؤون الدينية كل المصلين إلى إحضار كل مصلّ سجادة صلاة خاصة به، وإغلاق أماكن الوضوء.

من جانبه، عبّر سليم حمدي، عن سعادته بالسماحلإقامة صلاة التراويح، قائلا: "السنة الماضية لم نؤدي صلاة التراويح وافتقدنا متعة أدائها وإن شاء الله هذه سنصلي التراويح، ونلتزم بالإجراءات الوقائية المطلوبة".

أمل في عودة إقامة موائد الإفطار للمحتاجين

إلى جانب الاهتمام بتزيين موائد الإفطار وأداء فروض العبادة، كالصوم والصلاة، يهتم التونسيون كثيرا خلال شهر رمضان بالعمل الخيري وإقامة موائد إفطار في الشوارع لمساعدة الفقراء والمشردين على توفير الطعام.

وفي تصريح لحقائق أون لاين، قالت فاطمة الكعبي( خمسينية)، صاحبة مطعم شعبي، إنها تنتظر بشغف شهر رمضان لقيامها والكثير من أفراد عائلتها بتوفير موائد إفطار لمن يحتاجون إلى طعام، قائلة "هذا العمل الخيري أعتبره كل شهر رمضان ركنا من أركان هذه المناسبة الدينية".

وعبرت عن أملها في ألا تمنع السلطات الجهوية، في اطار التوقي من فيروس كورونا، إقامة موائد الإفطار خلال هذا الشهر لكي لا يظل أي صائم بلا طعام ولا شرب.

وتشهد تونس منذ بداية شهر أفريل الجاري موجة ثالثة لانتشار فيروس كورونا المستجد وارتفاعا حادا في موجة العدوى بالسلالة البريطانية لهذا الفيروس وسط استمرار منح التطعيمات للكثير من كبار السن والعاملين في قطاع الصحة.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.