راشد الغنوشي: السياسة الخارجية لتونس ثابتة في ما يخص علاقتها مع الجزائر.. والانتخابات البلدية ستؤسس لمرحلة مهمة

قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إن الجزائر وتونس قادرتان على قيادة قاطرة العمل المغاربي المشترك لتلتحق بهما بلدان المغرب العربي، خاصة وأن التعاون المشترك بين هذه الدول صار أكثر من ضروري.

وأشار الغنوشي، في مقابلة مكتوبة مع موقع قنوات الشروق الجزائري، إلى التعاون الجزائري التونسي خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، كاشفا عن سر لقاءاته المتكررة مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وتحدث عن حركة النهضة في المشهد السياسي التونسي لما بعد الانتخابات البلدية 2017.

وفي ما يلي نص الحوار:

تخوض تونس بعد أقل من سنة من الآن أول انتخابات محلية، فهل ستكون هذه الاستحقاقات فرصة لحركة النهضة لتراجع تمثيلها في التشريعيات الماضية أملا في استعادة ريادتها السياسية في البلاد وكيف سيتم ذلك؟

الانتخابات البلدية القادمة ستؤسس لمرحلة مهمة في الانتقال الديمقراطي في بلادنا إذ عبرها سيتم تركيز السلط المحلية التي ستجسد تقسيم السلطة عموديا وتقريب القرار والخدمات والسياسات من المواطنين وهو جوهر العملية الديموقراطية. النهضة ككل الأحزاب ستخوض الانتخابات بروح ايجابية وإرادة في المساهمة في ترجمة دستور الجمهورية الثانية وإرادة أيضا في استعادة ثقة شعبنا.

صرحتم في وقت سابق أن تونس انتقلت بعد عملية بن قردان من مرحلة الدفاع ضد الإرهاب إلى الهجوم، فهل ترون أن  الحكومة الحالية نجحت في تحدي مكافحة الإرهاب مقارنة بالحكومات المتعاقبة في فترة الترويكا؟

"الدواعش" ظنوا أنهم سيجدون حاضنة شعبية مفككة ومتصارعة مع الدولة، ولكنهم تفاجأوا بصف وطني موحد، وبسكان ملتحمين مع قوات الأمن، مدافعين عن دولتهم. وهذا حوّل المعتدين من كرار إلى فرار، بالإضافة إلى ذلك فإن أجهزة الدولة المكلفة بمقاومة الإرهاب اكتسبت تجربة وأصبحت أكثر جاهزية بفضل كفاءة عناصرها والتعاون مع الاشقاء والأصدقاء وفي مقدمتهم الجزائر.  تطوير القدرات هو مسار تراكمي، كل حكومة تبني على التي سبقتها.

يتحدث المسؤولون في الجزائر وتونس عن وجود تعاون وتنسيق بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، ما هو تقييمكم لهذا التعاون وماذا ينقصه ليتطور أكثر؟

الجزائر هي الشقيق الأقرب لتونس وقد بلغت مستويات التعاون سواء في مكافحة الارهاب أو المجالات الأخرى مستويات جيدة نأمل أن تتعزز وأن تتوسع. رأينا أن الإرادة السياسية والشعبية موجودة يبقى تركيز الاليات الدائمة والقوية لتجسيد هذه الإرادة، خاصة على مستوى التنسيق بين المناطق الحدودية.

منح حلف الناتو قبل أشهر تونس صفة حليف استراتيجي، كما كشفت وسائل إعلام أمريكية  تنفيذ قوات أمريكية خاصة عملية القضاء على الارهابي أبو صخر الجزائري، ما جعل البعض يتحدث عن فتور في العلاقات بين الجزائر وتونس، فهل زال هذا التوتر، وهل تناولتم هذه القضايا خلال لقاءاتكم المتكررة مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة؟

السياسة الخارجية لتونس ثابتة فيما يخص علاقتنا مع الشقيقة الجزائر التي هي شقيقتنا الاقرب وعمقنا الرئيسي ونحرص أن لا يتعارض أي تعاون أو اتفاقيات تعقدها تونس مع أصدقائنا وحلفائنا. نحن جيران وأشقاء، وما يمس الواحد يمس الآخر، فاستقرار تونس من استقرار الجزائر، واستقرار الجزائر من استقرار تونس، وأظن أن هناك إجماعا حول هذا المبدأ بين النخب التونسية. وقد أكدت هذه المعاني في  لقاءاتي مع صديقي سيادة الرئيس بوتفليقة.

البعض يتساءل أحيانا عن خلفيات اللقاءات التي تجمعكم بالرئيس بوتفليقة، فما هي أسبابها، وما هي المواضيع التي تتناولونها؟

صداقتي مع سيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قديمة جدا وقد بدأت لدى اقامتي في الجزائر بداية التسعينات باعتباره إحدى الشخصيات الوطنية وقادة الثورة الجزائرية المباركة، واستمرت مراسلاتنا وكنا داعمين لمبادرته  للوئام الوطني التي أنهت العشرية السوداء في التسعينات. واللقاء مع الرئيس بوتفليقة ممتع، إذ يتجول بك من عالم السياسة الى عالم الفكر والدين. وقد وجدت الرئيس بوتفليقة من أكبر الداعمين لتونس بعد الثورة.

دعا كل من الرئيس بوتفليقة والرئيس الباجي قايد السبسي في ذكرى تأسيس اتحاد المغرب العربي إلى إعادة تفعيل نشاطه، فهل ترون ذلك ممكنا في ظل الظروف الحالية، خاصة مع جنوح المغرب إلى التكتل مع منظمة التعاون الخليجي؟

شعوب المغرب العربي كلها شوق الى ذلك اليوم الذي تعاد فيه الحياة إلى اتحاد المغرب العربي إذ عبره فقط ستدخل بلداننا إلى نادي الأقوياء. أن تكون هذه الإرادة موجودة ومعبر عنها في تونس والجزائر فتلك خطوة كبرى ولا اظن أيضا الأشقاء في المغرب الأقصى دولة وشعبا غافلين عن الفرص الكامنة في هذا الاتحاد. تكلفة غياب الإتحاد تكلفة غالية على بلداننا، العالم كله متوجه نحو التكتلات، ولن تستطيع أي دولة أن تحمي مصالحها منفردة، لذا يجب علينا العمل على تفعيل الإتحاد المغربي في أقرب وقت، ولا يجب أن تركز على الشعارات الكبيرة، بل نبدأ من الأسفل، كما بدأ الإتحاد الأوروبي كإطار تنسيق في مجال الحديد والصلب بين ألمانيا وفرنسا، ثم تطور إلى سوق مشتركة تضم بضع دول، إلى اتحاد كبير يعتبر اليوم من أهم الفاعلين الدوليين خاصة على المستوى الإقتصادي. يمكن لتونس والجزائر أن تقود القاطرة وتبدأ في تعميق التعاون على مستوى عملي، ويمكن بعد ذلك لبقية بلدان المغرب العربي أن تلتحق.

الجزائر وتونس عارضتا دائما التدخل العسكري في ليبيا، برأيكم هل تستطيع الأخيرة الخروج من أزمتها دون تدخل عسكري جديد في أراضيها؟

نرجو ذلك لأن التدخلات العسكرية في المنطقة قادت إلى كوارث. نهنئ أشقاءنا في ليبيا على نجاحهم في الوصول إلى توافقات حول الحكومة بعد جولات الحوار الطويلة. وندعو جميع القوى الليبية والقبائل وقوى المجتمع المدني الى دعم هذه الحكومة من أجل التوجه إلى بناء مؤسسات الدولة,،وتحقيق الأمن والإستقرار لليبيين، ومحاربة "الدواعش".

صارت حركة النهضة اليوم أنموذجا لنجاح الحركات الإخوانية في الدول العربية ومنها الجزائر، فبرأيكم لماذا فشلت الأحزاب الإخوانية في الجزائر في تحقيق ما حققتموه؟

ليس لدينا إطلاع كاف حول الأوضاع في بقية بلدان المنطقة، لكن بالنسبة لنا، حركة النهضة حزب سياسي وطني يسعى إلى إنتاج البرامج والحلول تلبية لحاجات مجتمعه مستلهما ذلك من الإسلام المكون الرئيسي لهوية شعوبنا ومن الحكمة الإنسانية. قد نلتقي فكريا في بعض الجزئيات مع حركات أخرى وقد نختلف معها.

آخر الأخبار

الأكثر قراءة

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.