أكدت الإعلامية السورية مرح البقاعي أنّ زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي أفادها في لقاء إعلامي مؤخرا أثناء تواجده في الولايات المتحدة لتقديم محاضرة عن تجربة الربيع العربي في تونس بدعوة من مركز الإسلام والديمقراطية في واشنطن، أنّ التجربة التونسية استحقّت أن تكون نموذجاً لقصة نجاح ثورة عربية استند قادتها وسياسيوها إلى مرجعية "التوافق" المتجذّر في الثقافة التونسية، والذي هو نهج معتمد بين الأحزاب والمجموعات والمكوّنات السياسية على اختلافها بعيداً عن التصادم والاستئثار والغلبة؛ مقارنة بالثورات العربية الأخرى التي فشلت في تحقيق هذه الرؤية السياسية، وهو ما عطّل فعلها الثوري وانحرف ببعضها عن الأهداف الأساسية التي خرج لها طلاّب الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية.
وأوضحت مرح البقاعيي في مقال لها نشر على موقع all4syria.info، أنّ الغنوشي لم ينس استذكار موقف حركة النهضة في العام 2013 حين وجدت أن الحفاظ على المصلحة الوطنية ووحدة البلاد يتطلب من قياداتها التنازل عن الحكومة وتحكيم مبدأ الإيثار وليس الاستئثار، لتنسحب الحركة إرادياً من الواجهة التنفيذية، دونما تردّد، لكونها استشعرت تعقّد الوضع السياسي الذي كان بإمكانه أن يؤدي إلى احتقان رسمي وشعبي لا تحمد عقباه.
وبينت مرح البقاعي أنّ الاستقرار النسبي الذي تعيشه تونس منذ الانتخابات التشريعية والرئاسية الماضية حسب تقدير الغنوشي يعود بالأساس الى الجيش التونسي الذي لم ينحزْ، منذ بدايات أحداث الثورة حتى خواتيمها، إلى أية جهة سياسية أو فئة مجتمعية أو تكتل حزبي، مستمرا على الحياد التام ومتابعاً لحماية الشعب والأملاك العامة ومرافق الدولة بعد أن قرر الانحياز لطرف واحد وهو الشعب التونسي وحسب.
ويضيف الغنوشي ، نقلا عن لسان الاعلامية السورية، أنّ الجيش التونسي ذا العقيدة الوطنية الخالصة غالباً ما كان بمنأى عن السلطة الأمنية التي كانت متحكّمة بمفاصل البلاد والعباد في فترة الاستبداد السابقة للثورة، ناهيك أن الجيش التونسي لم يصب بآفة الانقسامات الفئوية والمذهبية نظراً لانسجام الكتلة المجتمعية التونسية وتناغم انتمائها الديني والقومي الجامع، الأمر الذي غاب عن حالات مثل سوريا والعراق واليمن، حيث نجد الجيش على حدّ تعبير الغنوشي طرفاً في المعركة لجهة واحدة، وحامياً لنظام سياسي أو طائفة دينية أو مجموعة إثنية بعينها، وليس مدافعاً عن مصالح عليا للوطن والشعب معاً.