يسرى الشيخاوي-
الثورة التونسية وشرارة اندلاعها في سيدي بوزيد ذات عشر وألفين، وأنفاسها التي لم تنقطع والتونسيون يلاحقون خيوط الأمل منذ عقد من الزمن، وفيروس كورونا الذي أطلّ على الإنسانية برأسه اللعين فرجّها، وقصص أخرى عن الزواج والسياسة والمجتمع تنسج ملامح المسرحية الكوميدية " راجل بهيجة".
"راجل بهيجة" كوميديا من إخراج حسام الساحلي تجمع الممثلين رياض النهدي وكوثر بلحاج على الركح حيث يعيدان صياغة العلاقة بين الزوجين بشكل مغاير يراوح بين الذاتي والموضوعي والعام والخاص، وهي من نص أوجدته قريحة عبد القادر الدريدي وشكّل عناصره السينوغرافية صبري العتروس وخلق موسيقاه وضّاح العوني.
الشغف والمحبة مداد العرض..
وإن كانت بصمة المخرج حسام الساحلي صارخة في تظاهرات ثقافية وحفلات فنيّة شكّل فيها عناصر الإخراج بأسلوب لافت يمزج فيه بين البعد الاستيتقي والرمزي والمؤثرات الذهنية والعاطفية، إلا أنه غاب عن الفن الرابع طيلة عقد ليعود بعمل فنّي جديد موشح بالشغف والمحبّة.
عن هذا العمل الذي استدر تعليقات المتابعين عند الإعلان عنه، يقول المخرج حسام الساحلي إنه وليد شغف وحب للمسرح وقوامه العلاقات الإنسانية الموشحة بالمحبة والتفاهم بين كل فريق العمل، إذ تعود صداقته مع الممثل رياض النهدي إلى عشرين سنة خلت كما تجمعه الصداقة أيضا مع الممثلة كوثر بالحاج.
والجانب الانساني مداد هذا العمل، حسب حسام الساحلي، فهو محرار لثراء النقاشات وخلق وجهات نظر جديدة خاصة وأن القائمين على هذا العمل يخوضون تحد يتزايد يوما عن يوم مع علو سقف انتظارات الجمهور .
"العملية المسرحية تتطلب جانبا إنسانيا"، يواصل الساحلي حديثه عن موهبة الممثل رياض النهدي وعطائه على الركح وعن السلسة الإذاعية التي جمعتهما سابقا وعن النقاشات التي كانت تدور بينهما عن عمل مسرحي يجمعهما إلى أن كانت فكرة " راجل بهيجة".
أما عن اختيار كوثر بلحاج، يقول إنه عرفها في الفن الرابع قبل التلفزيون وهي مفعمة بالرغبة والشغف في التمثيل وتعشق الركح ولا تعتمد إلا على إمكانياتها، وفيما يخص اختيار النص فهو أيضا لم يخل من بعد إنساني، إذ تجمع الصداقة بين حسام الساحلي وعبد القادر الدريدي،وهو ما تبلور في الكتابة الركحية التي كان النص منطلقها، والأمر نفسه ينسحب على التأليف الموسيقي للعرض إذ يلتقي مع صانع الموسيقى في تجربة انسانية جعلتهما منسجمان على مستوى الأفكار.
ملامح المسرحية..
عن "راجل بهيجة" يقول المخرج إنّها تمتد في فضاءات زمنية ومكانية مختلفة ستحدّدها الموسيقى، أربعون سنة يعيشها زوجان على أمل أن ينجبا أطفالا، العقد الأول منها ينطلق سنة عشر وألفين سنة اندلاع الثورة ستحاكي فيها الموسيقى صوت الشارع التونسي آنذاك، والعقد الثاتي ينطلق هذه السنة التي غلب عليها الحديث على كورونا ليتواتر العقدان الآخران بأحداث متخيّلة مستلهمة من الواقع التونسي.
والكوميديا التي يعتبرها خيارا صعبا لسهولة الوقوع في الاستسهال، مراوحة بين اليومي المعيش لزوجين وبين أوضاع البلاد لتجتمع على الركح أزمنة مختلفة تراوح بين الماضي والحاضر والمستقبل، وتناقضات تخلق الضحك، ومزج بين الواقعي والمتخيل لتكون مساءلة للذوات وللثورة وللواقع بعيدا عن المباشرتية، وفق حديث المخرج حسام الساحلي.
والمشروع الجديد، لا يخلو من رسائل الأمل، الأمل في غد أفضل وفي واقع أفضل بعيدا عن الشعارات الواهية والخرافات، وهو يعتمد على مرجعيات إنسانية ووجودية تستمد ثراءها من تجارب صناعه الذين يلتقون عند الفن والمحبة وتجمع بينهم روابط إنسانية لا تبلى بمر السنين، حسب قول الساحلي.
"عروض المسرحية ستنطلق في الجهات كي لا تكون اللامركزية شعارا ولأكون صادقا مع نفسي كما أن جمهور الجهات يعد مقياسا بالنسبة لي"، كلمات لخّص بها استراتيجية العروض التي ستتضمن هاشما من الارتجال يوائم خصوصية كل جهة من خلال الموسيقى أو الحديث عن إحدى الشخصيات.
كوميديا مواقف..
والتعليقات على العم المسرحي الجديد الذي لم يعرض بعد تنم عن فرح واستبشار بهذا العمل الكوميدي الذي يجمع مثلين أحبهما الجمهور لعفوية أدائهما ونأيهما عن الابتذال التهريج وهو ما جعل أدوارهما ترسخ في ذهن الجمهور، هما رياض النهدي وكوثر بلحاج اللذان يفقهان معنى الإضحاك.
وفي حديثه مع حقائق أون لاين، يقول الممثل رياض النهدي إنّها ليست التجربة الاولى التي تجمع بينه وبين كوثر بلحاج إذ التقيا في سلسلة "كل نهار وقسمه" رفقة شوقي بوقلية، ومن ثم شق كل منهما طرقه وتعددت تجاربهما ليلتقيا من جديد في "راجل بهيجة".
وعن ميلاد فكرة هذه الكوميديا، يشير إلى أنه كلما جالس المخرج حسام الساحلي كان يحادثه عن عمل مسرحي يجمعهما خاصة وأنه عمل معه سابقا في سلسلة إذاعية وملم بطريقته في الأخراج وكانت فكرة زوجين تونسيين بطرح مختلف وبوضعيات كوميدية مختلفة.
"والمسرحية من نص محبوك لعبد القادر الدريدي وفيها صراع غير مألوف وغير مستهلك بين زوجين، صراع يمتد على أربعة مشاهد مختلفة نحافظ فيها على تلك الروح التي أحبها فينا الجمهور"، يواصل النهدي الحديث عن االمسرحية التي يصنّفها في باب كوميديا المواقف إذ يخلق الممثلين الضحك من الاختلاف والتناقضات عبر وضعيات كوميدية.
تجربة خاصة..
وإن كان الركح فضاء للحديث عن الزواج وعن العلاقات بين الأزواج في أعمال سابقة، فإن الممثلة كوثر بالحاج تقول إن تجربة الزواج في "راجل بهيجة" تجربة خاصة لن تكون مستهلكة أو مكرّرة وهو ما ستكشفه تفاصيل العرض.
وعن فكرة العمل، تشير إلى أنّها فكرة متفرّدة كانت تتبلور في كل مرة حتى وصلت إلى صيغتها النهائية وإن طريقة التطرق إلى تجربة الزواج التي تعد من أقدم التجارب ستكون مختلفة ولن تسقط في النمطية.
أما فيما يخص العلاقات الإنسانية التي تجمع فريق العمل، فترى محدّثتنا أنها تنعكس إيجابا على التمارين المسرحية وعلى العروض على اعتبار علاقة التفاهم التي تجمعهم، مشيرة إلى أن العلاقات الانسانية مهمة في المسرح ذلك ان الممثلين والفريق يقضون وقت مطوّلا معا حتى تكتمل ملامح العرض.
وعن عرض المسرحية في الجهات قبل العاصمة، تقول إن العمل موجه بالأساس للجمهور سواء في العاصمة أو في الجهات والمهم أن يصل إليه خاصة وأن مسؤوليتنا اليوم كبيرة مع علو سقف الانتظارات التي من واجبنا ان نكون في مستواها.