قسم الرياضة-
خرجت الجماهير التونسية التي تحولت يوم السبت باعداد هامة الى ملعب سبارتاك بالعاصمة موسكو تجر اذيال الخيبة بعد الخسارة المذلة التي تكبدها المنتخب التونسي امام نظيره البلجيكي بخماسية كاملة لحساب الجولة الثانية من منافسات المجموعة السابعة ضمن الدور الاول للمونديال الروسي. وقع الصدمة كان كبيرا والجميع اصيب بالذهول من هذا الانهيار المفاجئ والسقوط المدوي.
لم يكن اشد المتشائمين يتوقع مثل تلك الهزيمة الثقيلة التي حولت حلم بلوغ الدور الثاني الى كابوس مفزع بعدما بان بالكاشف مدى عمق الفوارق وبعد المسافة الفاصلة عن المستوى العالي وهو ما جاء على لسان الناخب الوطني نبيل معلول خلال اللقاء الاعلامي الذي عقب المباراة بقوله “مازالت المنتخبات العربية غير قادرة على مقارعة كبرى المنتخبات العالمية وقد ننتظر جيلا او حتى جيلين اخرين للاقتراب منها”.
كلام اثار الاستغراب باعتباره جاء متناقضا مع تصريحات سابقة تضمنت وعودا صريحة من ربان سفينة المنتخب بقدرة المجموعة على بلوغ الدور الثاني والذهاب حتى الدور ربع النهائي. وبالعودة الى المباراة فقد عرفت مجددا اخطاء دفاعية وتكتيكية فادحة وساذجة غير مقبولة في مثل هذا المستوى جعلت الفريق يظهر بوجه شاحب وعاجز عن مجاراة نسق منافسه ليكتفي في اغلب الاوقات بالدفاع والركض وراء الكرة ما استنزف طاقاته ومجهوداته واثر في نهاية المقابلة على جاهزيته البدنية بحكم الارهاق الذي لاح على اللاعبين.
ومثل الرواق الايسر نقطة ضعف كبيرة في ظل الاداء المهزوز للظهير علي معلول الذي كان خارج الخدمة وبدا تائها على الميدان غير جاهز بدنيا وذهنيا فكانت جهته بمثابة شوارع انطلقت منها تقريبا اغلب هجومات منتخب”الشياطين الحمر” متسببا على الاقل بشكل مباشر في هدفين بتمريرتين خاطئتين للمنافس.
كما دفع المنتخب مرة اخرى ثمن انطلاقته السيئة وعدم توفقه في الدخول مبكرا في اجواء اللقاء تاركا المجال للمنتخب البلجيكي الذي فرض سيطرة مطلقة خلال ربع الساعة الاول بعدما استحوذ بالكامل على الكرة ونجح في تطبيق اليات لعبه بالاعتماد على التمريرات القصيرة والتبادلات السريعة في مساحات صغيرة بين خطي الوسط والدفاع التونسي بفضل الثنائي المتميز ايدين هازارد وكيفين دي بروين والمهاجم “الدبابة” روميلو لوكاكو.
قبول هدفين في ظرف 15 دقيقة عن طريق هازارد من ركلة جزاء ولوكاكو عكس حجم المعاناة التي وجدها زملاء ياسين مرياح في مواجهة المد الهجومي الكاسح للمنتخب البلجيكي غير ان هدف ديلان برون في الدقيقة 18 من ضربة راسية اثر كرة ثابتة احكم تنفيذها وهبي الخزري بعث الامل مجددا لدى الجماهير التونسية. فرحة مدافع لاغونتواز الذي كان بشهادة الجميع احد افضل اللاعبين بالمونديال لم تدم طويلا بعدما تعرض في منتصف الشوط الاول لاصابة في الركبة حكمت عليه بمغادرة الميدان وتعويضه بحمدي النقاز على الرواق الايمن.
ولان المصائب لا تاتي فرادى فقد ابت الاصابات الا ان تحرم المنتخب من خدمات مدافع ثان بعدما احس صيام بن يوسف باوجاع على مستوى الفخذ منعته من مواصلة اللعب دقائق قليلة قبل نهاية الفترة الاولى لياخذ مكانه يوهان بن علوان في المحور ويخسر بالتالي الاطار الفني تغييرين قلصا لاحقا من هامش اختياراته الهجومية.
وجاء الهدف الثالث في الوقت بدل الضائع بواسطة “البلدوز”ر لوكاكو ليوجه ضربة قاصمة لمعنويات لاعبي المنتخب التونسي ويحبط عزائمهم بعدما كانوا يمنون النفس بالعودة على الاقل الى حجرات الملابس باخف الاضرار في سيناريو اقام الدليل مجددا على مدى ضعف عنصر التركيز لدى الفريق في الاوقات الحساسة من المباراة.
ولم تكن بداية الشوط الثاني افضل حالا اذ سرعان ما اضاف هازارد الهدف الرابع من كرة مرفوعة من وراء منتصف الميدان في ظهر المدافع بن علوان في لقطة ترجمت التمركز الدفاعي الخاطئ لينفرد مهاجم تشلسي بالحارس بن مصطفى قبل ان يراوغه ويودع الكرة بكل سهولة داخل الشباك مع مطلع الدقيقة 50 واضعا حدا لاحلام منتخب “نسور قرطاج” في العودة في النتيجة.
اطمئنان المدرب روبرتو مارتينيز على الانتصار جعله يسحب الثنائي هازارد ولوكاكو من الميدان لمنحهما قسطا من الراحة قبل المواجهة المرتقبة امام انقلترا في الجولة الختامية من الدور الاول من اجل صدارة المجموعة لكن ذلك لم يمنع فريقه من متابعة افضليته وكانت كل هجمة بلجيكية تنبئ باهتزاز الشباك ولولا تالق الحارس بن مصطفى الذي انقذ مرماه من عدة اهداف محققة لكانت النتيجة اثقل.
سيناريو الهدف الرابع تكرر في نهاية اللقاء بعدما تلقى البديل ميشي باتشواي كرة في العمق خلف المدافع بن علوان ليضعها في الزاوية اليسرى بعيدا عن متناول بن مصطفى مكملا الخماسية. وجاء هدف تذليل الفارق الثاني لوهبي الخزري في الوقت بدل الضاائع ليحفظ ماء وجه المنتخب ويتوج نسبيا مجهودات هذا اللاعب الذي حاول تقديم بعض الحلول في الخط الامامي.
هزيمة مريرة هي الاثقل في تاريخ مشاركات المنتخب التونسي في المونديال خلفت حسرة كبيرة لدى الجماهير التونسية لكنها اظهرت ايضا مدى محدودية امكانيات اللاعب التونسي في مقارعة نجوم اللعبة الكبار لان التحلي بالاصرار والعزيمة لا يكفيان وحدهما لصنع الفارق في غياب مقومات الجاهزية البدنية والحضور الذهني والمؤهلات الفنية.
ويبقى الامل قائما في قدرة المنتخب على انهاء مشاركته بانتصار معنوي على منتخب بنما المغمور في الجولة الختامية من الدور الاول يوم الخميس 28 جوان الجاري بمدينة سارانسك لايقاف نزيف الهزائم وتحقيق انتصار غائب عن كرة القدم التونسية لمدة اربعة عقود كاملة بالمونديال.
وكالات