حين تقف الثورة التونسية ..

قد لا أجانب الصواب إذا قلت انّ الديمقراطية بتونس انتصرت، بعد أن مرّت الإنتخابات التشريعية التي جرت يوم الأحد 26/ 10 بسلام،فقد اختار الشعب التونسي ممثليه بحرية وشفافية.وهذا مؤشّر ايجابي على أنّ الأجواء بتونس تعبق برائحة الوليد القادم: الحرية، لا سيما في ظل الرياح العاتية التي عصفت – بالربيع العربي- ببعض الأقطار العربية الأخرى..وما علينا والحال هذه،إلا أن نحتفي جميعا بإنتصار الديمقراطية ببلدنا، ونواصل مسيرة الثورة بثبات حتى تنتقل بلادنا-تونس-من النظام الجمهوري المزيّف إلى النظام الجمهوري الديمقراطي.

ومن هنا، فإنّ أهم انجاز حققناه كتونسيين بعد الإنتخابات التشريعية هو أنّ تونس بقيت شامخة،كما قال زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي"الشجرة الوحيدة الشامخة في غابة الربيع العربي التي احترقت أشجارها في ليبيا ومصر واليمن وصولا إلى العراق".

الإحتراق الذي تحدّث عنه الغنوشي حدث بفعل التصدعات الداخلية داخل البيت العربي الذي هبّت عليه-بالأمس-نسائم الثورة، لكنه لم يصمد في وجه قوى الردة، وغدا بالتالي مسرحا للإحتراب حيث السلاح اللغة الوحيدة السائدة بين الفرقاء السياسيين الذين غلّبوا النقل عن العقل فخسروا الاثنين معا: الحرية والديمقراطية..

والنتيجة الحتمية لتلك التداعيات الدراماتيكية هي أنّ تلك الثورات غدت رهينة لدى قوى خارجية، لا هم لها سوى اجهاض جنين الحرية داخل أحشاء  الثورة،ومن ثم خنق كل نفس ديمقراطي أو مشروع وطني تحرري من شأنه أن يخلّص الأمة العربية من عقال الترجرج والتخلّف..

ومن ضمن هذه القوى الخارجية نذكر الفرنسي الصهيوني الذي يكتنفه الغموض وتصاحبه الحرائق وكل أشكال الخراب حيثما حطّ رحاله.. ونقصد هنري برنار ليفي، أو كما يطلق عليه "عرّاب الربيع العربي" هذا الصهيوني المتعجرف، تمّ "استقباله" مؤخرا بمطار تونس قرطاج الدولي من لدن العديد من التونسيين الأحرار بوابل من الشتائم واللعنات..

والأسئلة التي تنبت على حواشي الواقع:

من الذي استقدم هذا الزائر الغامض  في هذا الوقت بالذات؟

وما الفائدة التي ستجنيها "الأطراف" التي تقف وراء دعوته لزيارة بلد(تونس) يلملم جراح الماضي بكل تراكماتها المؤلمة، ويؤسس لغد مشرق، منتج وخلاّق..؟

ثم، لمَ لم يهدأ الجدل الذي احتدم عقب زيارة هنري برنار ليفي رغم التعليق الذي نشره هذا الأخير على موقعه الشخصي على الأنترنات،يفيد فيه بأنّ  الزيارة  كانت لمقابلة ليبيين ولا علاقة لها بتونس، وأنّ اللقاء كان عَلَنيا في أحد الفنادق مع رئيس مجلس الحوار الوطني الليبي، ووجهين معروفين من قادة الامازيغ في ليبيا.؟!

ألم يغادر تراب بلادنا خائبا منكسرا؟

أليست هذه هي الأسئلة اللجوجة التي ما فتئت تنهش-بنهم-الكثير منا بعد أن أطلّ علينا هذا المنبجس من دخان الجنون وجلبة القوّة: هنري برنار ليفي..

وبسؤال مغاير أقول: ألا تعبّر هبّة الحشود الغاضبة من التونسيين،في وجه هذا الزائر -غير المرغوب فيه-على نجاح التجربة الديموقراطية بتونس،وحرصنا الشديد -تونسيات وتونسيين- على الحفاظ على مكاسب ثورتنا المجيدة والحيلولة دون الإلتفاف عليها من قبل المرتزقة وحفاة الضمير؟؟

ومهما كانت الأجوبة عن هكذا تساؤلات،فإننا نؤكّد على  أنّ ثورتنا المجيدة ستظل ثابتة ثبوت الرواسي أمام العواصف،ولن تحيد عن مسارها الصحيح، ولن تنحرف بأهدافها النبيلة عن الخط الذي رسمه الشهداء باللون الأحمر القرمزي.. كما لن تخيفها الزيارة الفاشلة لصاحب المقولة الشهيرة "الجيش الاسرائيلي اكثر الجيوش ديمقراطية" ولن تربكها أيضا شتائم الداعية (داعية ختان البنات) وجدي غنيم للفائزين في الإنتخابات ونعتهم بـ"الكفّار" !!..

فهذا الشعب العظيم نفض من على جفونه غبار الجمود والإستكانة بعد أن أوغل ليله في الدياجير،وبدأ يسير بخطى حثيثة صوب الديمقراطية المبتغاة، ولن يتوقّف عن المسير خصوصا بعد أن خلخل حسابات المنطق وجسّد هزّة عنيفة مخلخلة للوعي المخدّر والمستلب، وأضحى واقعا حيا ممهورا بالدّم وصنع تبعا لكل التداعيات إشراقات ثورية قدر الطاغية فيها الهزيمة والهروب..

ويعود في الأخير الصهيوني هنري برنار ليفي..خائبا إلى دياره.. وتذهب شتائم وجدي غنيم زبدا وطواحين ريح..

ويظل الشعب التونسي العظيم متمترسا خلف خط الدفاع الأوّل عن مكاسب ثورته الخالدة..

ذلك أنّ الحرية صراع لا ينتهي.

ولن تنحني تونس ولا شعبها.

لست أحلم

ولكنّه الإيمان، الأكثر دقّة في لحظات الثورة التونسية العارمة،من حسابات هنري برنار ليفي وأمثاله                                                                                           

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.