حينما يسنّ القيصر قوانين جديدة للحب على مسرح قرطاج…

أمل الصامت –

وكأنهم ظمأى ارتموا في نهر مياهه عذبة وراحوا يرتوون رشفة وراء رشفة على مدى ساعتين من الزمن فلا ساقيهم كلّ ولا هم أعلنوا الاكتفاء.. تلك هي الصورة التي قد تخطر عبالك في حضرة قيصر الأغنية العربية وجمهوره في قلب مسرح قرطاج الذي بدا حصنا للفن في أرقى تجلياته.

كانت الساعة حوالي العاشرة والنصف عندما انتهى جمهور مهرجان قرطاج الدولي من أداء النشيد الوطني في سهرة الثلاثاء 31 جويلية 2018، بحناجر رجت المدارج رجّا، وكأنها لحظة إعلان انتصار.. انتصار للحياة على ألحان الحب وأشعاره.

الحب بقوانين القيصر

عيد العشاق الذي غنى له كاظم الساهر في افتتاح سهرته لا يشبه أبدا ذلك العيد النابع من أسطورة دموية بطلها قديس أعدم لتزويجه العشاق خلسة عن الامبراطور الظالم، فعيد القيصر رائع، بطلته فاتنة تلبس فستانا من الورد ربيعيا لحبيبها الذي يعشقها من رأسها حتى الأصابع.

ست عشرة أغنية أداها القيصر بدت وكأنها بنود قوانين حب جديدة، على الرجل كما المرأة التقيد بها في زمن باتت فيه عبارات الحب مبتذلة والمرأة لا تعدو أن تكون مجرد سلعة تباع وتشترى، وهي السيدة التي علمت القباني في لحن الساهر كيف الحب يغير خارطة الازمان، وكيف حين يحب تتوقف الأرض عن الدوران فأصبحت بينهما امرأة هي عطر العطور ومسك الختام.

وبين عناوين جديدة وقديمة أبى القيصر أن تكون الحبيبة في قوانينه التي رددها على مسامع أحفاد عليسة وسليلاتها “مستبدة” حتى لا يكرهها أو يضطر الى أن يقودها إلى “محكمة” واكتفى بحثها على أن تقول أ”حبك” فيرد عليها “أحبك أنت” لاغيا كل شكوكها أنها أحلى امراة في الدنيا ومهما كان الطريق إلى حبها المستحيل طويل فهو يرفض من نار حبها أن يستقيل.

ما بين ألحان عشق ووطن…

لطالما أصرّ الساهر على نظم ألحان أغانيه بنفسه لتخط في سجل مجده صفحات كثيرة، غير أنها أوقعته في سهرة الـ31 من جويلية 2018، أحيانا في التكرار، ربما ترتيبا خاطئا للأغاني هو الذي جعله يبرز، حتى أن الكلمات عند الحاضرين اختلطت ببعضها أحيانا وما عادوا يميزون بين عنوان وآخر.

كما أن حقيقة مخاطبة أغلب ألحانه وأغانيه للمرأة ثابتة، إلا أنه لم يحصر العشق في الأنثى، ودوّن في رصيده عناوين تغنى فيها بالوطن فجعل بها بغداد “أجمل من كل جميلة” وأهدى فيها الخضراء “بدل البوسة عشرة” وصرخ من أعماقه باسمها تونس.. تونس.. تونس صرخة ردّها عليه جمهوره وكأنه إعلان مصادقة على عرف لا يشبه أيا من أعراف الوطنية المغلوطة في هذا الزمان.

ولعل في استقباله لأحد نجوم “ذو فويس كيدز” آدم النجار على المسرح لتأدية أغنية “مالي خلق” التي كتب كلماتها ولحنها هو، رسالة للملمة أجزاء أوطان مزقتها المحن والفتن، بصوت زادت البراءة من بريقه وقوته حينما نادى “والله حرام وطن السلام يصبح حطام ويتسرق”، ليكتب القيصر من جديد قوانين كل أنواع الحب في سجلّ عروضه على مسرح قرطاج الذي كان وسيظل معقلا لإشعاع الفنون والثقافة مهما حاولت الهفوات في بعض البرمجات نفي ذلك.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.