“حرقة” يلامس بعضا من معاناة المصابين باضطراب التأتأة

 يسرى الشيخاوي-

"ربيع"، شخصية في مسلسل "حرقة" يؤديها الممثل قصي علاقي ويطوع فيها كل تعابير وجهه وجسده ليعرض بعضا من معاناة المصابين باضطراب التأتأة الذي يجعل من الصعب التكلم بطلاقة ويخلف شعورا بالدونية والنقص لدى البعض.

و"التأتأة" من بين الأمراض محل السخرية والتندر من البعض الذين لا يلقون بالا لوقع كلماتهم على الشخص المتلعثم، ومن الجيد أن تعرض الدراما لمحة عن حياتهم وعن المعاناة التي يتعرضون لها في الحياة اليومية وعن مقاومتهم للوجع الذي يتسرب إلى كل التفاصيل.

"ربيع" في مسلسل حرقة في جزئه الثاني ( إخراج الأسعد الوسلاتي وسيناريو عماد الدين حكيم) شخصية تبدو في ظاهرها ضعيفة ومنطوية لما خلفه اضطراب التأتأة فيها خاصة فيما يتعلق بنظرة الآخرين له وتعرضه في أحيان كثيرة إلى السخرية والتهكم.

ولكن في باطنها هذه الشخصية قوية جدا ومقاومة وسلاحها في ذلك الفن والجداريات التي يرسمها على الحيطان في حيه الشعبي المثقل بالنسيان والتهميش، رغم ركونها أحيانا إلى فكرة الهروب إلى الضفة الأخرى، إلى إيطاليا.

هذه الشخصية أداها الممثل قصي علاقي بطريقة مقنعة إذ لزم على امتداد المشاهد التي ظهر فيها الحرص على أن يلفظ نصه بالطريقة ذاتها التي تصف صعوبة النطق والإطالة في نطق بعض الكلمات، ليس ذلك فحسب   بل تعدى اللفظ إلى رمشة العيون ورعشة الشفاه وتمطط الفك وتغير تعبيرات الوجه.

وفي المشاهد التي جمعت "ربيع" بوالدته "شادية" ( نادية بوستة) وعمه العائد من إيطاليا بعد عشرين سنة من الغياب "لمين" (أحمد الحفيان) وجدته "زينة" (منى نور الدين) تجلت بعض ملامح الشخصية وبعض الأسباب التي جعلته منطويا منعزلا لا يألف من حوله بيسر.

نظرة الآخر، الوصم، الاستخفاف والاستهزاء، عدم مراعاة مشاعر المصاب باضطراب التأتاة، ونقص التوعية بخصوص هذه النوعية من الأمراض، وغيرها من التفاصيل تجلت في حركات "ربيع" وسكناته وتعاطيه مع محيطه.

وفي حديثه عن الشخصية التي أداها، قال الممثل قصي العلاقي، عند حضوره في إذاعة موازاييك، أنه استلهم تفاصيل الشخصية من شقيقه الذي كان يعاني من نفس الإشكال عندما كان طفلا، مضيفا أنه "حاول تقديم أفضل ما عنده حتى أن صعوبة النطق رافقته بعد انتهاء التصوير الأمر الذي أثار خوف والدته".
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.