حرب الشوارع.. الخطر الداهم على صفاقس

تتغيّر ملامح الحروب الدولية وتتنوع أشكالها وممارستها وتصل حد تورط الدول في الاتجار بالبشر، بعد حرب أمريكا في العراق، وحرب الارهاب وتنظيم القاعدة، حلت حروب الربيع العربي وداعش قبل الحرب البيولوجية "كورونا"، واليوم تدار حرب أخرى ، حرب الهجرة غير النظامية، قوامها تنافس الدول على حماية أمنها القومي ونتائجها تغذية النزاعات العرقية وإثارة حروب الشوارع بين سكان المدن والمهاجرين غير النظاميين.

ولكي تنجح هذه الحرب الباردة لا بد أن تعم الفوضى ويزدهر العنف وتنتعش مافيات تهريب البشر، فهي حرب طويلة المدى تتداخل فيها الأطراف وتكاد تكون سلاح دمار شامل لا يستثني أي دولة، فمن دول إفريقيا جنوب الصحراء تنطلق الخطة لتصل إلى  دول البحر الأبيض المتوسط وكامل القارة الأوروبية.

تونس اليوم، وتحديدا ولاية صفاقس تكاد تكون أحد مسارح هذه الحرب الدولية التي  تدار فيها المفاوضات فتتضرر منها دول وتستفيد منها أخرى، وما المحادثات المتسارعة بين القادة الأوروبيين وقادة دول شمال إفريقيا إلا دليلا واضحا على عمق الملف وثقله في الساحة الدولية لما فيها من آثار اجتماعية وأمنية واقتصادية.

فرّخت مخططات التهجير وفتح الحدود البحرية والبرية فوضى عارمة يُعتدى فيها على الأمن القومي و تُنتهك فيها حقوق الانسان، واليوم لم تعد ممارسات حرب الشوارع وعمليات الاقتتال في صفاقس تخفى على أحد، وبلغ السيل الزبى وخرج السهم من القوس، وحصلت الكارثة، الفوضى عمت في المدينة والتقاتل بين التونسيين والمهاجرين الأفارقة جدّ في المدينة، ولقي شخص تونسي حتفه إثرل طعنه من قبل مهاجرين.

المشهد في عاصمة الجنوب تلوث بالقتل والحرق، وأصبحنا نستمع بصفة يومية إلى نداءات يطلقها سكان هذه المدينة وأبناء أحيائها الشعبية  للتجمع ومقارعة المهاجرين غير النظاميين، والصورة فيها تلونت بجحافل من مهاجرين يتنقلون بين معتمديات الولاية دون رقيب ولا حسيب..  حتما إنها صورة مرعبة تخفي وراءها خطر داهم يهدد السلم الاجتماعي والاستقرار الأمني.

وبعيدا عن خطاب العنصرية والدعوات لانتهاك حقوق الانسان، والحديث هنا يرتبط بتصرفات مهاجرين غير نظاميين لا بلونهم أو هويتهم، أضحت ولاية صفاقس المدينة التي تستقطب مئات آلاف المهاجرين غير النظاميين وباتت كل أنواع الإجرام فيها سهلة وشاملة، فمدينة صفاقس أصبحت قبلة للمتاجرين بالبشر وللمهربين وتجار الأزمات، وأصبحت حاضنة لكل من يخطط للرحيل نحو أوروبا عبر السواحل التونسية وباتت مركزا لمفاوضات دولية تتفاوت فيها موازين القوى.

الواقع في هذه الولاية ينذر بأيام صعاب وأزمة أمنية واجتماعية مرتقبة في ظل تزايد الفوضى وارتفاع منسوب الإجرام والتوتر بين سكان المدينة والمهاجرين فضلا عن فشل الدولة إلى حد اليوم في معالجة هذا الملف.

لن يندمل جرح وفاة تونسي على يد مهاجرين غير نظاميين بسرعة وسيتفاقم التوتر في المدينة في ظل عجز الدولة عن إيجاد حلول ناجعة للملف الذي بات يؤرق الجميع بما فيهم المهاجرين، والمعركة العرقية قادمة لا محال في صفاقس الجريحة.

وإزاء محاولة كل أطراف المفاوضات الدولية والاقليمية المتعلقة بالهجرة غير النظامية لعب أوراق رابحة، يبدو واضحا وجليا أن أوروبا تحاول إغراء تونس بالمال فيما ترد عليها السلطات التونسية بصور آلاف المهاجرين الذين يتربصون لحظات الغفلة على سواحل صفاقس للانطلاق نحو أوروبا.

في كل الأحوال الأمر يفرض على السلطة التونسية وعلى رأسها قيس سعيد، أن تعي جيدا أن لعب الأوراق في المفاوضات لا يكون بالمراهنة على الأمن والسلم الاجتماعي، و الضغط على أوروبا بملف المهاجرين لا يمكن أن يكون على حساب أمن صفاقس واستقرارها بتكديس آلاف الأفارقة في أحيائها وشوارعها.

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.