حتى تكون المقاومة جماعية…

 بقلم عبد الحميد الجلاصي –

منذ شهر ونحن ندير ازمة غير مسبوقة مع عدو غامض ويمكن أن يهاجمنا من كل مكان. 

كان المطلوب منا أن نبدأ بتدقيق المقاربة أولا وبالشروع في التصدي للوجه الأبرز فيها اي حماية الأرواح وقطع الطريق على انتشار المرض. 

رغم كل شيء مقاربتنا تؤتي أكلها ونسق الانتشار ينخفض والوعي المواطني يتزايد.

في المعارك لا بد أن نسجل المكاسب ولو كانت صغيرة وفي نفس الوقت لا بد ان نذكر بالرؤية الشاملة وبالمستويات الجديدة للمقاومة المطلوبة.

الوضوح هو السلاح الأقوى في الحروب.. فهو الذي يضمن الانخراط الجماعي ورفع المعنويات والثقة في الانتصار.

لا يجب أن نمل من التذكير بالواجهة الاولى للمعركة وهو حماية حياة التونسيين ولا سبيل الآن، في تونس وفي غيرها، سوى الالتزام الصارم بالحجر الصحي وتوفير كل المستلزمات للاطار الطبي وإيجاد الاليات المناسبة لاستكشاف الإصابات ومعالجتها.. هذه هي الأولوية.

ولكن في المقابل يجب أن ننتبه أكثر الآن لمستويات جديدة لمقاومتنا الجماعية.

وأريد التشديد هنا على خمسة مستويات:

اولا: أن طول مدة الحصار يضغط على الجميع. ويجب طمأنة التونسيين ذوي الدخل الضعيف أن مجتمعهم لن يخذلهم وان دولتهم لن تخذلهم. يجب تفعيل كل مخزونات التضامن في ثقافتنا وانسانيتنا. يمكن ان تقوم مآذن المساجد بدور في التعبئة ويمكن ان يقوم شباب الكشافة والأحياء بدور في هذا، إضافة الى مسارعة المصالح الحكومية بما يتوجب عليها.

دون تبرير أي خرق لكن احترام الحظر مرتبط باطمئنان كل تونسي على لقمته. 

ثانيا: طول المدة ايضا يتطلب مرافقة نفسية. يجب كسر الحصار من خلال تفعيل شبكات التواصل الافتراضي بين الزملاء والاصدقاء والأقارب، ويجب التقليص من البرامج حول الكورونا. لا يمكن التعايش مع أخبار الموت في مكان مغلق لساعات طويلة. القنوات التلفزية يجب أن تعثر على برمجة مناسبة لحصار قد يطول.

ثالثا: يجب اعتماد سياسة تدبير منزلي قائمة على التصرف في الندرة. لا يجب أن نغفل ان هذه الأزمة قد تصاحبنا لاسابيع اخرى. تدبير الندرة لا يعني الحرمان، وانما يعني التخلص من عادات استهلاكية تتجاوز ما نحتاجه. 

مرة اخرى نذكر اننا يجب ان نتصالح مع المرحلة، ونرى من خلال تجارب معايشة حسن تدبير يحيي عادات غذائية استهلاكية قضى عليها التنميط.

يمكن من الان التفكير في استهلاك رمضاني أقرب لروح العبادة.

ربما نجد ثقافة جديدة بعد انجلاء الازمة تخلصنا من كثير من عادات التبذير.

رابعا: في حال استمرت الأزمة أشهرا اخرى يجب أن تتوفر لنا موارد مالية كافية. فلا اقناع المواطنين بالبقاء في بيوتهم يكون ممكنا دون توفير بدائل ولا تسليط مزيد من الضغط على المؤسسات يكون ناجعا.

يتوفر لمئات التونسيين شبكة علاقات مع دول ومع مؤسسات دولية، هذه كلها يجب أن تحسن وزارات الخارجية والمالية والتعاون الدولي التصرف فيها لتوفير سيولة تساعد على إنجاح مقاربتنا. 

خامسا: واثناء كل ذلك لا بد من سياسة تواصلية تصدر من نفس المشكاة. والبلدان اكثر ما تحتاج وحدتها الوطنية في أوضاع الحروب. ونحن في وضع حرب.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.