جريمة يرتكبها ديوان التطهير في حق سبخة أريانة وأهالي المنطقة!

مروى الدريدي-

يعاني سكان الضاحية الشمالية لتونس الواقعة بين سبخة اريانة ومنتزه النحلي، على غرار منطقة الغزالة، ورياض الاندلس وجعفر والنخيلات وأريانة الصغرى وشطرانة ورواد، من انبعاثات كريهة وتلوّثا للبيئة المحيطة بهم جراء تصريف الديوان الوطني للتطهير المياه المستعملة المنزلية في قنوات تصريف مياه الامطار التي ينتهي بها المطاف في سبخة أريانة.

وتمسح سبخة أريانة 5 الاف هكتار وتقع شمال بحيرة تونس التي يفصلها عنها سهل سكرة، كما يفصلها حاجز رملي عن خليج تونس يمتد من رواد إلى قمرت، وترزأ السبخة منذ سنوات تحت وطأة التلوث جراء الاهمال من السلطات الجهوية، وفاقم هذا التلوث العطب الحاصل على مستوى محطة معالجة المياه المستعملة بشطرانة، والذي دفع بديوان التطهير الى القيام بتصريف المياه المستعملة المنزلية في قنوات تصريف مياه الامطار التي تصب في السبخة.

ودقّ قسم العدالة البيئية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ناقوس الخطر حيث أن هذه المياه التي تصب في السبخة تصدر عنها روائح كريهة تزداد حدتها خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف وجفاف مجاري المياه، هذا فضلا عن السموم التي تبثها في الجو ليستنشقها المتساكنون وترجع بالضرر على صحتهم، وبلغ الأمر حد تكاثر الافاعي في آخر القنال أين تركد المياه المستعملة بكميات كبيرة قبل أن تصب في السبخة.  

وأكد المتساكنون للمنتدى أن هذا الوضع متواصل منذ ثلاث سنوات، وبأن التلوث بالمياه المستعملة جاء ليفاقم معاناتهم من البعوض، التي طبعوا معها نوعا ما مقارنة بالضرر الحاصل جراء التلوث بالمياه المستعملة.
 
 
وبالإضافة الى الروائح الكريهة والسموم المنتشرة في الجو، أشعر المتساكنون بتردي جودة ماء الحنفية وتغير لونه ورائحته، الناجمة عن تسرب المياه المستعملة إلى الطبقة الجوفية.  
 
يعد سنتين تجاوبت الولاية!
وأمضى نشطاء من المجتمع المدني بالمنطقة عريضة الى ولاية أريانة عن طريق بلدية رواد، التي بدورها قامت بتوثيق المشكل وبنقد خدمات الديوان الوطني للتطهير، وبعد انتظار سنتين، تجاوبت معهم الولاية أخيرا وأعلنت انها سوف تدعوهم الى طاولة الحوار قريبا.
 
وفي انتظار أن ينتظم هذا الاجتماع، يتواصل الوضع على ما هو وتتواصل معه معاناة متساكني الضاحية الشمالية المجاورين لسبخة اريانة من جانبها الغربي والذين هم ضحايا التصدير الممنهج للتلوث والتصريف العشوائي للمياه في ضواحي المدن مثلما هو الشأن بالولايات الأخرى التي تعرف كثافة سكانية مرتفعة، حسب قسم العدالة بمنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
 
واشار المنتدى إلى أن "غالبية التقسيمات بالمنطقة مهيأة ومدمجة ضمن مثال التهيئة العمراني، وذلك على عكس ما يحاول الترويج له الديوان الوطني للتطهير لتغطية تقصيره في ربط العديد من الاحياء بمجاري التصريف. وقد اضطر هذا الامر عددا من المتساكنين الى تبني طرق عشوائية للتخلص من مياههم المستعملة أو إلى تصريفها مباشرة في مجاري مياه الامطار، تماما مثلما يقوم به الديوان".  
 
حلول ترقيعية وعشوائية 
وتساءل المنتدى الى متى يواصل الديوان الوطني للتطهير انتهاج الحلول الترقيعية والعشوائية للتغطية على عجزه عن توفير خدمات صرف صحي ناجعة ومتأقلمة باستمرار مع النمو الديمغرافي وتنامي طلبات الربط والضغط المتزايد على شبكات الصرف الصحي.
 
وأمام هذا الانتهاك الصارخ لحق متساكني مناطق الغزالة، رواد والنخيلات واريانة الصغرى وجعفر وشطرانة في بيئة سليمة وحقهم في الصحة، دعا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كل مناصري الحقوق البيئية كحق أساسي من حقوق الانسان إلى الالتفاف حول أهالي الضاحية الشمالية في تحركاتهم من اجل وقف انتهاك حقهم في الصحة وفي بيئة سليمة.  
 
ولفت الانتباه الى تشتت المسؤوليات في علاقة بخدمة التطهير في تونس وتخبط المسؤولين من بلدية وديوان ووزارة تجهيز في علاقة بهذه الخدمة. زد عليه، تخلي الديوان الوطني للتطهير بعديد المناطق عن دوره لفائدة شركات خاصة لا تنأى عن تسبيق الجوانب الربحية على جودة التدخل وضمان تمتع المواطنين بخدمات صرف صحي لائقة.
وذكر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بأن الحق في خدمات صرف صحي لائقة تندرج ضمن حقوق الانسان الكونية والمنصوص عليها في الهدف السادس من اهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، غير انها في تونس في ترد ملحوظ يعكس عجز الديوان الوطني للتطهير ووزارة الاشراف وهي وزارة البيئة عن ضمان الحد الأدنى للمواطنين في هذا الحق، حفظا لصحتهم وكرامتهم.
 
وعبر عن دعمه التام لمتساكني المناطق المتضررة، مهيبا بالإدارة الجهوية والمركزية للديوان الوطني للتطهير والسلط المحلية والجهوية التدخل العاجل من اجل إيجاد حل جذري لتصريف المياه المستعملة بالمنطقة والتوقف حالا عن تصريفها في مجاري مياه الامطار.
 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.