تونس.. في طريق تفكيك الدولة !

تعدّدت الممارسات والأفعال الخطيرة وغير المسؤولة الصادرة عن هياكل وقطاعات حسّاسة صلب أجهزة الدولة التونسية في الآونة الأخيرة مما ينبئ بحالة الوهن والاستضعاف الأرعن الذي بات يستهدف البنيان برمته.

فالتحركات "النقابية" الأمنية المزعومة التي كانت ساحة قصر الحكومة بالقصبة مسرحا لها تؤكد بأنّ هيبة الدولة التي شنّف بها بعض السياسيين والمسؤولين الحكوميين آذان الرأي العام الوطني أضحت مجرد شعار للاستهلاك أفرغ من أيّ قيمة مضافة.

من المهم هنا الإشارة إلى أنّ ما قام به لفيف من الأمنيين من أدعياء الحقّ في العمل النقابي المتدثّر بعباءة تخفي مآرب سياسية وفئوية قطاعية مقيتة ليس استثناء بل هو عنوان لمرحلة كاملة من الانتهاك والتدمير الداخلي للدولة بمعاول أبنائها وحماتها المفترضين.

إنّ التطاول على القانون و مفهوم الدولة في سياق بناء الجمهورية الثانية كما اجترحه الدستور الجديد أضحى أشبه بالثقافة السائدة التي هيأت أرضية خصبة لتقبل سطوة قطاعات وهياكل ومؤسسات في المنظومة الدولتية ومن ثمّة تبرير التجاوزات والجرائم المرتكبة في حقّ الوطن بشكل عام.

لم يعد اليوم مجال للتشكيك في كون البلاد تعيش على وقع أزمة أخلاقية-قيمية حجبتها في وقت قريب مضى المناكفات السياسوية والايديولوجية التي زجت بمؤسسات وقطاعات من أجهزة الدولة السيادية في أتون معارك قذرة تتعارض من الناحية المبدئية مع الدور الوظيفي الطبيعي المنوط بعهدتها. وقد يجوز هنا اقتباس تلك المقولة القائمة على قاعدة من زرع حصد فنحن إزاء قطاف لأشواك وفخاخ المرحلة الانتقالية العسيرة التي اختلط فيها الحابل بالنابل دون مراعاة لمقتضيات الدولة وضرورة صونها من كلّ تخريب داخلي قبل الحديث عن التهديدات الخارجية.

إنّ الاستئناس بالتجارب المقارنة من شأنه أن يحيلنا مباشرة على ما وقع في دول كانت بالأمس القريب قائمة الذات وهي اليوم في خبر كان في ظلّ الفوضى والانهيار المؤسساتي القانوني الذي طالها. وتونس هي الآن في مفترق طرق بين نموذج الدولة المواطنية القويّة التي تستمد هيبتها من روح القانون والدستور وبين أمثلة عديدة في دول فككتها صراعات فئوية ونعرات قطاعية و سياسية أو أيديولوجية/طائفية. 

فهل وصلت الرسالة إلى من يهمهم الأمر من أجل سدّ ثلمات عرى الانفلات قبل فوات الأوان أم إنّه حريّ بنا استحضار ذلك البيت الشعري القائل"أسمعت لو ناديت حيّا…؟".

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.