تونس على كف عفريت.. واد ذئاب تسكنه أشباح الفساد والاغتيال

 بسام حمدي-

مازالت أحلام بناء الدولة القوية والعادلة المناهضة للفساد والارهاب، تراود أذهان الكثير من التونسيين ممن لم يحترفوا السرقة والاحتكار والنفاق، وكل ذلك وهذه الأحلام تسبح وسط واد ذئاب تسكنه أشباح الفساد والاغتيال وسفك الدماء والسطو على ثروات البلاد والعباد.

 تحريك مياه العكرة لهذا الواد بحمم بركان 25 جويلية 2021، أفصح للتونسيين عن استبداد كل مظاهر الفساد والاحتكار والارهاب ومدى تحالفها وترابطها مع بعضها ضد المصلحة العامة للوطن.

ومازال التونسيون إلى حد اللحظة يتحسسون مخاطر تشابك الذئاب ويتخوفون من سيناريوهات سفك الدماء بعد إعلان رئيس الدولة قيس سعيد عن وجود مخطط لاستهدافه وكذلك في ظل عدم وضوح المشروع السياسي الذي يريد خطه سعيد بعد ازاحة البرلمان واعفاء الحكومة من مهامها وكل ذلك في فترة تحاول فيها شبكات الفساد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

حقيقة يمكن اليوم توصيف الوضع العام في تونس بكونه جدّ خطير، تلامس خطورته حدود التمرد والفوضى والتفقير والتهميش تزامنا مع تزايد فقر ومعاناة التونسيين وارتفاع كل أشكال الاحتكار وإفراغ السوق من المواد الاستهلاكية الأساسية وكل مواد خدمات البناء.

خطورة الوضع خلال هذه الفترة لا تقل عن خطورة فترات اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، لكنها أكثر حدة لما تكتنزه من مخاطر على تفكك الدولة وإثارة اقتتال داخلي وذلك لو نجح مخطط اغتيال رئيس الدولة قيس سعيد.

وبكل وضوح، كان هذا الاغتيال سيكون سياسيا، لو لا دربة استخبارات قواتنا العسكرية والأمنية وفطتنها في التصدي لكل مشروع قد يجر البلاد إلى الفوضى الهدّامة وتفكيك الجمهورية.

وبفشل الاغتيال المسلح للرئيس، نجح البعض في تهديد الأمن الغذائي للتونسيين بإفراغ السوق من الخضروات واحتكارها، ولا شك أن وراء المتحكرين خيوط ترقى غاياتها إلى كسب مأرب سياسية أكثر من المالية دون أن نتناسى محاولات التدخل الخارجي للتأثير على المشهد العام في البلاد، وكل دولة تريد الدفاع على مسيري مصالحها في تونس.

والخطر الأكبر على تونس بعد الثورة، أن الدولة أصبحت طرفا رئيسيا في ممارسة الفساد، وتجلى ذلك من خلال الكشف عن تورط نواب في جرائم فساد مالي ترتكب في حق المجموعة الوطنية وكذلك شبهات فساد تلاحق مسؤولين في الدولة وفي هيئة مكافحة الفساد وكذلك في أسلاك الأمن والديوانة.

غموض قيس سعيد زاد الطين بلة وأربك البلاد التي أصبحت تحتكم إلى سلطة لا تعرف طبيعتها ولا برامجها ولا خياراتها الوطنية والاقليمية، ولم يتضح للشعب صاحب السلطة إلى حد اليوم بنود المشروع السياسي للبلاد، ولم يعلن سعيد صراحة نيته للسعي إلى ترسيخ الديمقراطية المجالسية، فلا مدة مخطط التغيير اتضحت ولا طريقتها تجلت.

أي قدر سيتجيب لإرداة الشعب في الحياة؟ هل هو قدر النزاع على ترسيخ المشاريع السياسية بنظام برلماني أو رئاسي؟ فقد أنهت قرارات 25 جويلية صراع إعلاء الشرعية الانتخابية ومعركة الصلاحيات، لكنه فتح الباب أمام سجال فرض النظام السياسي بين مؤيد لرئاسي ومناصر للبرلماني.

قدر هذه البلاد أن تقاوم من أجل البقاء والعيش في دولة خالية من الفاسدين تديرها سلطة تحترم الحقوق والحريات العامة والفردية، وغفوة الشعب أو مناصرته لأي مشروع سياسي دون التوجس من مخاطره قد يعيد البلاد والعباد إلى مرحلة السبات الشعبي وإجهاض المنوال الثوري المجتمعي.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.