أحمد وسيم العيفة
ان الحكم اذا تم تحويله الى شظايا بين أطراف القوى يصبح مصدر عرقلة وتوتر فكل طرف قوي سيأخذ شظيته ويضغط بها على الاخر وبالتالي ستتوقف أهم عملية في الحكم ، الا وهي عملية اتخاذ القرار.
وكل يترصد الاخر والكل يرغب في حماية مصالحه وتثمين نفوذه داخل الدولة تماما، ستتخيل أيها القارئ ما تخيلته. غابة ظلماء وتنافس أظلم على اقتسام الفريسة. انما عملية اتخاذ القرار هي اهم عملية وتعطلها يكون عبر هذه المقاربة التي ذكرتها او تعطلها سيتجلى من خلال ضعف من توكل له الصلاحيات، فلا يستطيع تحمل المسؤولية اوتثمين دوره في هذه العملية.
ولئن قرأت تاريخ الدول، فلم من سبيل للتطور سوى قوة القانون و تحرير العقول وتقديس العمل وتحقيق العدالة لكن الثلاثة المذكورين في النهاية هم مرتبطون بلا أدنى شك بالاولى اقصد بقوة القانون، وبهذه القيمة اقصد علو القانون وفرضه على الجميع على حد السواء.
فبالقانون نفرض العمل والإنتاجية ونحمي العقول والحريات وتحقق العدالة بين الأفراد وبالعودة للبدايات ، يجب ان اقول بان تحقق قوة القانون تظل رهينة اكتمال عملية اتخاذ القرار.
اليوم، لنكون واقعيين واوفياء للحقيقة الميدانية في تونس، دون حسابات أو انشائيات فضفاضة، تونس تنزف دما، تونس تنزف دما وهي في خندق، خندق فيه الظلام حالك، ظلام ، مظاهره عدة اقتصاديا واجتماعيا.
ولكن أشد مظاهره قساوة ما يشهده التعليم التونسي من حراك رهيب، تهديد بعام ابيض في الجامعي والثانوي والنقابات اليوم تتوخى منهجا تصعيديا في إطار ما يصطلح عليه بالنضال النقابي ضد الوزارات.
ويقال أيضا ان الوزارات عاجزة عن التفاوض والتواصل مع الأطراف النقابية . ولئن كل يغني على ليلاه ، يضطر الطالب والتلميذ ليكون وقود هذه المحرقة لان محرقة التعليم هي اشنع محرقة قد تشهده دولة مثل تونس ، هذه الجمهورية التي تبنت العنصر البشري والعقل المتعلم كاقدس مصدر ثروة.
ففي عدة مؤسسات جامعية هناك حراك طلابي بغية نيل حق هو أدنى حق من الممكن أن يطلبه الطالب ، وهو حق إجراء الامتحان وحق النجاح والشهادة.
لم يضرب الطالب من أجل الزيادة في المنحة الجامعية، ولم يضرب من أجل تحسين جودة خدمات المطاعم الجامعية او السكن الجامعي لقد تحرك من أجل مطلب حقيقي وواقعي وكما قلت أدنى حق، حق النجاح.
هذا الحق الذي يناضل من اجله الطلاب واضعين اموالهم وجهودهم و واضعين جهود اولياءهم في سبيله، هم مناضلون ونضالهم اقدس من اي نضال نقابي.
انا طالب في تونس، واعلم يقينا تضحيات الطلاب من اجل حق الشهادة وحق النجاح ياتون افواجا افواجا، تاركين عائلاتهم تعمل بجهد الفكر وكد الساعد، ياتون باصرار وطموحا وصبر على الاذى ومن ثم يجابهون بمعركة وزارية نقابية تجعلهم في موقع جد حرج وخطير، معركة ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل …
تونس تنزف، لان تعليمها اليوم متوقف ولأن المستقبل فيها أظلم في مخيال كل تلميذ وكل طالب فخطاب كل طالب للوزارة والنقابة احملوا هموم الطلاب والتلاميذ وفكروا في الضغوطات الرهيبة التي يعيشونها ستكتشفون وحشا رهيبا ينهش عقولهم ويجعلهم ضحايا من قبل دخول الحياة المهنية ومن قبل خوض معترك الحياة.
بالرغم من شرعية المطالب التي يتبناها الأساتذة وبالرغم من شرعية موقف الوزارة انطلاقا من الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد اقتصاديا، فإنه لزاما على الطرفين التحاور والتفاوض والأهم التنازل من أجل مصلحة الطالب التونسي.
ان عملية اتخاذ القرار التي أضحت عويصة شملت عدة ميادين ولم تقتصر على التعليم فقط فإذا أراد المسؤول والسياسي التونسي تجاوز هذه المشاكل فلابد له من فرض علوية القانون وتحمل المسؤولية ولا بد من الأطراف الأخرى التي هي تحمل من الوطنية الكثير ان تتفاعل وتتنازل وتدرس مطالبها في إطار دائرة الممكن واطار استيعاب إمكانية الدولة التونسية.
ان تونس ليس لها من رأس مال الا أولادها وان تم القضاء على طموح نخبة البلاد سيتحول المسار المستقبلي التونسي مهددا بصفة حقيقية و جدية،النخبة الشابة هم الطلبة الذين مطلبهم الوحيد هو نجاح عامهم الدراسي ، لذلك فخطابي للنخبة الكبيرة :” رفقا بالنخبة الشابة ، رفقا بالطلبة “