توفيق بودربالة: “قناصة الثورة” ينتمون للشرطة والحرس.. الجيش الفرنسي أعلم بامكانية اغتيال بن علي.. والدولة قصّرت في حق الشهداء

  حاوره- يسري اللواتي

مضت سبع سنوات على مرور ثورة 2011 دون أن تنكشف الى حد اليوم أسماء وأعداد شهدائها وجرحاها رغم تكليف لجان عديدة باحصاء وجمع كل المعطيات المتعلقة بقتل وقنص المتظاهرين أنذاك في مناطق مختلفة من البلاد التونسية.

وحتى التقرير الختامي الذي أعدته الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات وقدمته مؤخرا الى رئاستي الجمهورية والحكومة يتضمن احصائيات رسمية تضبط أسماء كل التونسيين الذين استشهدوا وجرحوا أيام الثورة، لم ينشر وفق ما ضبطه القانون، وبقي هذا "السر" حبيسا للرفوف.

رئيس الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات توفيق بودربالة، كشف في لقاء مع حقائق أون لاين انتظم بمكتبه عن الخطوط العريضة لهذا التقرير وأسباب عدم نشره بالرائد الرسمي دون أن يفوت الفرصة للحديث عن تفاصيل أخرى تهم "القناصة" أيام الثورة وبعض جرائم الاغتصاب التي ارتكبتها شرطة بن علي أيام الانتفاضة الشعبية.

رغبة القذافي في غزو تونس بـ500 دبابة وإعلام الجيش الفرنسي صهر بن علي مروان مبروك بوجود محاولة لاغتيال الرئيس السابق زين العابدين بن علي أيام الثورة ومسائل أخرى تخص الاتصال الهاتفي الذي جمع الوزير الأول السابق محمد الغنوشي مع بن علي، أوضحها المحامي ورئيس اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق حول الانتهاكات والتجاوزات توفيق بودربالة في الحوار التالي: 

مؤخرا  قدمت لرئيسي الحكومة والجمهورية القائمة النهائية لشهداء الثورة وجرحاها، هل تلقيت وعودا بالنشر؟

بعد أن قدمت النسخة النهائية لقائمة شهداء الثورة وجرحاها الى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يوم 2 أفريل الماضي، أبلغني بأنه سينشر القائمة فور طلب رئيس الحكومة يوسف الشاهد ذلك.

و يوم 17 أفريل التقيت كذلك برئيس الحكومة وقدمت له النسخة النهائية للقائمة، كما أخبرته أنه هو المسؤول عن نشرها بالرائد الرسمي وفق القانون، وقلت له حرفيا "سيحسب التاريخ لك هذا الانجاز ان نشرت القائمة".

بعد ذلك راسلت رئيس الحكومة لاعادة اعلامه بضرورة نشر القائمة كما وعدني سابقا، كما راسلت مدير المطبعة الرسمية وأكدت له ضرورة نشر القائمة مخافة امكانية تسريبها لكنه رد بأنه على رئيس الحكومة توجيه قرار رسمي للمطبعة للاذن لها بالنشر بالرائد الرسمي.

يعني بقيت في دائرة مفرغة بين مؤسسات الدولة؟

أنا قمت بواجبي ولست مذنبا في أي شيء.

طيب.. حسب تقديرك ماهي أسباب عدم نشر القائمة الى حد اللحظة؟ 

عذرا لا أستطيع أن أجيبك، لكن أولا أود أن أشير الى وجود خطأ أخلاقي وقانوني وسياسي في عدم نشر القائمة. 

اذن لمن تحمل مسؤولية عدم نشرها؟  

رئاسة الحكومة مسؤولة حسب القانون عن نشر القائمة النهائية للشهداء الثورة وجرحاها.

نحن على أبواب احياء الذكرى الثامنة للثورة فهل ستتخذون اجراء جديدا بهدف نشر القائمة؟

استشرت أعضاء الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية بخصوص الخطوات القادمة واقترحوا تذكير رئيس الحكومة، مع امكانية مراسلة رئيس الجمهورية في الذكرى القادمة للثورة حتى يطلب من رئيس الحكومة نشر القائمة.

هل قصّرت الدولة ممثلة خاصة في رئاسة الحكومة في واجباتها تجاه شهداء الثورة وجرحاها؟

نقول لم تقم بواجباتها في عدم النشر، لذلك نعم يوجد تقصير وأكثر من ذلك، هناك مسؤولية سياسية كبرى محمولة على عاتق الدولة، علاوة على ذلك هناك اهانة كبرى لنا باعتبار حجم العمل الذي قمنا به صلب الهيئة في المقابل لم يتم نشر القائمة.

هل بامكانكم مدّنا ببعض التفاصيل بخصوص أعداد الشهداء والجرحى الواردين في تقرير الهيئة الختامي؟

(ضاحكا) عذرا نحن ملزمون بالسرية في هذا الصدد.

هل تفاعلت جل الجهات الرسمية وخاصة الوزارات ايجابيا معكم خلال أعمال التقصي الأوليّة؟

نعم كل الوزارات والمحاكم تفاعلت معنا ايجابيا وتم تمكيننا من الملفات التي طلبناها، هذا اضافة الى تعاون الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني.

هل تعرضتم لصعوبات خلال تلك الفترة؟

نعم وردتنا ملفات "غير صحيحة" حتى لا أقول إنها مدلسة، كذلك وجدنا عديد الملفات والشهائد الطبية المزورة وتبعا لذلك تمت احالة أطباء على مجالس التأديب علاوة على وجود قضيتين بالمحكمة.

كم يبلغ هذه عدد الملفات؟

لا أستطيع أن أمدك بالعدد الدقيق لكن تلقينا عددا كبيرا من الملفات غير الصحيحة.

حسب تقديرك لما نجحت الهيئات الثلاث (اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق حول التجاوزات والانتهاكات ولجنة تقصي الحقائق عن الفساد والرشوة والهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي) في أداء مهامها على عكس الهيئات الدستورية الحالية؟

نجحت لعدم وجود محاصصة حزبية وعدم تدخل الأحزاب والتنظيمات السياسية خلال أدائها لمهامها، كما تم اختيار شخصيات كفأة وقتها.  

يعني لم تتعرضوا لضغوطات من أحزاب؟

لا أبدا.

أستاذ، لنعد الى لجنة تقصي الحقائق التي دققت في أحدث الثورة انطلاقا من 17 ديسمبر 2010، يبدو موضوع القناصة ضبابيا مع تضارب التصريحات بخصوص تواجدهم من عدمه؟

في التقرير الذي أصدرناه بعد انتهاء أعمال لجنة تقصي الحقائق حول الانتهاكات والتجاوزات اشرنا الى وجود عمليات قنص أيام الثورة ولم يثبت لدينا أن القناصة من خارج تونس.

يعني تؤكد وجود القناصة؟

بالطبع، القناصة من نخبة الرماة وعمليات القتل التي حققنا فيها تثبت وجود نية القتل العمد على مستوى الرأس أو القلب أو الظهر.

الى أي أسلاك ينتمي هؤلاء؟

ينتمون الى جميع الأسلاك الحاملة للسلاح من حرس وطني وشرطة (بوليس) ، لكن الأسلاك الأمنية احتجت بعد ذلك أمام وزارة العدل رفضا لهذا المعطى الذي اعتبره مهما. 

هل كانوا موزعين في كل الجهات، أم تم نشرهم في أماكن محددة؟

لا ليسوا منتشرين في كل الجهات، بل وجدوا في تونس العاصمة وبعض الجهات الأخرى على غرار بنزرت والقصرين.

هل شارك أعوان الأمن الرئاسي في عمليات قنص المتظاهرين؟

لا قطعا.

ماذا استخلصت من الاستنطاقات التي قمت بها مع مسؤولين أمنيين ووزراء بن علي؟

قالوا كلاما دون معنى، وكل شخص أراد اخفاء جزء من الحقائق لاستغلالها لاحقا، لكن الجميع تقريبا ادعوا أنهم نصحوا بن علي بالابتعاد عن العنف وعدم استعمال الرصاص خلال الأيام الأولى للثورة.  

اعتبرتم في التقرير أن البلاد عاشت انخراما أمنيا خلال أيام الثورة، هل يعني ذلك أن فرضية تغيير نظام الحكم كان واردا؟

نعم في تلك الفترة شهدنا انخراما أمنيا وسياسيا، وكان كل شيء واردا من ذلك الانقلاب، والدليل على ذلك أن وزير الدفاع في ذلك الوقت اتهم علي السرياطي بالتخطيط للانقلاب، ليتم ايقافه و حفظ القضية بعد ذلك.  

راجت أخبار أيام الثورة بوجود عمليات اغتصاب قام بها أعوان أمن، هل تؤكد ذلك أم تنفي؟

في الحقيقة وقعت 4 محاولات اغتصاب أي تحرش بنساء في القصرين من طرف أعوان الأمن خلال الاحتجاجات التي وقعت في الجهة.

وأنا تحاورت مع النسوة اللاتي تعرضن للتحرش وطلبن مني خلال جلسة منفردة تقديم شكاية، اضافة الى ذلك تعرض بعض المواطنين الى عمليات تعذيب جنسي.

منذ فراره الى السعودية لم يكشف الرئيس الأسبق عن أي معطى بخصوص أحداث الثورة، فهل حاولت لقاءه في اطار أعمال البحث؟

نعم.

كيف ذلك؟

قبل انهاء التقرير أردت الاتصال ببن علي والاستماع لروايته حول الأحداث، لكن أردت تأمين سلامتي في ذلك قبل كل شيء، فعرضت الأمر على رشيد عمار والوزير الأول آنذاك ووافق الأخير على الاقتراح لكنه ارتأى تأجيل الأمر الى وقت لاحق.

بعد ذلك طلبت من سيرين بن علي زوجة مروان المبروك وساطة للقاء بن علي ووافقت على ذلك لكنها اختارت تأجيل ذلك الى وقت آخر. 

هل صحيح أن بن علي اتصل بقصر الحكومة بالقصبة بعد فراره الى السعودية؟

خلال حضوري في أحد الاجتماعات بقصر الحكومة بالقصبة يوم 18 جانفي، وردت مكالمة هاتفية قيل إنها من القصر السعودي لكن محمد الغنوشي فضّل في ذلك الوقت عدم الرد ففهمت أن المتّصل كان بن علي؟

ثم عاود الاتصال مرة أخرى فأجاب محمد الغنوشي "لا سيدي الرئيس" لا مجال للرجوع". 

ما حقيقة المعلومة التي راجت بامكانية اغتياله يوم 14 جانفي؟

من أفشى هذه المعلومة في القصر هو صهر الرئيس مروان المبروك الذي قال إنه تحصل على معلومات من أركان الجيش الفرنسي تفيد بامكانية اغتيال بن علي في قصر قرطاج يوم 14 جانفي.

هل تعتقد أنه كان لبن علي فرصة البقاء في البلاد بعد خطاب ليلة 13 جانفي؟

نعم كان بيد بن علي فرصة البقاء في تونس خاصة وأن العديد من الشخصيات طالبوا باعطائه فرصة أخرى اضافة الى التزامه بمحاسبة الفاسدين من عائلته وملاحقة المسؤولين عن قتل المتظاهرين.

ما حقيقة وجود نية لدى بن علي استهداف القصرين بالقنابل أيام الثورة؟

نعم والي القصرين في تلك الفترة أخبرنا خلال الزيارات التي أديناها هناك أن بن علي أصدر أمرا بالقاء قنابل على القصرين لاخماد الاحتجاجات

ما حقيقة نية القذافي التدخل في الشأن التونسي في ذلك الوقت؟

وفق ما راج من أخبار في ذلك الوقت، أراد القذافي غزو تونس بقرابة 500 دبابة بهدف مساندة بن علي، وفي صورة قتله (بن علي) من طرف المحتجين كان ينوي تنصيب صخر الماطري رئيسا بدلا عنه.

كنت اعتبرت في تصريحات سابقة ان رئيس اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة عبد الفتاح عمر "قُتل"، لم ذلك؟

نعم اعتبر أنه قتل حسرة وألما على حملة التشويه والكلام الفاسد الذي قيل عنه، وأنا أقول أن عبد الفتاح عمر شهيد الثورة الذي مات سنة 2012.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.