يسرى الشيخاوي-
يبدو أن كل السبل تلاشت أمام المسرحي توفيق الڨسومي وهو ينشد حقا طال انتظاره، فكتب فصول الانتظار بقطب وسم بها فمه وهو الذي نادى كثيرا ولم يسمع حيا، وحينما سكت عن الكلام تكلمت الابرة على شفاهه وترك الخيط أمائره.
إضراب جوع وحشي، وفم مرتوق سرت فيه الابرة وكأنها تلملم فتوق المشهد الثقافي، أي ألم هذا الذي يشعر به حتّى جعله يخوض معركته العنيفة، معركة أنهكت جسده ولكن روحه المقاومة تأبى الانكسار.
منذ الثامن عشر من جوان الجاري باحت الإبرة بأسرارها، وقالت الأمعاء الخاوية قولها، ولم يفلح محلول السكر في طمس مرارة الواقع، وماعاد المحتج يلقي ابلا لصرخات زملائه المنادية بعودته عن احتجاجه القاتل.
ورغم التقرحات التي تزين شفتيه، مازال يواصل احتجاجه لعل المسؤولين يرفعون عنه المظلمة، وهو الموظّف بوزارة الشؤون الثقافية منذ سنة ستة وألفين، موظّف عار من خطة وظيفية ومن الامتيازات والترقيات، وفق حديثه.
وفي سنة سبعة عشر وألفين كُلّف بالإدارة الفنية لمركز الفنون الدرامية وابركحية بالقصرين حيث بذل من روحه لترى الانتاجات المسرحية النور في ظل شح التمويلات، ولكن ذلك لم يشفه له ليواصل على رأس المركز إذ تم تعيين مدير جديد والتخلي عنه نهائيا، الأمر الذي حز في نفسه.
واليوم، لا يطلب الڨسومي سوى إنصافه ورفه الضيم عنه وإلا لن يتراجع عن إضرابه الوحشي، علما وأنه لم يلق تفاعلا من سلطة الإشراف والتجاهل لن يكون إلا سببا للمضي قدما في احتجاجه وإن غزت التقرحات شفتيه ووشح الوهن جسده.