اعتبر الخبير في الدراسات الاستراتيجية والأمن الشامل نور الدين النيفر أن الندوة الدولية حول "تعزيز قيم السلام والحوار" المنتظمة بولاية سوسة أيام 18 و19 و20 أفريل 2016، تهدف إلى تطوير ثقافة الحوار والسلم في ضفتي البحر الأبيض المتوسط وعلاقتها بالساحل الافريقي، حيث أن عولمة الإرهاب والعمليات الارهابية التي طالت بلجيكا وأوروبا تدفعنا إلى مراجعة النظم التعليمية والتربوية ومكانة العلوم الانسانية والانسانيات من فنون وآداب في تكوين الناشئة وفي إعادة النظر في التأويل الوسطي للنصوص الدينية المتداولة، وفق تقديره.
وقال النيفر، في تصريح لحقائق أون لاين، إن تنظيم هذه الندوة في نزل "الامبريال" الذي شهد هجوما ارهابيا داميا السنة الفارطة راح ضحيته أناس أبرياء، يحمل قيمة رمزية "إذ أننا نحن المؤمنون بثقافة الحياة نجتمع هنا من جديد لنبين لأصدقائنا وأجوارنا وللعالم كله، بأننا صامدون ولن تخرّ عزائمنا وسنواصل ونقيم الملتقيات العلمية الرفيعة لفهم ما هو موجود ومواجهة هذه الظاهرة الارهابية سواء أمنيا وعسكريا أو ثقافيا بما في ذلك المواجهة التربوية والدينية والفكرية والفنية بحضور فنانين وأشقاء من العالم كله وكل بلدان البحر الأبيض المتوسط".
من جهته أكد أستاذ العلاقات الدولية المغربي محمد تاج الدين الحسيني، أن هذه الندوة لا تهم الفضاء العربي وحده بل تهم الفضاء المتوسطي، معتبرا أن الفضاء المتوسطي لم يعد يعني فقط الدول المجاورة لجنوب المتوسط أو شماله ولكن أصبحت تذهب أكثر عمقا، إذ منذ سنة 2008 عندما تأسس الاتحاد من أجل المتوسط كان يعني بوضوح أن الأمر لا يتعلق فقط بالدول المجاورة ولكن حتى بعمقي أوروبا وإفريقيا، وبالتالي حين تناقش القضايا الحيوية في هذا المجال هي تركز على المشاكل التي تعيشها الضفتان في عمقهما الجيوستراتيجي والجيوسياسي، حسب تعبيره.
ويرى الدكتور الحسيني أن هذا التعاون كان قائما إلى حد الآن على نوع من المشروطية في العلاقة بين الشمال والجنوب، حيث كان الشمال يقدم مساعدات والجنوب يلتزم ببعض الشروط في الديمقراطية والتعاون في ميدان الارهاب وحصر الهجرة السرية، لافتا إلى أنه أصبح من الواجب اليوم التفكير بطريقة أكثر عقلانية من أجل أن تكون بلدان الجنوب متكاتفة بين بعضها البعض وتكوّن وحدات جهوية مندمجة تمكّنها من التموقع في مركز القوة لإحداث توازن إيجابي مع بلدان الشمال، وحتى يكون التعاون مبنيا على الندّية وعلى المصالح المشتركة وتحقيق مستقبل أفضل لهذه المنطقة وخاصة على مستوى التنمية المستدامة وعلى مستوى محاربة الارهاب وتحقيق الأمن والاستقرار، وفق ما جاء على لسانه.
واعتبر الممثل ظافر العابدين، من جانبه، أنه من المهم، قبل الحديث عن محاربة الارهاب، الحديث عن ثقافة السلام والحوار التي نبني من خلالها العائلة والمجتمع، مشيرا إلى انه من الضروري جدا اليوم أن نجد أساليب لتطوير الحوار ومفهوم السلام وقبول الآخر رغم اختلافه عنا.
وتأمّل العابدين أن تخرج مثل هذه الندوات بقرارات فعلية وتعزز فكرة السلام والحوار لا أن تكون مجرد ندوة تنتظم وتنتهي وينتهي معها كل شيء، لافتا إلى أنه بصفته سفيرا للنوايا الحسنة في الألكسو كان من المهم جدا أن يكون موجودا لما للثقافة من دور في دعم الحوار والسلم، باعتبار ما يستطيع المثقف تمريره خلال الأغاني أو الشعر أو التمثيل من رسائل للجمهور العريض في هذا المنحى بطريقة تكون أسهل وأسلس من أي أساليب أخرى.
كما دعا الفنان لطفي بوشناق، في تصريح لحقائق أون لاين على هامش الندوة، الحكومة وسلطات الإشراف إلى تنفيذ مقترحات المختصين الرامية لدعم الثقافة كحل لمقاومة الإرهاب وإبعاد الشباب التونسي عن التطرف، قائلا إن المثقفين قد اقترحوا على الحكومات التي تعاقبت على الحكم بعد الثورة أفكارا عديدة لدعم الثقافة دون أن يتم تنفيذها إلى حدّ اليوم.
واعتبر بوشناق أن الوضع الذي يعيشه العالم العربي اليوم ناتج عن عدم إيلائه أهمية لقطاع الثقافة، مشددا على دور الفن والثقافة في النهوض بفكر الشباب التونسي وفي مقاومة آفة الإرهاب.
يُذكر أن رئيس الحكومة أشرف أمس الاثنين 18 افريل 2016، على افتتاح فعاليات الندوة الدولية حول "تعزيز قيم السلام والحوار" بنزل "امبريال مرحبا" بسوسة، التي تنظمها المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسسكو) والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) بالشراكة مع وزارة التربية التونسية.