عرفت مناطق عديدة من البلاد موجة من الحرائق اندلعت منذ أيام ويتواصل عدد منها إلى اليوم، على اثر درجات الحرارة المرتفعة والغير مسبوقة والتي تجاوزت الـ50 درجة في بعض الولايات وخاصة منها ولايات الوسط والشمال الغربي.
وقد تم تسجيل 78 حريقا منذ شهر جانفي إلى غاية 18 جويلية وهو نصف العدد الذي تم تسجيله في نفس الفترة من سنة 2022، وفقا للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي أرجع اسباب ذلك إلى أمطار شهري ماي وجوان التي كان لها دور في تراجع حدة الحرائق.
وقد شهدت غابات ملولة بطبرقة ونفزة من ولاية باجة وجبل سمامة بولاية القصرين وجبل معتمدية الكريب من ولاية سليانة، وجبل زغدود بالوسلاتية من ولاية القيروان، حرائق أتت على مئات الهكتارات من الغطاء النباتي والأشجار.
وأفاد المنتدى بأن حريق غابة ملولة من معتمدية طبرقة الذي اندلع منذ 18 جويلية قضى على ما يقارب 500 هكتارا من العطاء الغابي لتتوسع المساحة بعد اندلاعه مجددا يوم 24 جويلية حيث حاصر المساكن وتبعه اجلاء قرابة 100 متساكن إلى مراكز إيواء.
وأكّد المنتدى، ضرورة فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات خاصة وأن نظرية الحرائق المفتعلة غير مستبعدة، داعيا في بيان، إلى عدم تكرار سياسات الإفلات من العقاب ضد كل من يثبت اضرامه للنار بصفة مباشرة أو عن طريق الايعاز أو استفاد من الحريق بالتحوز بملك الدولة الغابي وتغيير صبغته أو سرقة أشجاره المحروقة.
ودعا سلطة الاشراف إلى الانكباب الجدي على تأهيل قطاع الغابات وخاصة وضع استراتيجية استباقية تنطلق بصيانة مناطق وقف النيران (coupe-feu) والمراقبة المستمرة عن طريق الأقمار الاصطناعية للمناطق المهددة (zones à risque) بالحرائق من أجل التدخل السريع وربحا للوقت قبل توسع رقعة النيران.
ونبه إلى أن تكرر مشهد العجز عن السيطرة على الحرائق يفاقم الخسائر في الثروة الغابية نباتية كانت أو حيوانية، بالإضافة الى تراجع التنوع البيولوجي نتيجة هذه الحرائق خاصة عندما يتعلق الأمر بالأصناف المحمية كالأيل الأطلسي في محمية واد الزان بعين دراهم.
وشدد على أنه أمام تنامي ظاهرة التغيرات المناخية فمن الضروري مواجهتها بسياسات تأقلم ناجعة توفر لمن هم في الصف الأول في مواجهة هذه التغيرات الإمكانيات البشرية واللوجيستية اللازمة. للتصدي لها.
ولفت إلى النقص البشري الفادح في صفوف أعوان الغابات بخروج العديد منهم على التقاعد بالإضافة إلى افتقارهم إلى التخصص اللوجيستي في سياقة الشاحنات الثقيلة وكل ما يتطلبه التدخل في حال نشوب حريق لضمان تسهيل عملهم وحمايتهم.
وقال المنتدى إنه على الرغم من تضافر جهود كل من أعوان الغابات واعوان الحماية المدنية والجيش والحرس الوطني الا أن مهمة السيطرة على الحريق ووقف تقدمه وانتشاره بالتوازي مع العمل على انقاذ الأرواح والمباني والممتلكات الخاصة كام أمرا صعب جدا خاصة مع توفر عامل الرياح ووعورة التضاريس.