تظاهرة “دون كيشوت في المدينة”: جولة في فلك الفنون

يسرى الشيخاوي-
 
تخيّم روح "دون كيشوت"، على مدينة الثقافة على امتداد ثلاثة أيّام انطلاقا من يوم الخميس 10 اكتوبر الجاري، في تظاهرة من تنظيم بيت الرواية. وتظاهرة "دون كيشوت في المدينة ضرورة الحلم” لم تقتصر على قطب بيت الرواية الذي يديره الكاتب كمال الرياحي بل شملت كل أقطاب مدينة الثقافة فكانت جولة في فلك الفنون من رواية وشعر ومسرح وسينما ورقص وفنون تشكيليّة.
 
الكتاب مسك البداية 
 
وافتتاح التظاهرة شمل زيارة لمكتبة البشير خريف ببيت الرواية، وهي مكتبة تضم أكثر من 1114 رواية تونسية وعالمية، و1652 عنوان بالعربية والفرنسية والإنجليزية.
ولأنّ التظاهرة مستلهمة من عنوان الرواية الاسبانية " دون كيشوت" للأديب ميغيل دي سيرفانتيس، فإنّها كانت مناسبة لتزويد مكتبة البشير خريّف بالأعمال الكاملة للروائي الجزائري واسيني الأعرج.

الفن التشكيلي ينهل من الدنكيشوتية 
 
ومن الكتاب إلى الفن التشكيلي، حيث خيّمت "الدونكيشوتية" على رواق سمامة الشكلي الذي يحتض معرض لحليم قارة بيبان بعنوان "الجندي رقم 1".
وبـ"طنجرة ضغط" جسّد قارة بيبان صراعا "دونكيشوتيا" للذود عن مكتسبات الثورة عموما والمكتسبات الفنّية على وجه الخصوص.
 
الرسوم ورحلة البحث عن الإنسان 
 
ولأن الإنسانية مجموعة من الاعتبارات التي لا يمكن حصرها أو تحديدها، أوكلت إلى الفنون مهمة توثيق بعض خصائصها، وقد شملت تظاهرة "دون كيشوت في المدينة" معرضا لرسوم "ميغالنسكو برادو و"دافيد روبن ميغال ان سيرفانتس" وقصة "Retablo de las Maravillas" وهي نسخة من حكاية شرقية توثق إنجازات للعرب.
 
هي قصّة تعلي جملة من المبادئ والقيم، وتتطرّق إلى الروابط العائلات، والعلاقات داخل المجتمع، والتعليم والدين…
 
معزوفات "دونكيشوتية"
 
ولأنّ دون كيشوت أمضى عمرا يبحث عن الإنسان الأمثل، فإنّ للموسيقى تعبير خاص عن هذه الإنسانية الهائمة، تعبير تترجمه الألحان والمعزوفات التي خلقها الأوركستر السمفوني التونسي بقيادة محمّد بوسلامة.
 
والعرض الموسيقي الذي دام خمس عشرة دقيقة اختزل تجارب وجودية فكانت نغمات الكمان والتشيلو عناوين لرحلة بحث عن الإنسانية، رحلة ممتدّة في الزمان والمكان، والنوتات التي استرسلت طيلة أداء ثلاثة أغان لموريس رافال "دون كيشوت في دولسينيا" ومعزوفة "الدون كيشوتيون" للملحن التونسي أيمن عزيز بن صالح بمرافقة مغني الأوبرا "بهاء الدين بن فضل".
 
الراقصون في مواجهة "دون كيشوت" 
 
بملابس بيضاء، ليست بالناصعة ولكنّها بيضاء، وكأنّها تحاكي الإنسان في بعده الجوهري، فهو ليس بروح ملاك ناصعة البياض ولا روح شيطان ذهب بياضها، تناثر الراقصون في ساحة المسارح، قفزوا حتى كادوا يعانقون السماء، فتحوا أذرعتهم ليحضنوا الأفق، رفعوا رؤوسهم ّإلى الأعلى ينشدون عالم المثل، هادئون أحيانا ومضطربون في أحيان كثيرة.
 
والعرض الراقص " مواجهة مع دون كيشوت" لمريم فرشيشي وسينوغرافيا وائل مرغيني وهو أول تعاون بين أشكال فنّية مختلفة شرّك الجمهور في تفاصيله. تلك اللوحات التشكيلية، وتلك الإيقاعات التي عزفتها أنامل شبّان، وتلك الخطوات الراقصة امتزجت بتفاعل الجمهور فكوّنت رؤية جديدة للصراع "الدونكيشوتي".
 
ثورة دون كيشوت
 
واليوم الأوّل من تظاهرة " دون كيشوت في المدينة: وليدفب الحلم"، انتهى بعرض مسرحيّة "ثورة دون كيشوت" بمسرح الجهات، انتاج شركة كلندستينو، دراماتورجيا واخراج وليدف الدغسني تمثيل يحيى الفايدي، أماني بلعج، ناجي قنواتي، منير العماري ومنى التلمودي.
والمسرحيّة كوميديا سوداء تحاكي الواقع الاجتماعي والسياسي في تونس ، وتعرّج على حقبة الثورة، هي جملة من الهواجس النابعة من استشراء السواد والعتمة في أرجاء البلاد ومحاولة لتسليط الضوء على شبكة معقّدة يتداخل فيها المال والسياسية والإعلام.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.