مروى الدريدي-
مدينة تحيط بها الجبال الرواسي تسرّ الناظرين، أرض طيبة مباركة بعراقتها وأصالتها بجغرافيتها المميزة وتاريخها الثري، إنها تستور إحدى مدن مطمورة روما باجة.
ولم تأت تسمية ولاية باجة بمطمورة روما من فراغ، فخصوبة أراضيها ووفرة أمطارها ومحاصيلها ومرور أكبر نهران بتونس منها (وادي مجردة ووادي الزرقاء)، كلها سيمات جعلتها أرضا طيبة، لكن ثراء باجة لا يقف عند مخزونها الفلاحي بل يتجاوز ذلك إلى مخزونها التراثي الكبير والذي حضيت مدينة تستور بمُعظمه.
تستور إذن مدينة يفوح من جدرانها ومعالمها وأزقتها عبق التاريخ والأصالة فتنتشي لتطلق العنان لبصيرتك حتى تتفكر وتتدبر اثار السابقين، وقد حظي مجموعة من ممثلي وسائل الاعلام بزيارة لهذه المدينة، نظمتها وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، بالتعاون مع المعهد الوطني للتراث، وخصصت للمعالم التاريخية والمواقع الأثرية بولاية باجة، وهي كلّ من مدينة تستور وعين تونقة والموقع الأثري بدقة.
هذه الزيارة وغيرها من الزيارات التي نظمتها الوكالة والتي تتنزل في إطار البرنامج الوطني "مدن الحضارات"، تهدف إلى تثمين التراث المادي واللاّمادي وبعث الروح في المواقع والمعالم والمتاحف التي تزخر بها بلادنا، فضلا عن المساهمة في تكوين ثقافة سياحيّة لدى جميع شرائح المجتمع، وحثهم على اكتشاف المخزون التراثي والتاريخي لتونس.
وكان لبرنامج زيارة مدينة تستور الأثر الطيب في نفوس الزائرين، لما تزخر به هذه المدينة التاريخية التي مرت عليها جميع الحضارات تقريبا، اللوبية والفينيقيّة والقرطاجية والرومانية والبيزنطية والاغلبية والاندلسيّة، من ثراء حضاري كبير ومتنوع شهدته هذه المدينة، فكان المنطلق من بطحاء الرحيبة فالجامع الكبير فدار حبيبة مسيكة إلى زاوية سيدي نصر القرواشي وموقع عين تونقة الأثري، وصولا إلى الموقع الأثري بدقة.