10
يسرى الشيخاوي-
"على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، على هذه الأرض حالمون ومتفائلون ينثرون الفرح والامل مااستطاعوا إليهما سبيلا، على هذه الأرض فنانون اختاروا طريقا صعبة ولكنهم ساروا فيها، على هذه الأرض أحلام كثيرة قاومت كل الايادي الممتدة لوأدها.
من هذه الأحلام، حلم بعث الفضاء الثقافي "بولفار" الذي يستمد تسميته من الشارع الموجود فيه والذي تتناثر الأشجار على طوله، منها يشحن تفاصيله ويعانق جذورها ويمتص خضرتها ليخولها الى انشطة فنية تذهب البؤس والكآبة عمن يرتاده.
اوس براهيم، المسرحي الذي يحفر في الصخر من اجل ان يترك بصمة ومن اجل ان يشرع ابواب التأويل والتفكير، عانق الحلم لأيام طوال قبل ان يشرع في رسم معالمه واقعا وكانت له المسرحية والكوريغرافية آمال لعويني عضدا وسندا.
مشروع مزاجه من حب وفن، اسندته العائلة والأصداقاء لم يعد مجرد جدران تحتضن انشطة فنية وثقافية بل صار فضاء تتزاحم فيه الرمزيات ويتسرّب فيه الشغف والإصرار من كل الزوايا.
الفضاء الثقافي الخاص يعانق سماء باب الرمل ببنزرت ويترّبع على سقف فضاء تجاري، ليحمل في وجوده رمزيات كثيرة عن الاستهلاك الذي طغا على عقلية المواطن في السنوات الأخيرة وعن حاجة الروح والعقل إلى الثقافة والفن لمقاومة هذا الطغيان.
أفكار جديدة ورؤى متجدّدة حملها القائمون على المشروع الذي تتشابك فيه الفنون وتنصهر فيه كل الأعمار، ليكون مع افتتاحه في الأسبوع الاول من شهر نوفمبر الجاري قبلة لكل من يبحث عن متنفس وعن ملاذ وفضاء لمعانقة الفن.
ولأنهم يؤمنون بأن الفن خلاق الحيوات، وسبيل للتفكير والمقد والتأويل، وعالم آخر ينتشل زائره من قتامة الواقع، حاولوا أن تنويع الأنشطة التي يقدّمها الفضاء فكانت مزيجا من الرقص والموسيقى والمسرح.
وفلسفة الفضاء المعمّد بالأحلام والآمال، تخاطب وعي الطفل وتخبره معنى فعل المواطنة عن طريق الأنشطة التي يقدّمها الفضاء وتعلّمه معنى الحق في الثقافة للجميع ومعنى أن تكون حرا رغم كل القيود.
في بنزرت زرع اوس براهيم وآمال لعويني بذور أحلامهم وفيها تفتّحت وأينعت، وهاهم يهبون الفرح لرواد الفضاء الثقافي ويطرحون أنشطة يلامسون معها السكينة ويستجيرون فيها بالخيال من الواقع.
ولأن الأطفال خلاقو الأمل، وحافظو الأحلام، لهم نصيب من أنشطة مختلفة تتعدّى المسرح والرقص والموسيقى إلى العلاج بالمسرح والصحوة المسرحية التي ترسم طريقا إلى داخل الطفل وتدفعه إلى استكشاف أعماقه ليكون متصالحا معها ومع محيطه.
الأنشطة المختلفة التي يوفّرها الفضاء لن تكون لولا إيمان القائمين عليها بالفعل الثقافي وبدوره في التغيير وفي كسر الرتابة، هم مروان المرنيسي وسارة بولعراس وحسناء الطرابلسي ولينا علوش وآمال لعويني وأوس براهيم.
في الفضاء الموشّح بالرمزيات، لا ينسى القائمون عليه فنانين وهبوا من أرواحهم وذواتهم للفن ولبنزرت وخلّدوا ذكراهم على غرار الموسيقي سليم البكوش والمسرحية مريم الزياني، ولم ينسوا أيضا المنتج الراحل نجيب بن عياد والمسرحية رجاء بن عمار، هو الفن جوهره إنساني وفي العرفان بفضل الآخر كثير من المعاني التي تأبى التفسير.
ا