بورتريه سليم الرياحي/ قد يفشل الرجل مرارا في عمله.. ولكنه لا يعد خائبا إلا إذا بدأ يلوم غيره!

بقلم: محمد عبدلي-

حاملا المصحف بيمينه ومتأبطا برهان بسيّس بشماله دخل سليم الرياحي باحة قاعة كبيرة بأحد نزل قمرت في يوم شديد القيض من شهر جوان 2012 ليتم انتخابه رئيسا جديدا للنادي الإفريقي بعد أن كان وحيدا في السباق..

في ذلك اليوم لم يكن أحد يعتقد أن الرياحي قد نسج على خطى معاوية بن أبي سفيان مكررا تاريخا عمره 11 قرنا حينما اقترح عمرو بن العاص رفع المصاحف على السيوف لخداع علي بن طالب وجيشه..

الجميع لا يزال يستحضر تلك الصورة والرياحي رافعا المصحف مطأطئا الرأس إلى بسيس طلبا للبرهان.. مشهد يقفز إلى الأذهان كلما أطلقنا للذاكرة العنان لتعيد استحضار مشاهد مسرحية نعيش على وقعها فصولها إلى الآن..

الرياحي خدع الجميع كما فعل معاوية ذلك أنه كان يعي أن دخوله إلى القلعة الحمراء والبيضاء ليس سهلا فالأفارقة عرفوا دوما بصعوبة جماهيرهم رغم وفائها كما أن للبيت أهلا لن يرضوا عن طريقة تسلله بينهم لذلك كان القرآن السبيل الوحيد لفرض هدنة تمكنه لاحقا من الاستحواذ على الفريق وتطويعه لخدمة أجنداته السياسية وهو الذي مر من باعث “حويزب” على هامش “الانفجار الحزبي” بعد الثورة إلى ثالث قوة سياسية في البلاد..

رئيس الإفريقي أغلظ اليمين يوم 16 جوان 2012 وأقسم بأنه سيكون حاميا لقيم الفريق وأنه سيعيده إلى سكة الألقاب وإلى مكانته الطبيعية محليا وقاريا فإذا بحاميها يتحول إلى حراميها وليس أصدق انباء من الأرقام التي لا تحتفظ له إلا ببطولة غلب عليها منطق “حلالك وحرامك” ومرتبة رابعة في مناسبتين وأخرى خامسة بفارق رهيب عن ترويكا الصدارة..

وإذا كان الجدب هو السمة البارزة لفترة رئاسة الرياحي إلا أن أخطاءه طيلة السنوات الأربع كانت كارثية وحتى الدعوات التي أطلقت لتصحيح المسار فقد تعامل معها بقول الشاعر “لقد أسمعت لو ناديت حيا – ولكن لا حياة لمن تنادي”..

فشل الرياحي وإصراره على التّملّص منه غيّر كثيرا من موقف جماهير الأحمر والأبيض التي كانت تنتصب مدافعة عنه في سنتيه الأوليين على رأس الفريق متحججة بعدم خبرته قبل أن تعلن يأسها أخيرا من إمكانية أن يصحح مساره..

ولعلّ ما أفسد علاقة الرياحي بالجماهير هو عدم اعترافه بأخطائه فتراه مرة يهاجم الجامعة والتحكيم وتارة أخرى مع الجماهير وحتى حصى الأرض لم يسلم من خصامه وكل ذلك فقط للدفاع عن خياراته الفاشلة.. يقول برنارد شو “قد يفشل الرجل مرارا في عمله ولكنه لا يعد خائبا إلا إذا بدأ يلوم غيره” والرياحي خائب بامتياز أو هكذا نعتقد بعد أربع سنوات تواصلنا معه فيها بشكل كاف ليمكننا من الحكم عليه بجدية..

اليوم تقف النتائج وحدها لتقيم الدليل على مدى فشل الرجل ولكن ستكون السنوات القادمة صعبة على الفريق حتى لو رحل الرياحي ذلك أن انتخابات الجامعة الأخيرة أفرزت تركيبة لا تأثير فيها للإفريقي ولا وجود.. في تكرار لتجربة النجم الرياضي الساحلي في 2012 عندما دخل في صراعات جانبية خلال عهد حافظ حميد غيّبته عن الانتخابات فكانت النتيجة مكتبا جامعيا بتمثيل هزيل لليتوال وهو ما يفسر أنه الوحيد بين الكبار الذي لم يتوج بالبطولة في السنوات الأربع من رئاسة وديع الجريء..

إرث الرياحي الثقيل سيظل لسنوات عائقا أمام الفريق مع كم العداوات التي جناها في عهده إذ لم يسبق أن عانى الإفريقي قبلا من تهجم الفرق الأخرى عليه وهو الذي باتت حافلته ترشق بالحجارة في عدة مناطق..

وعود الرياحي غير المنجزة والوضع الذي تردى فيه الفريق لا يمكن إلا أن تدخل في باب الإخلاف بالوعود وخانة “الحنث باليمين” وعليه قد يكون رئيس الاتحاد الوطني الحر بحاجة إلى نصيحة “الشيخ” في مونبليزير فمن يدري فقد يدلّه “للي فيه الخير”..

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.