بن سدرين تخرق القانون بالتمديد في عمل هيئة الحقيقة والكرامة سنة إضافية؟!

مروى الدريدي-

أقر مجلس هيئة الحقيقة والكرامة، خلال جلساته بتاريخ 15 و26 و27 فيفري الجاري، التمديد في مدّة عمل الهيئة بسنة إضافية، على أن تنهي الهيئة أعمالها يوم 31 ديسمبر 2018، وفق روزنامة محدّدة في الغرض. 

وبررت هيئة الحقيقة والكرامة أن قرارها باستحالة استكمال مهامها في موفى ماي 2018، وفق ما تمّ تفصيله في التّقرير السّنوي لسنة 2016، وذلك لأسباب عديدة.

وقد أثار هذا القرار ردود فعل متباينة من رأى أن الهيئة تجاوزت صلاحياتها باتخاذ قرار التمديد دون الرجوع للسلطة التشريعية وبين من يري أنه يحق لها اتخاذ هذا القرار بناء على قانون العدالة الانتقالية المنظم لعملها.

التمديد من مشمولات الهيئة

مساعد رئيس مجلس نواب الشعب المكلف بالعلاقات مع السلطة القضائية والهيئات الدستورية الحبيب خضر، قال في تصريح لحقائق أون لاين “إن هذا الموضوع يتضمّن وجهتي نظر قانونيتين، الأولى والتي أرجحّها تجعل التمديد من مشمولات مجلس هيئة الحقيقة والكرامة الذي يكون ملزما بإعلام البرلمان بقراره الذي يجب أن يكون معلّلا”.

أمّا وجهة النظر الثانية وفقا للحبيب خضر تتمثل في رؤية البعض أن هذا القرار لا يعود لمجلس الهيئة فهو فقط يقترح وتعود صلاحيات أخذ القرار النهائي للبرلمان، مشيرا إلى أنه لا يرجّح هذه الرؤية وأن النص القانوني ينص على أنه من مشمولات مجلس الهية أخذ القرار.

غموض وثغرة في النص القانوني

الخبير في القانون الدستوري جوهر بن مبارك، قال في تصريح لحقائق أون لاين، إن الفصل 18 من قانون العدالة الانتقالية ينص أنه” حدّدت مدّة عمل الهيئة بأربعة سنوات قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة بقرار معلّل من الهيئة ويرُفع إلى المجلس المكلف بالتشريع قبل ثلاثة أشهر من نهاية مدّة عملها”.

وتابع جوهر بن مبارك بالقول:” رغم وجود بعض الصعوبات في تأويل النص القانوني إلاّ أنه واضح في جزئه الأول وغير واضح في الجزء الثاني، فالنص القانوني منذ البداية ينص بوضوح على أن قرار التمديد من مشمولات الهيئة لكن الجزء الثاني لم يحدد إن كان رفع القرار للمجلس المكلف بالتشريع لمجرد الاعلام فقط  أم هناك غاية أخرى، لأن النص لم يستعمل عبارة التصويت أو المصادقة بمعنى أن النص يبقى حرفيا محدودا جدّا وضيقا”.

وبيّن بن مبارك بأن رفع القرار إلى مجلس نواب الشعب لا يعني إلاّ الاعلام، وإذا كان المشرع أراد إعطاء البرلمان صلاحية التصويت لأشار إلى ذلك صراحة، وأسند اختصاصا واضحا للبرلمان، معتبرا أن صياغة هذا القانون رديئة وغير موفقة وضبابيّة وتخلق عديد الاشكاليات في التأويل.

ولم يختلف رأي رئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان، الطيب المدني، عن رأي خبير القانون الدستوري جوهر بن مبارك، في غموض الجزء الثاني من الفصل 18 من قانون العدالة الانتقالية المنظم لعمل هيئة الحقيقة والكرامة، مشيرا إلى أن التمديد من مشمولات الهيئة وهو أمر واضح لا غبار عليه ويجب احترامه.

واستدرك بأن الغموض يكمن في أسباب رفع القرار للبرلمان (لماذا) وهو ما سكت عنه النص القانون، الأمر الذي يحيل على أن رفع القرار هو بغرض الاعلام فقط، مؤكدا أن الاجراءات التي اعتمدتها قانونية وبإمكانها التمديد ويبقى اعلام المجلس بكونه المراقب لهذا القرار وليست له أية سلطة عليه.

استنزاف لموارد الدولة

وبخصوص إن كان المشرع قد تعمّد جعل النص بهذا الغموض ولم يحدد دور البرلمان، قال الطيب المدني “أعتبر دائما أن النقص في النصوص القانونية يظهر دائما عند التطبيق وتجربة تلك النصوص، وقد يكون المشرع قد ضُغط بالوقت وذو تجربة حديثة ولم يكن يتصور الوقوع في هذا الاشكال فجاء النص بهذا الشكل لكن لا أعتقد أنه تعمد ذلك”.

واعتبر المدني في سياق متصل أن دور الهيئة يبقى سلبي للغاية لأن المواطن المتضرر لم يستفد منها والتمديد انما هو مزيد من الاستنزاف لموارد الدولة التي ستتكبّد 10 ملايين دينار اضافيّة.

قرار للنظر فيه بالبرلمان

وسيبنظر مكتب مجلس نواب الشعب في مراسلة وردت مساء الثلاثاء من هيئة الحقيقة والكرامة بخصوص طلب التمديد لعملها بسنة إضافية، في أول اجتماع له سيتم فيه تدارس فحوى هذه المراسلة قبل أن يتخذ مكتب المجلس قرارا بتمرير طلب التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة للجلسة العامة لمجلس نواب الشعب من عدمه.

 

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.