يسرى الشيخاوي-
بعد انقطاع دام إثنتي عشرة سنة يعود مهرجان الأغنية التونسية في دورته العشرين بفلسفة مغايرة حملت معها تقليدا جديدا يتمثل في الندوات الفكرية التي تبحث مسائل متعلّقة بالأغنية التونسية.
وبالإضافة إلى السهرات الفنية، يعقد المهرجان ثلاث ندوات فكرية بإشراف الفنان صالح حميدات تلتئم أيام 31 مارس و1 و2 أفريل 2021، تتعلق الأولى بمهرجان الأغنية التونسية الواقع والآفاق وستتطرق إلى مراحل تأسيسه وإلى فلسفة الدورة العشرين وأهدافها.
أما الندوة الثانية، فتخصّ فن الاتصال وسيتم الحديث فيها عن الاتصال وسيلة لترويج الأغنية التونسية وستعرض شهادات لتجارب ناجحة في هذا المجال، فيما تُعنى الندوة الثالثة بالأغنية التونسية وإشكاليات الإنتاج وسبل الدعم.
وكانت أولى الندوات الفكرية التي انتظمت، أمس الأربعاء، فضاء لمناقشة مهرجان الأغنية التونسية وآفاق تطويره على ضوء الرؤية المغايرة التي انتهجتها الهيئة المديرة للدورة العشرين من خلال مداخلتين لمؤسس مهرجان الأغنية الفنان فتحي زغندة والمستشار الفني لمهرجان الأغنية الفنان الشاعر حاتم القيزاني.
وإن تحدّث الشاعر حاتم القيزاني عن فلسفة الدورة الحالية للمهرجان من خلال التفكير في مرتكزات أخرى إلى جانب السهرات الفنية والمسابقات، فإن مداخلة مؤسس مهرجان الأغنية الفنان الملحن فتحي زغندة تضمّنت بعضا من تاريخ مهرجان الأغنية ومراحل تأسيسه.
وشملت المرتكزات الأخرى لمهرجان الأغنية في هذه الدورة، الندوات الفكرية وتخصيص حصة تلفزية تعنى بالتحضيرات للمهرجان بالشراكة مع التلفزة الوطنية وتنظيم معرض لصور أعلام الموسيقى ومعرض للمراجع والمؤلفات الموسيقية بالشراكة مع المكتبة الوطنية.
كما حملت فلسفته الجديد ة بعدا آخر يتسم بالانفتاج على الجهات والقطع مع المركزية من خلال تنقل أعضاء الهيئة المديرة إلى الجهات وعقد لقاءات مع الفاعلين في لمشهد الموسيقي إلى جانب تشريك فنانين من الجهات في اللجان وتنظيم عروض في الجهات شملت كل من توزر وجندوبة.
وفي الجزء المخصص للحديث عن مراحل تأسيس المهرجان منذ سنة 1987، عرّج الفنان الملحن فتحي زغندة على الفترة التي سبقت المهرجان والتي اتسمت ببروز مهرجانات على غرار مهرجان صليحة ومهرجان علي الرياحي.
وفسّر الكلمات المكونة للمهرجان اصطلاحا ليطرح عديد التساؤلات بخصوص ماهية الأغنية التونسية أو اللون التونسي ولينتهي إلى تعريفه على أنه عصارة لما أفرزته أرض تونس من خصائص وهو ما ينطوي على لمسة تونسية.
وفي استعادة لبعض من ملامح الدورة التأسيسية لمهرجان الأغنية، تحدّث عن نجاحها فنيا وتنظيميا وإعلاميا وعن تضمن هذا النجاح لأسباب كادت تذهب به إلى الفشل إذ اشتدّ الجدل مع تتالي الدورات ومثلت نتائج لجان التحكيم إشكالا ببروز متظلمين في كل دورة وهو ما دفع إلى إلغاء الجوائز في إحدى الدورات.
وإن كان للمهرجان انعكاسات ايجابية من خلال حث المبدعين في مجالات التلحين والشعر والغناء على الإنتاج وهو ما تترجمه الإنتاجات القيمة حينها إلا أنه بقي يتخبّط في إشكاليات عقيمة أغلبها غير موضوعي، وفق حديث الفنان فتحي زغندة الذي أكّد أنه كان عرضة للسياط والسيوف والانتقادات بسبب التحكيم الذي لا ينطوي على مقاييس علمية ويخضع إلى الذائقة في جانب منه.
ولم يفوت المناسبة للحديث عن حيرة الفنان التونسي أواسط التسعينات أمام اتجاه وسائل الإعلام الوطنية إلى دعم الاغاني الوافدة من المشرق أو الخليج وظهور شركات الانتاج.
وتضمنت المداخلة المخصصة للحديث عن مراحل تأسيس المهرجان، تشخيصا لواقع الأغنية التونسية اليوم وهو يشبه واقعها في أوائل القرن الماضي ويتميز بسطوة الأغاني غير التونسية وتساؤلات عن مدى استجابة الأغنية التونسية لحاجة الجمهور وعن مكانة الفنان التونسي وعن دور وزارة الشؤون الثقافية في الدعم وعن الجدوى من استغلال الأغاني التونسية في الإشهار.
*الصورة لمؤسس مهرجان الأغنية الملحن فتحي زغندة من الصفحة الرسمية للمهرجان