بعد عرضها بفضاء الريو… “عقاب جواب” تثير تفاعل النقاد…

محمد علي الصغير-
ليس من باب المبالغة أو الاطراء أن نقول أن مسرحية "عقاب جواب" للمخرج محمد علي سعيد قد نجحت في خلق الاستثناء في زمن طغت فيه الرداءة وعمّ فيه الابتذال وأصبحت معظم الأعمال الفنية وخصوصا المسرحية منها مجرّد عملية ملء للفراغ سواء عبر اجترار الموجود او الايغال في "التحديث" الى درجة "تهجين" العمل المسرحي.
 
على بساطتها كانت "عقاب جواب" المستوحاة من نص للكاتب الفرنسي ايريك ايمانوال شميث بمثابة بصيص الأمل الذي أشعّ في ظلمة هذا المشهد الثقافي القاتم. اذ بفضل رؤية اخراجية متميزة لمحمد علي سعيد ودراماتورجيا في غاية الاتقان والدقة من الفنان معز حمزة وآداء معانق للابداع للثلاثي "المقدس" ناجي قنواتي ومريم قبودي وحمودة بن حسين وتوضيب ركحي متماه مع خصوصية العمل من انجاز مراد بن خديجة، تمكنت هذه المسرحية في عرضها يوم الجمعة الفارط في قاعة الريو من احداث نوع من الرجّة لدى عموم الحاضرين خصوصا من أبناء القطاع المسرحي. 
 
ما ميز هذا العرض الجديد هو تقمّص الشخصيات للدور أكثر فأكثر واتقانها بشكل مطلق الى درجة الانصهار داخلها. ولعل نجاح المخرج في "تفصيل" الأدوار على "مقاس" الممثلين كان له الأثر الإيجابي في اتقانهم لأدوارهم بشكل لافت.
 
 
ويعتبر "انبهار" الأستاذ والناقد المسرحي محمد مؤمن بهذا العمل من بين النقاط المضيئة لهذه الأمسية المسرحية التي أعدها الحبيب بلهادي المنتج والموزع وصاحب فضاء الريو. اذ لم يخف الأستاذ محمد مؤمن خلال النقاش الذي تلى العرض استغرابه من وجود أعمال إبداعية في حجم "عقاب جواب" دون ان تحظى بالدعاية المطلوبة. واعتبر مؤمن الذي قضى مسيرته في النقدية عبر متابعة المسارح الحديثة كتابة ونقدا وبحثا، أن مخرج هذا العمل قد نجح في تبليغ الرسالة التي تضمنها النص المسرحي بكل سلاسة وبساطة دون الاعتماد على عناصر سينوغرافيا معقدة ومركبة كتلك التي يعتمدها اليوم عدد من المخرجين.
 
كما لم يغض أستاذ الفن المسرحي الذي اعتمد في مناهجه التدريسية العديد من الأعمال المسرحية المتفردة مثل "فاميليا" للفاضل الجعايبي و"كاليغولا" للفاضل الجزيري وغيرها، الطرف عن الاعتماد المدروس لآلة الكمنجة في المقاطع الموسيقية المصاحبة للعرض والتي اختزلت آلام الشخصية وهمومها. 
 
النقاش حول هذا العمل المسرحي الذي تواصل إلى حدود ساعة متأخرة كان فرصة للحديث عن العديد من الجوانب المتعلق بالمسرح التونسي عموما وبالمسرح الحديث خصوصا. وقد تميز محمد مؤمن بمداخلاته القيمة التي عكست زاده المعرفي وإلمامه الكبير بالشأن المسرحي.
 
وللتذكير فان "عقاب جواب" تجسّد تجربة أحد المصابين بمرض السرطان اثناء اقامته بالمستشفى اين يتعرف على المرأة ذات الرداء الأحمر التي تنصحه بكتابة رسائل الى الله في طرح فلسفي يترجم الكم الهائل من الأسئلة التي تخامر الانسان في علاقته بالأنا والآخر وفي علاقاته بالخلق والخالق. كم هائل من التساؤلات التي يختزنها صدر البطل ويحاول هذا الأخير التخلص منها عبر مراسلة الله..
 
 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.