برامج المواهب: شهرة سهلة المنال.. وسقوط مدوّ في الإبان!

أمل الصامت –

أخذت برامج المواهب في نسخها المقلدة للبرامج العالمية حيزا هاما من المشهد السمعي البصري في العالم العربي عموما وفي تونس خصوصا خلال السنوات الأخيرة، أساسا تلك التي تروج للأصوات الشابة، على غرار “أراب أيدول”، “ذي فويس”، “انت ستار”، “ستار أكاديمي”، وغيرها لايحصى ولا يُعدّ.

ولعلّ ما ساعد على انتشار هذا النوع من البرامج مشاركة كبار الفنانين فيها في ما يسمى بلجنة التحكيم، كما لا يستطيع أحد إنكار القيمة الفنية للمتسابقين فيها، حيث شهدت هذه النسخ المقلدة حضور عديد الأصوات المتميزة سواء من تونس أو غيرها من البلدان العربية والإفريقية.

أسباب خفية؟

عديد البلدان العربية تشهد فقرا ملحوضا على مستوى الانتاج الفني وإيلاء المواهب اهتماما خاصا لمساعدتها على الظهور في الساحة الغنائية، ولئن كانت التكلفة المادية المرتفعة سببا أساسيا في هذا المشكل، إلا أن ظهور برامج المواهب العربية ساهم بشكل كبير في استسهال طريق الشهرة من قبل أصحاب الموهبة.

ويتجسد هذا الاستسهال في الشهرة المجانية التي يمكن أن يقدمها هذا النوع من البرامج للفنان الصاعد الحالم، عندما تتاح له الفرصة لتقديم موهبته من خلال أكثر القنوات مشاهدة عبر العالم العربي كتلفزيون الأم بي سي على سبيل المثال لا الحصر.

نماذج حية…

أسماء تونسية كثيرة عرفها المتتبعون لمثل هذه المنوعات، اختفت بسرعة فور خروجها من سباقات المواهب هذه، بل حتى القليلون الذين وصلوا لمراحل متقدمة فيها لم يبقى منهم على الساحة سوى قلة قليلة ممن حالفهم الحظ في تصوير أغنية على طريقة الفيديو كليب قبل أن يبدأ موسم جديد من البرنامج الذي شارك فيه أو آخر منافس له.

شيماء الهلالي، أحمد الشريف، أماني السويسي، نادر قيراط، حسن خرباش… كل هذه أسماء لمواهب غنائية تونسية شابة لاقت صدى كبيرا على المستويين الوطني والعربي بل حتى العالمي أحيانا، تابعتها من الجماهير أعدادا مهولة تجسدت من قبل عملية التصويت التي تقوم عليها المسابقات التي شاركوا فيها للتحول من مرحلة إلى أخرى إلى حين بلوغ النهائيات… لكن هل مازال هؤلاء يتمتعون بنفس الصدى الذي عاشوه زمن المسابقة؟

بلد الاستثناء!

تونس الوحيدة تقريبا من بين البلدان التي شارك أبناؤها في برامج المواهب التي كانت في كل مرة تستقبل فنانها العائد من المسابقة إلى أرض الوطن، سواء فاز باللقب أم لا، بالورود والترحيب وتغطية اعلامية محترمة، ثم تقع استضافتهم في بعض القنوات المحلية الخاصة للحديث عن التجربة في جانبيها الإيجابي والسلبي، ثم يُسدل عليهم الستار إلى حين إشعار آخر أو عودة مواهب جديدة في مواسم قادمة…

سقوط يسبق الصعود!

الغريب أن حديث هؤلاء الشباب عن تجاربهم كانت في مجملها متشابهة إن لم نقل موحدة من قبيل: “التجربة جميلة وممتعة والمهم الوصول إلى قلوب الجماهير والحصول على محبة المشاهدين”…

ويلخص هذا النمط من الإجابة نظرية من يكسب بسهولة يضيع ما كسبه بسرعة، لأنه في الوصول إلى قلوب الآخرين والفوز بهم كمتابع وفيّ يقتصر على الديمومة في الابداع، وهو ما لا يحصل غالبا مع متسابقي برامج المواهب بعد خروجهم من المسابقة، إما لإهمال منهم وإسهاب في الفرح بشهرة مؤقتة، أو لتقصير من القائمين على الانتاج الفني في بلدانهم، وفي تونس غالبا ما يجتمع السببان، فيلجأ الفنان من هؤلاء إلى الهجرة لبلد عربي يرى أن حظوظ النجاح فيه أوفر، أو يبقى في البلاد ليحيي الأعراس أو يغني في المطاعم والحفلات الخاصة.

يبقى السؤال المطروح: هل تساهم برامج المواهب العربية طريقا للشهرة وفرصة ما من خيار آخر أفضل منها لبلوغ النجومية؟ أم أن شهرتها أشبه بالأكلة السريعة التي تشبع ولكن لا تغني من جوع؟

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.