بداية سقوط الأقنعة..والسير نحو المجهول!

باعلان الوزير المكلّف بالعلاقات مع مجلس نواب الشعب لزهر العكرمي استقالته من الحكومة اليوم الاثنين،يكون الجسم الحكومي قد دخل مرحلة التشظي بعد الأعراض المرضية التي برزت منذ فترة على أدائه الوظيفي.

من المهم القول هنا إنّ الاستقالة ليست بالمفاجأة المدويّة كما وصفها البعض،فأسبابها الباطنية والمخفيّة الذاتيّة أكثر تأثيرا من الأسباب الموضوعيّة التي كشف عنها العكرمي.

إنّ خروج عضو حكومي بوزن العكرمي وهو القيادي المؤسس في حركة نداء تونس الحزب الأغلبي في البرلمان وقلب الرحى في العملية السياسيّة المنبثقة عن انتخابات أكتوبر 2014،بهذه الطريقة المثيرة للجدل يعكس طبيعة الائتلاف الحاكم و حقيقة الوضع السياسيّ بشكل عام في البلاد الذي بني على أسس هشّة فرضها الأمر الواقع القائم على المداهنة و المواربة و الضرب تحت الحزام.

استقالة العكرمي لا يمكن أن تفسّر فقط بخيبة أمل هذا الأخير في تحقيق التغيير عبر سلطة سياسيّة جديدة شكّلت مشهدا نمطيّا أشبه بالحفل التنكرّي المحكوم بتوازنات و مصالح متقاطعة خاصة بين حزبي النهضة والنداء في ظلّ تواصل منظومة تتمترس خلف أساطينها دفاعا عن امتيازاتها.

إنّ انسلاخ الناطق الرسمي السابق باسم حركة نداء تونس من حكومة الصيد هو مؤشر على بداية سقوط الأقنعة صلب الائتلاف الحكومي الذي تمخضت عنه حكومة "هجينة" فاقدة لسند قوّي وهي التي غابت عنها الروح السياسيّة  كما تقتضيها المرحلة الرّاهنة.

هذه الاستقالة والتي كانت مدروسة من حيث التوقيت و الشكل و المضمون،ليست إلاّ شجرة صغيرة تخفي خلفها رهانات صاحبها الذي أراد العودة إلى الواجهة السياسيّة-الحزبية اعتمادا على فلسفة الصدمة النفسيّة.

لقد رام العكرمي العودة إلى النداء الذي يعيش على وقع معركة الخلافة  بين إخوة أعداء بعد رحيل الأب المؤسس الباجي قائد السبسي إلى قصر قرطاج،وذلك من بوابة الاعلان عن نفسه بطريقة مبطنة منافسا جديّا لقيادة الحركة في المرحلة المقبلة وهو الذي سبق أن أعرب عن طموحه للمراهنة على الأمانة العامة خلفا للطيب البكوش.

إنّ تخلّي العكرمي عن كرسيّه في الفريق الحكومي و من قبله عضويته البرلمانية، ليس من قبيل الزهد السياسي ،بل هو أعمق من ذلك بكثير فالرجل الذي كان ينتظر حظوة أكبر و دورا أهم في المشهد الحالي يرى في شخصه لاعبا رئيسيا له القدرة على قيادة السفينة الندائية التي تتلاطمها أمواج عاتية من الخلافات و الانقسامات المحكومة بلعبة التموقع و حرب الخلافة التي دُقّت طبولها بشكل لم يعد معه مجال للشكّ أنّ الحزب الذي أعاد التوازن للحياة السياسيّة و البلاد بصفة عامّة،اللذين يسيران معا نحو مستقبل مجهول لا سيما في مرحلة ما بعد الشيخين،و في ظلّ وجود معارضة ضعيفة عجزت عن تقديم بديل حقيقي للرباعي الحالي المكوّن للائتلاف الحكومي.

 

آخر الأخبار

الأكثر قراءة

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.