اضاءات قانونية: “التسوية الرضائية” للمؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية

بقلم الأستاذ نادر الخماسي محامي وباحث في القانون-

تعتبر مرحلة الإنقاذ من أهم المراحل التي جاء بها قانون إنقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية والهدف في هاته المرحلة هو مساعدة المؤسسة على مواصلة نشاطها وبالتالي الوفاء بديونها وضمان استمراريتها. 
 
وتتضمن مرحلة الإنقاذ عديد الآليات القانونية المتاحة لتسوية النزاعات والتداين بين المؤسسة ومجموعة دائنيها وهاته التسوية تكون إما رضائية أو قضائية. 
ونعني بالتسوية الرضائية الاتفاق المبرم بين المؤسسة التي تمر بصعوبات اقتصادية لكنها لم تتوقف عن الدفع ودائني هاته المؤسسة، ويمكن الانتفاع بالتسوية الرضائية بمجرد تقديم مطلب كتابي من مسير المؤسسة أو صاحبها إلى رئيس المحكمة الابتدائية التي بدائرتها مقر المؤسسة، ويحتوي هذا المطلب على الوثائق المنصوص عليها بالفصل 417 من المجلة التجارية.
 
وتقوم التسوية الرضائية على المصالحة بين المؤسسة ودائنيها، وهاته المصالحة تتم إما من قبل لجنة متابعة المؤسسات الاقتصادية وفي هاته الحالة تكون مجانية أو من قبل مُصالح يعيّنه رئيس المحكمة الابتدائية ويحدد أجرته والتي تُحمل على المَدين، ويمكن لرئيس المحكمة تغيير هذا المُصالح في صورة وجود سبب جدي وحقيقي بطلب من المَدين في أجل لا يتجاوز 8 ايام من تاريخ تعيينه.
 
وتضبط قائمة المصابين بمقتضى قرار من وزير العدل كما يُمكن أن يقوم بدور المُصالح محامي المؤسسة وفي ذلك إيجابيات عديدة لكونه هو العالم بوضعية المؤسسة من الناحية القانونية.
 
ويتولى المصالح: 
-التوفيق بين المَدين ودائنيه خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة لمدة شهر
-طلب معلومات عن حالة المؤسسة 
-يوافي رئيس المحكمة كل شهر بتقرير حول تقدم الأعمال ويعرض عليه مايراه من معلومات
 
هذا وفي صورة فتح إجراءات التسوية الرضائية فإن رئيس المحكمة الابتدائية لا يمكن له مبدئيا تعليق إجراءات التنفيذ التي يكون موضوعها: 
-استخلاص دين سابق لتاريخ فتح التسوية الرضائية 
-استرجاع منقولات أو عقارات 
-تنفيذ حكم متعلق بمستحقات العملة 
غير أنه إذا كانت هاته الإجراءات التنفيذية من شأنها أن تعرقل انقاذ المؤسسة فإنه يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية تعليقها وفي هاته الصورة فإنه يتوجب عليه استدعاء الدائن والكفيل والضامن وكل مدين وذلك لسماع جوابهم، كما يمكنه تعليق آجال السقوط بناء على ذلك.
 
ماهو محتوى اتفاق التسوية الرضائية؟ 
إن تحديد شروط اتفاق التسوية الرضائية يحكمه مبدأ الحرية، فالأطراف لا يخضعون إلى أي قيود والقاضي لا يمكنه أن يتدخل في مضمون اتفاق التسوية الرضائية ويمكن أن يشمل هذا الاتفاق جدولة الديون والحط منها وايقاف سريان الفوائض.
 
وتكون جدولة الديون لفترة لا تتعدى الثلاث سنوات وهناك ديون لا يمكن جدولتها، مثال الديون الصغيرة في حدود 5% من مجمل الديون.
 
وعموما فإن اتفاق التسوية المصادق عليه من قبل رئيس المحكمة الابتدائية يجب إدراجه بكتابة المحكمة وبالسجل الوطني للمؤسسات وإعلام  لجنة متابعة المؤسسات الاقتصادية به. 
 
ماهي نتائج التسوية الرضائية؟
 
يمكن تقسيم هاته النتائج إلى ثلاث نتائج:
 
اولا – في صورة عدم التوصل إلى الاتفاق فإن مدة التسوية الرضائية عملا بالفصل 425 من المجلة التجارية هي ثلاث اشهر مبدئيا يسعى من خلالها المصالح إلى التوفيق بين المَدين ودائنيه ويمكن أن يمدد هذا الأجل بشهر واحد بقرار من رئيس المحكمة، وخلال فترة التسوية الرضائية يمكن للأطراف الاتفاق، وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق فإن المصالح يعلم فورا رئيس المحكمة الابتدائية الذي يمكن له وضع حد لإجراءات التسوية الرضائية وفتح إجراءات تسوية قضائية اذا تبين أن المؤسسة متوقفة عن دفع ديونها. 
 
ثانيا- في صورة الاتفاق فإنه يترتب عن اتفاق التسوية بالنسبة للدائنين المشمولين به تعليق إجراءات التنفيذ الراجعة إلى استخلاص دين سابق عن التسوية أو إلى استرجاع منقولات أو عقارات بسبب عدم أداء دين حتى نهاية مدة الاتفاق. 
وفي حالة فتح إجراءات التسوية القضائية أو التفليس فإن الدائن الذي قبل ضمن اتفاق التسوية الرضائية مساعدة المؤسسة له الأولوية في استخلاص دينه.
 
ثالثا- في صورة الإخلال بالاتفاق، في هاته الحالة يمكن المطالبة بفسخ اتفاق التسوية الرضائية وهذا الفسخ يمكن المطالبة به على معنى الفصل 430 من المجلة التجارية، اذا أخلّ المَدين بتعهداته عن اتفاق التسوية الرضائية تجاه أحد دائنيه، وبالتالي يمكن لكل من له مصلحة أن يطلب من المحكمة فسخ الاتفاق وإسقاط الاجال الممنوحة للمدين وارجاع الاطراف إلى الحالة التي كانوا عليها في ما لم يقع دفعه من ديون.
 
كما يمكن أن يكون الفسخ بحكم القضاء وذلك دون طلب من الأطراف، وفي حال صدر ضد المدين خلال فترة التسوية الرضائية قرار بفتح إجراءات التسوية القضائية أو التفليس، يفسخ اتفاق التسوية الرضائية وجوبا ويسترجع الدائنين كل حقوقهم بعد طرح ما توصلوا به بمقتضى التسوية الرضائية.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.