انـتخابات الـبرلمان تُحيي الـتيـار الـقـومي في تـونس

  بسام حمدي-

 
أحيت نتائج الانتخابات التشريعية في تونس التيار القومي العروبي ووضعته في المراتب المتقدمة للأحزاب التي فوضها الشعب التونسي ممثلة له في السلطة التشريعية بعد أن كانت تتذيل ترتيب الأحزاب في الاستحقاقات الانتخابية الماضية، فخلافا للتيارات السياسية الأخرى، اليسارية، البورقيبية والدستورية،و الاسلامية، لم يتمكن القوميون في تونس خلال الاستحقاقات الانتخابية السابقة التي جرت بعد ثورة 2011 من حصد عدد هام من المقاعد واكتفوا بحصول على مقعدين أو ثلاث.
 
ومنذ عشرينات القرن الماضي ظل التيار القومي في تونس يتملس الطريق ليكون من صناع القرار السياسي، لكنه ظل في دائرة التيارات المعزولة رغم تجذره وتعرض قياداته لانتهاكات في عهدي الرئيسيين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي. 
 
وفي انتخابات 2019 بتونس، صعد التيار القومي الى مرتبة تمنخ وزنا سياسيا ثقيلا يقدر من خلاله على مجاراة المشهد السياسي، وكشفت استطلاعات الرأي لدى خروج الناخبين من لجان التصويت في الانتخابات البرلماني أن حركة الشعب ذات التوجه القومي العروبي حلت في المرتبة الخامسة بحصولها على 15 مقعدا في مجلس نواب الشعب من ضمن 217 نائبا.
 
ورغم الانقسام الذي حصل بحركة الشعب وانشطارها الى نصفين، حزب حركة الشعب وحزب التيار الشعبي، إلا أنها كسبت ود الكثير من التونسيين وراهنت في برنامجها على خيارات اجتماعية تتقاطع مع خيارات عدد هام من النقابيين. وحققت الحركة القومية تقدما هاما ووسعت خزانها الانتخابي ورفّعت في ثقة التونسيين تجاهها بعد أن تحصلت سنة 2014 على مقاعد فقط وحلت في المرتبة الثامنة من بين الأحزاب المترشحة فيما تحصلت في انتخابات المجلس التأسيسي على مقعدين فقط. 
 
وحصد بدوره المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة، الصافي سعيد، وهو من المدافعين عن القومية العربية عن مقعد بعد ترشحه في قائمة مستقلة "نحن هنا" بدائرة تونس 2 علما وأنه كان مدعوما من حركة الشعب في سباق الرئاسة.
 
وتطرح حركة الشعب، نفسها في المشهد السياسي كحزب سياسي تونسي ذى توجه ناصري  ترجع جذورها إلى مجموعة "الوحدويون الناصريون بتونس" التي كانت تنشط كتيار معارض لزين العابدين بن علي، قبل أن تتحصل على التأشيرة القانونية في 8 مارس 2011 . 
 
ويعد المعارض السياسي الراحل، الشهيد محمد البراهمي، والمعيد السابق للمحامين بشير الصيد من أبرز الشخصيات السياسية المساهمة في تأسيس حركة الشعب المؤمنة ببناء الوحدة العربية ذات الأفق الاشتراكي الديمقراطي. 
 
وتُقدم حركة الشعب برنامجها بالمدافع عن الخيار الاجتماعي و المدافع عن حق شعبه في حياة كريمة ويتمسك في خياراته بالتّنسيق و التّشاور مع القوى الاجتماعية من أجل انقاذ البلاد و اقتصادها و حماية شعبها من الهيمنة و الليبرالية المتوحّشة و مخاطر الارهاب والتكفير.
 
ويبدو أن حركة الشعب جاءت في ترتيب متقدم في نتائج انتخابات البرلمان لسنة 2019 لاعتبارين اثنين، أولهما كسب ثقة الناخبين الذين يدعمون الصافي سعيد، وثانيهما أن الرجل الأول في الحركة زهير مغزاوي نجح في مغازلة آلاف النقابيين بخطاب يتماشى ورؤية الاتحاد العام التونسي للشأن السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
 
وعلى عكس الصافي سعيد، الذي اختار لنفسه خطابا ثوريا "عدوانيا" لكل من يخالفه، سرت حركة الشعب في منهج النقد البناء والموضوعي لمنافسيها وللوضع العام للبلاد وتخلت عن الطرح الايديولوجي "الجاف" والمتطرف وهو ما جعلها تدخل نفوس نسبة هامة من التونسيين.
 
وعلى ضوء نتائج انتخابات البرلمان اختارت حركة الشعب أن تكون في صف الكتل المعارضة في الحزب معلنة رفضها المشاركة في تشكيل الحكومة والتحالف مع الأحزاب التي ستشكل الائتلاف الحكومة الجديد.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.