يحلم عديد الشبان التونسيون…
يحلم عديد الشبان التونسيون بالهجرة لاستكمال دراساتهم في الخارج املا منهم في الحصول على ظروف عمل أنسب خاصة في ظل تفاقم أزمة البطالة في تونس ولكن حلمهم بفتح آفاق جديدة تواجهه عدّة مشاكل عى غرار الحصول على الفيزا وهو ما يجعلهم يلجأون إلى الوكالات العاملة في التوسط للطلاب.
وفي هذا السياق أجرت وكالة الأنباء الألمانية تحقيقا عن أمل الشباب التونسي في الهجرة إلى ألمانيا وفيما يلي نص التحقيق:
"على واجهة بيوت مقابلة للسفارة الألمانية، برز حلم كثير من الشباب التونسي، حيث تروج إحدى الوكالات العاملة في التوسط للطلاب للحصول على تأشيرة دراسية بعلم ألمانيا ذي الألوان الأسمر والأحمر والذهبي لنفسها، بحثا عن زبائن.
وهناك على اللافتة، إلى جانب الرسالة الأصلية التي تسعى الوكالة لإيصالها، صور لطالبات شابات،وعد للراغبين في الدراسة في تسجيلهم في الجامعة والتقدم لهم بطلب الحصول على تأشيرة بما في ذلك التقديم لهم من أجل دراسة اللغة في ألمانيا.
يبدو الأمر وكأنه عرض شامل للراغبين في الإقامة بألمانيا يحمل تأكيدا على أنهم ليسوا بحاجة للقلق بهذا الشأن.
عن ذلك قال الشاب طارق (تم تغيير الاسم الحقيقي): "ظننت أن باستطاعتي ،من خلال هذه الوكالة، أن أفتح لي آفاقا جديدة من خلال الدراسة في ألمانيا.. ولكني فقدت الآن عاما من عمري ولازلت أنتظر استرداد أكثر من 3000 يورو".
يبلغ طارق من العمر 27 عاما وأتم بالفعل دراسة الماجستير في إحدى جامعات تونس، ولكن ولأن نحو واحد من بين كل ثلاثة من خريجي الجامعات في تونس بلا وظيفة، فقد أراد طارق السفر لألمانيا "أوصتني الوكالة بجامعة في برلين، وقالت لي إن ذلك سينجح" حسبما قال طارق الذي دفع للوكالة رسوم دورة اللغة في ألمانيا.
تقوم الوكالة بصياغة خطاب التزكية للحصول على تأشيرة الدراسة في ألمانيا، وتتولى توفير الوثائق المطلوبة.ولكن وبعد نصف عام من تقديم الطلب جاء الرفض من السفارة في صيف عام .2017
يبدو أن العمل في مجال التوسط في الإقامات الدراسية في ألمانيا مربح في العالم العربي، فبعد أن كان عدد الوكالات العاملة في هذا المجال لا يزيد عن حفنة في أعقاب ما يسمى الربيع العربي عام 2011 ،فإن عددها يقدر الآن بنحو 30 وكالة، حسبما أوضح أمين بن يدير، مدير وكالة "جيتوسيون"، إحدى أكبر وكالات السمسرة في تونس، مضيفا: "للأسف هناك في السوق نعاج سوداء تدمر سمعة القطاع بأكمله".
في السنوات الأربع الأخيرة تزايد عدد الطلاب القادمين من شمال أفريقيا و الشرق الأوسط بواقع الضعف، فبعد أن كانت ألمانيا تمنح عام 2013 نحو 4500 تأشيرة للدراسة أو لدورات اللغة للطلاب القادمين من المنطقة، ارتفع هذا العدد من التأشيرات إلى نحو 7500 تأشيرة العام الماضي، أكثرها لطلاب من مصر ولبنان وتونس.
ولكن الشعور بالإحباط جراء رفض طلب الحصول على تأشيرة ليس مرتفعا بين الطلاب فقط، بل لدى مؤسسات في ألمانيا: "حيث لاحظنا منذ عام 2016 أنه يتم رفض طلبات الكثير من الراغبين في دراسة اللغة من تونس" حسبما أوضحت هايدرون اِنجليرت من مركز "انلينجوا" للغة في مدينة شتوتجارت الألمانية.
وأضافت "فبعد أن كان نحو 90% من المتقدمين بطلب للمشاركة في دورة لغوية يحصلون بالفعل على تأشيرة، انخفضت هذه النسبة العام الماضي إلى قرابة النصف".وتابعت انجليرت إنه كان لديها انطباع بأن وكالات الدراسة تحاول احتواء جميع الطلاب، سواء كانوا يتمتعون بفرص للحصول على مكان دراسة، وتأشيرة دراسية أو لا.
عن ذلك تقول سمية بالي، التي تحاول إرسال ابنها لدراسة الفيزياء في ألمانيا: "صدمت من الطريقة التي يتم التعامل معنا بهالقد كان أملنا".ولكن طلب ابنها للحصول على التأشيرة رفض هو الآخر، رغم أن الوكالة في شتوتجارت قد أمَّلت الأسرة في الحصول على التأشيرة.
في هذه الأثناء أعدت بالي، مع المتضررين الآخرين، قائمة بالذين لا يزالون ينتظرون استرداد المصاريف من الوكالة في شتوتجارت. وتضم هذه القائمة 38 شخصا.
أكدت الوكالة أنه كانت هناك مؤخرا "مشاكل جمة" فيما يتعلق بإعادة الرسوم، ولكنها ترى أن المشكلة لدى مدرسة اللغة في شتوتجارت. وهناك الآن نزاع قانوني بشأن استرداد الرسوم.
تعرف الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي DAAD التعامل المشبوه لبعض الوكالات التي تتوسط من أجل توفير تأشيرة دراسية للطلاب الراغبين.
وحسبما قالت رئيسة مكتب الهيئة في تونس، بيآته شيندلر كوفاتس"فبعض هذه الوكالات تتصرف بشكل عدائي نسبيا وتستقطب خلال المعارض عشرات المسافرين أو ترسل إلينا موظفين غير معروفين بحجة الحصول على استشارات ولكنهم يجمعون بيانات".
لا تجهز الهية طلبات الحصول على تأشيرة وذلك خلافا للوكالات الخاصة، كما أن الهيئة لا توزع الطلاب على جامعات بعينها.
ولكن متطلبات الحصول على تأشيرة كثيرة وأماكن الدراسة محدودة،ولا تنسحب هذه الطلبات على الدراسة فقط بل على المشاركة في دورات لتعلم اللغة.
وأكدت الحكومة الألمانية، في الرد على طلب إحاطة لحزب الخضر، أن معهد جوته، على سبيل المثال، في المغرب وتونس لا يستطيع تلبية رغبات جميع الراغبين في المشاركة في دورات اللغة وذلك بسبب محدودية طاقته الاستيعابية وبسبب نقص المعلمين المؤهلين، مما يجعل الزبائن يتجهون بشكل متزايد لمراكز لغة خاصة.
ورأى الطالب طارق من تونس أن ذلك يؤدي لأساطير من نوع ما "فالكل هنا يعلم أنه لا يمكن السفر لألمانيا إلا عبر وكالة". وفي سبيل ذلك تتحمل الكثير من الأسر مخاطر مرتفعة، وذلك لأن تكاليف الإقامة مرتفعة، فغالبا ما تكلف دورات اللغة مع المبيت أكثر من 3000 يورو، في حين أن متوسط الدخل في تونس يبلغ 260 يورو فقط شهريا.
وكثيرا ما تجمع أسر مالا وربما باعت أرضا لمساعدة أحد أفراد العائلة في السفر لألمانيا، لذلك، فإن رفض طلب هؤلاء للدراسة يصيب هذه الأسر بإحباط كبير ليس فقط بسبب الوكالات بل بسبب السفارة الألمانية لأسباب، ليس آخرها، طول فترات الانتظار "يساورك طيلة هذا الوقت أمل" حسبما قال طارق وأضاف: "وفي النهاية تخرج صفر اليد".
تحقيق: زيمون كريمر"