الهجرة غير النظامية: جريمة عابرة للقارات تعرّي فشل الدولة في إيجاد مقاربة شاملة لاحتواء مواطنيها

هبة حميدي-

 
إنّ الغنى في الغربة وطن و الفقر في الوطن غربة، بكلمات علي بن أبي طالب يمكن ان نلخّص مآسي آلاف من التونسيين اختاروا قوارب الموت بحثا عن حياة افضل عن تلك التي على ارضهم…
 
في محاولة لاجتثاث انفسهم من الفقر والخصاصة يقدم الشباب التونسي لا بل والعائلات ايضا بما فيهم الرضّع على المخاطرة بحياتهم سلاحهم زورق خشبي وامل يمكن ان يكون سرابا وتتنتهي بهم الرحلة في قاع البحر.. 
 
لا يهم .. الموت واحد سواء فوق الارض او في عمق البحر، يلوح خيط امل في هذا السواد، هناك على السواحل الشمالية لتونس سنطارده ولو كلفنا حياتنا… هذا ما يردده الشباب التونسي خلال رحلتهم في البحث عن ظروف حياة افضل…، فما إن يمرّ يوم الاّ وتتصدر اخبار غرق القوارب الخشبية المهترئة وموت الكثيرين وفقدان العشرات…
 
ولمكافحة عمليات الهجرة غير النظامية لم تفلح مؤسّسات الدولة في ايجاد مقاربة اجتماعية اقتصادية، وظلت فقط تجابه هذه الظاهرة بالحلّ الامني الذي لم يثبت نجاعته، حيث تفيد الارقام الرسميّة ان عمليات الهجرة غير النظامية في تزايد وارتفاع.
 
وسجّلت وحدات الحدود البرية في مكافحة الهجرة سنة 2020، محاولة مرور 1242 مهاجر غير نظامي، وارتفع العدد في السنة التي تلتها الى 1481 مهاجر غير نظامي.
 
ووفق أرقام رسمية تحصلت عليها حقائق اون لاين من وزارة الداخلية فقد سجلت تونس الى غاية 20 افريل 2022، 380 مهاجر غير نظامي عبر البرّ، وكان للاجانب النصيب الاوفر في عمليات الهجرة غير النظامية عبر الحدود البرية، حيث بلغ العدد  349 اجنبيا في مقابل 31 تونسي.
 
الحقيقة التي لا يختلف فيها اثنان أن عمليات الهجرة غير النظامية ولدت من باطن الفقر والحرمان والتهميش ، وقلّما تجدها شماعة للهروب من العدالة في قضايا تلاحق بعض المهاجرين، فمن بين الاشخاص الذين ينخرطون في عمليات هجرة غير نظامية نجد مطلوبين للعدالة، وبلغ عدد المفتش عنهم المضبوطين على الحدود البرية سنة  2020، 192 شخصا وارتفع إلى 211 سنة 2021 وتطور إلى 272 إلى غاية غرة أفريل 2022.
 
 
*عمليات الهجرة غير النظامية عبر البحر
 
خلال سنة 2019 سجّلت وحدات الحرس البحري على السواحل التونسية، 3790 سخصا حاولوا تنظيم هجرة غير نظامية بين 2358 تونسيا و1432 أجنبيا .
 
وتبيّن الارقام تضاعف العدد سنة 2020 إلى 9789 موزعين بين 7587 تونسيا و2202 اجنبيا وتطور العدد خلال 2021 الى 20616 بينهم 10245 تونسيا و 10371 اجنبيا.
 
 
الحلّ الامني وحده غير كاف: مسح لعمليات الهجرة المحبطة وعدد المنظمين والوسطاء المقبوض عليهم
 
اتّضح ان الحلّ الأمني غير كاف فكل سنة ترتفع ظاهرة الهجرة غير النظامية عن السنة التي سبقتها، حيث بلغت عدد العمليات الهجرة غير النظامية المحبطة سنة  2019،  350 عملية وتطور العدد الى 832 سنة 2020 و1489 عملية خلال  سنة 2021.
أما بشأن عدد المنظمين والوسطاء المقبوض عليهم فقد بلغ سنة  2019 عدد 119 وسنة 2020 تطور الى 496 وارتفع  الى 946 سنة 2021.
 
اللافت  للانتباه وفق المعطيات التي تحصلت عليها حقائق اون لاين، وجود منظمين أجانب لعمليات الهجرة غير النظامية الذين تم ايقافهم، وسجلت سنة 2021 ايقاف 15 منظم اجنبي والى غاية غرة أفريل 2022، تم إيقاف 8 منظمين اجانب.
 
ان ظاهرة وجود منظمين اجانب يعري مدى تشعب هذه العملية وتجارة البشر التي اصبحت ظاهرة عابرة للقارات، ورغم ما تحصده هذه العملية لأرواح العديد من الابرياء لا تزال تونس عاجزة عن ايجاد استراتيجيّة وطنية لمكافحتها…

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.