الموظفة في تونس: بين عسر الأمومة واختيار المسالك الوعرة

رشاد الصالحي-

ظلت المرأة الموظفة في تونس رهينة الفصل 48 من القانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرخ في 12 ديسمبر 1983 والذي يمنحها عطلة ولادة بشهرين بكامل الأجر وعطلة أمومة بأربعة أشهر مع استحقاق نصف المرتب.

ولم يكتب لمحاولة تنقيح هذا الفصل سنة 2020 بمشروع عدد 93 أن ترى النور، وهو ما يجعل الموظفة تصطدم باختيارين أحلاهما مر: عسر الأمومة واختيار المسالك الوعرة.

(فاطمة.ن ) موظفة بإحدى الإدارات العمومية أكدت في تصريحها لحقائق أون لاين، أنها تمتعت بعطلتي الولادة والأمومة وقفا لما ينص عليه الفصل 48 من القانون عدد 112 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.

إلا أنّ العطلة التي منحت إياها لم تسعها للاهتمام بصغيرها الذي يعاني ضيقا في التنفس منذ ولادته، فلم تجد بدا من اتخاذ مسلك وعر يتمثل في التمتع بعطلة مرض طويلة الأمد بعد أن أيدت مطلب عطلتها بشهادة طبية من طبيب نفساني تؤكد تعرضها لاضطرابات نفسية.

لم تكن حالة فاطمة هي الأولى بل أن (هدى. م ) هي الأخرى اضطرت بعد استنفاذ عطلتي الولادة والأمومة إلى تقديم مطلب عطلة لمدة سنة قابلة للتجديد دون مرتب للالتحاق بالقرين الذي يعمل خارج أرض الوطن، وكانت مجبرة على ذلك لأن صغيرها الثاني يحمل إعاقة، وتكاليف علاجه في تونس باهضة.

ولئن يعتبر اختيار "هدى" اضطراري فإن وجود زوجها بالخارج منحها نصف الحل، لكن ماذا عن الموظفة التي لا عمل لقرينها وهي الوحيدة التي تعيل عائلة متعددة الأفراد ؟.

إنّ القانون التونسي يخول للموظف التمتع بعطلة دون مرتب تكون مدتها سنة قابلة للتجديد ويكون موضوعها تربية أبناء، أو الالتحاق بقرين خارج أرض الوطن أو مواصلة الدراسة أو إنجاز مشروع. كما للموظف الحق في التمتع بعطلة مرض طويلة الأمد أقصاها خمس سنوات منها ثلاث سنوات كاملة الأجر وسنتان بنصف المرتب.

إزاء هذا الوضع أكدت السيدة درّة مشري قابلة إشراف بالمندوبية الجهوية للأسرة والعمران البشري بالكاف في تصريحها لحقائق أون لاين أنّ المرأة التونسية هي أمّ وموظفة في حاجة ملحة إلى تنقيح الفصل 48 من القانون عدد 112 لسنة 1983 والمتعلق بعطلتي الولادة والأمومة.

وبينت أن الأم التونسيّة الموظفة تحتاج إلى أطول فترة ممكنة لعطلة الولادة والأمومة على غرار ما هو موجود في العديد من الدول الأوروبية، لأن الرضيع هو رأس المال حاضرا ومستقبلا.

لذا لا بد من التعجيل بتنقيح الفصل 48 من قانون الوظيفة العمومية في اتجاه تمتيع المرأة بكامل مرتبها وهو الحد الأدنى من حقوق المرأة، والتمديد في فترة العطلة إلى الحد الذي يمكّن الأم من رعاية ابنها وتمتيعه بالرضاعة الطبيعية والتي لا يجب أن تقل مدتها عن ستة أشهر لما لذلك من منفعة صحية ونفسية للرضيع وللأم.

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.