بقلم: محمد علي الصغير
هل ثمّة أنكى وأدهى وأمرّ وأعتى وأقسى وأهوَل وأفزع وأفضع من بقاء جسد معلّقا بلا روح بين السماء والأرض؟ هل خطر ببال أحدنا يوما أن تبقى جثث موتانا تتحسّس لها حفنة من التراب حتى تُوارَى وتتوارى عن أنظار صُمِّ وبُكمِ هذه البلد الظالم أهلُه ؟ هل جال بخاطرنا أننا سنتجرد يوما من انسانيتنا أو ما تبقى منها ونستميت، بتعلّة الحق في الحياة، في حرمان الميّت من حقّه الطبيعي في أن يرقد جسدُه بسلام وتهنأ روحُه بلقاء بارئها ؟
ماذا يحدث في هذا الوطن ؟ ما هذا التبلّد في الفكر؟ ما هذا التكلّس العاطفي ؟ ما كل هذه الرّعونة والجمود الرّوحي ؟ لماذا كل هذه الشوفينيّة المقيتة ؟ ألهذا الحدّ مصرّون على الخلود وفارّون من الموت الذي سيلاقينا وربما في أبشع صورة ؟ ماذا يحدث ؟ أيترك الميت لأيام يُنقَّبُ له عن لحْد يُوارَى فيه في بلد لطالما تباهى أهلُه بأنهم خير أمّة أخرجت للناس وبأن إكرام الميّت دفنه ؟ أو ليس ساء ما يحكمون ؟ أوليس الموبوء حقا من ابتلي بمثل هذا الفكر الميؤوس من شفائه ؟ أوليس الموبوء بهذا الفيروس اللعين الذي كشف سرّنا وعرّى بؤسنا وأبدى قبحنا، من اسكثر على غيره أن يُكْرم جسده ويُحفَظَ سِتره ويُراعى أمْره؟
ألا سَاءَ ما تَزِرُون…