المهاجرون الأفارقة غير النظاميين: انسانية ضائعة بين الامواج والمتربصين

هبة حميدي-

انهم لا يرونني انسانا، انا روبوت في نظرهم، يجب عليّ أن أعمل كامل ايام الأسبوع وبأجر اقل من الجميع، باعتبار اني غريبة ووجودي في بلادهم غير قانوني.

بهذه الكلمات اختصرت السمراء العشرينيّة وضعيتها في مركز تجميل بمنطقة باردو التابعة لولاية منوبة، حيث تقوم الشابة التي تعود اصولها الى بوركينا فاسو بالاهتمام بأظافر الحرفاء على مدار اليوم.

وضعية العاملة الأجنبية ليست حالة شاذة وانما أصبحت واقعا مريرا يعاني منه المهاجرون غير النظاميون في تونس ورغم ذلك يقبلون عليه لتجدهم يعملون في مختلف المهن والقطاعات، فلا حلّ أمامهم سوى جني بعد المال لسدّ حاجياتهم اليومية.

وتشهد تونس منذ 2011 وخاصة وفي السنوات الخمس الاخيرة تزايد الأفارقة الأجانب القادمين من دول الساحل، وأغلبهم كانوا يعملون في ليبيا لكن بسبب توتر الاوضاع هناك  ازدهرت تجارة البشر مستغلين الهاربين من جحيم الحرب في الدولة الليبية لتتحول بدورها تونس الى مهرب لهؤلاء  أو إلى نقطة عبور نحو ايطاليا، ليدو انفسهم بين الامواج والأقدار.

وفي اخر ارقام رسمية كشفها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تضاعف عدد المهاجرين القصر الذين وصلوا السواحل الايطالية وانطلقوا من تونس، أربع مرات خلال الخمس سنوات الفائتة مسجلًا "رقما قياسيا".

وبينت احصاءات المنتدى أن عدد القصر (أقل من 18 عاما) كان "قياسيا" في العام 2021 وبلغ 2731 من بينهم 2076 لم يكن معهم مرافقون، وما بين 70 و80% من القصر من إفريقيا جنوب الصحراء.

سوء معاملة، استغلال اقتصادي وتحرش.. اعتداءات بالجملة تطال الافرقة الاجانب

رئيس العمال الافارقة في اتحاد الشغل الافواري "استروم الان"، تحدث لحقائق اون لاين، عن الوضعية الصعبة التي يعاني منها الافارقة القادمين من دول الساحل، وقال إنه تم رفع العديد من القضايا الى القضاء، ابرزها افتكاك جواز السفر، تعرض الى التحرش وسواء المعاملة.

كما أضاف ان ابناء العائلات الافارقة الاجانب يتعرضون إلى سوء معاملة وتمييز كبير في المحاضن والمدارس التونسية.

وشجع  محدثنا المهاجرين أصيلي دول افريقيا جنوب الصحراء العاملين بتونس، الى الانخراط في اتحاد الشغل للدفاع عن حقوقوهم، مبينا أنه الى نهاية اكتوبر 2021، انخرط 450 عامل اجنبي  في الاتحاد من مختلف الجنسيات.

من جانبها ذكرت الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر أن غالبية ضحايا الاتجار بالبشر من الاجانب، ويمثلون 87 بالمائة من حالات الاتجار المسجلة في سنة 2020 فالمواطنون التونسيون لا يمثلون سوى 22.4 من حالات الاتجار المسجلة  سنة 2020 لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الاتحار بالبشر.

ويشكل مواطنو الكوديفوار المكون الرئيسي لضحايا الاتجار حيث بلغت نسبتهم 72.0 بالمائة من اجمالي عدد الضحايا المسجلين لدى الهيئة.

*توزيع الضحايا حسب الجنسيات

 

 

وفي المجموع هناك 15 جنسية معنية بحالات الاتجار بالبشر التي سجلتها الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر خلال 2020 موزعين على قارة افريقيا (الجزائر، بوركينا فاسو، الكامرون، الكوت ديفوار، غينيا، مدغشقر، مالي، اوغندا، السنغال سيراليون، توغو ، تونس) وآسيا (اليابان والفلبين).

كما يمثل التشغيل القسري الفئة الرئيسية  وبلغ 75.1 من الحالات، ويستهدف هذا الشكل من الاتجارالجنسيات من افريقيا جنوب الصحراء وخاصة الافوريين المعنيين بالتشغيل القسري وخاصة العمل المنزلي.

 

*توزيع حسب نوع الاستغلال والجنسية والنوع الاجتاعي والفئة العمرية

 

وتظهر الأرقام الرسمية انّ اثنان من كل خمسة ضحايا هم من الاجانب وبلغ عدد الاتجار بالاجانب 366 في سنة 2020 اي 40.4 من اجمالي الحالات المسجلة.

ولفتت الهيئة الى هيمنة حالات الاتجار التي تستهدف الاجانب بالتشغيل القسري خاصة المواطني الافوارين والنساء على وجه الخصوص الذين تتم استغلالهم في العمل المنزلي.

ويبقى ملف المهاجرين لا يراوح مكانه في ظل غياب اطار قانوني وتشريعي يحمي المهاجر غير النظامي وطالب اللجوء ويضمن لهم كرامتهم وحقهم في الصحة وفي عمل لائق على وجه الخصوص.. 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.