المجتمع المدني وقانون النفاذ للمعلومة: الواقع الصعب والمهمة الأصعب

أمل الصامت_

فور صدوره سنة 2016، بموجب القانون الأساسي عدد 22 لسنة 2016، اعتبر قانون النفاذ للمعلومة أحد الأدوات الأساسية لتعزيز الشفافية والحكم الرشيد ومكافحة الفساد، كونه يعمل على تمكين كل شخص من الإطلاع على نشاط الهياكل العمومية للدولة مثل الوزارات والمؤسسات والمنشآت العمومية، وبالتالي تعزيز حق المواطن في الحصول على المعلومات الموجودة لدى الهياكل العمومية والتي تتمتع بتمويل عمومي.

ويهدف هذا القانون وفق فصله الأول إلى ضمان حق كل شخص طبيعى أو معنوى فى النفاذ الى المعلومة بغرض الحصول على المعلومة، وتعزيز مبدأ الشفافية والمساءلة خاصة فيما يتعلق بالتصرف فى المرفق العام، إضافة إلى تحسين جودة المرفق العمومى ودعم الثقة في الهياكل الخاضعة لأحكام هذا القانون، ودعم مشاركة العموم في وضع السياسات العمومية ومتابعة تنفيذها وتقييمها، إلى جانب دعم البحث العلمي.

أرقام توحي بالعزوف…

وحسب آخر الإحصائيات التي تضمنها التقرير السنوي لهيئة النفاذ للمعلومة، بلغ عدد القضايا الواردة على الهيئة منذ تأسيسها، 6242 قضية من بينها 1704 قضية تقدمت بها مكونات مجتمع مدني، و4207 قضية تقدم بها أشخاص طبيعيون، في حين لم تتجاوز نسبة التمكين من المعلومة سنة 2022، 25 بالمائة.

ولعل هذه الأرقام تبين إقبالا محتشما على النفاذ إلى المعلومة مقارنة بتجارب دول أخرى غربية وعربية، خاصة على مستوى الأفراد والجمعيات، وهو ما يحيل إلى التساؤل حول ما إذا كانت أسباب هذا النوع من العزوف تتعلق بفهم القانون في حد ذاته أو بآليات تنفيده.

إذاعة الناعورة أف أم لدعم المواطنة بالشمال الغربي كان لها لقاء مع أمين مال جمعية الناعورة بتستور من ولاية باجة محمد الشابي حول آفاق تطبيق قانون النفاذ للمعلومة وآلياته والصعوبات المطروحة أمامه.
تأسست جمعية الناعورة منذ سنة 2018، وهي تعمل بالأساس على تقريب الخدمات من المواطن وخاصة الفئات الهشة، حيث عملت طيلة هذه السنوات على دعم وتحفيز الشباب والنساء والفتيات على المشاركة في الشأن العام إلى جانب التمكين الاقتصادي والاجتماعي لهذه الفئات.

وركزت جمعية الناعورة في هذا الإطار على توعية المواطنين بحقهم في النفاذ للمعلومة من خلال تنظيم دورات تكوينية للتعريف بالقانون وتبسيط مفاهيمه لدى العامة، إضافة إلى إعداد دليل إجراءات مبسط للمواطن بالتعاون مع بلدية تستور، تلاه القيام بحملات تحسيسية ارتكزت على الشارع من أجل التواصل مباشرة مع المواطنين وإيصال المعلومة اللازمة حول الإجراءات المستوجبة للنفاذ للمعلومة.

ويقول ممثل الجمعية محمد الشابي في هذا الإطار إن التجربة كانت إيجابية باعتبارها مكنت من إيصال المعلومة بشكل مبسط للمواطنين وعرفتهم على حق ربما كانوا يجهلونه، وفق تقديره.

مكامن الصعوبة في التطبيق

يرى أمين مال جمعية الناعورة محمد الشابي أنه من الصعب تطبيق قانون النفاذ للمعلومة على أرض الواقع، باعتبار غياب موظف مكلف بالإجابة على مطالب النفاذ للمعلومة سواء من قبل المواطنين أو ممثلي هياكل المجتمع المدني في أغلب الإدارات، مضيفا بالقول: "حتى في صورة العثور على هذا الموظف فهو غالبا ما لا يكون مؤهلا للقيام بمهامه والإجابة على عديد التساؤلات بتعلة حماية المعطيات الشخصية وتهديد الأمن العام والمساس من الخصوصيات…".

وحسب الفصل التاسع من قانون النفاذ إلى المعلومة يمكن لكل شخص طبيعي أو معنوي أن يقدم مطلبا كتابيا في النفاذ إلى المعلومة طبقا لنموذج مطلب كتابي معدّ مسبقا يضعه الهيكل المعني على ذمّة العموم بموقع الواب أو على ورق عادي يتضمن التنصيصات الوجوبية الواردة بالفصلين 10 و12 من هذا القانون.

ويتولّى المكلّف بالنفاذ تقديم المساعدة اللازمة لطالب النّفاذ إلى المعلومة في حالة العجز أو عدم القدرة على القراءة والكتابة أو كذلك عندما يكون طالب النفاذ فاقدا لحاسة السمع والبصر.

ويتم إيداع مطلب النفاذ إما مباشرة لدى الهيكل المعني مقابل وصل يسلّم وجوبا في الغرض أو عن طريق البريد مضمون الوصول أو الفاكس أو البريد الإلكتروني مع الإعلام بالبلوغ.

ومن منطلق تجربة الجمعية على الميدان، أفاد الشابي بأن أغلبية المواطنين الذين تقدموا بمطالب نفاذ للمعلومة لم يقوموا بمتابعة تلك المطالب ومواصلة السعي وراء الحصول على الإجابة باعتبار أن أغلبيتهم يسعون وراء الإجابة الحينية وبالتالي عندما تطول الاجراءات يدخل الموضوع طي النسيان فلا نجد لجوءا للقضاء أو حرصا على الحصول على الإجابات إلى آخر مرحلة، وفق تعبيره.

ولئن حدد قانون النفاذ للمعلومة آجالا تتعلق بالرد على مطالب النفاذ للمعلومة، وأخرى للتظلم في صورة رفض طالب النفاذ للقرار المتخذ بخصوص مطلبه، وأخرى للرد على تظلمه، وأخرى للتقاضي عن طريق هيئة النفاذ للمعلومة، وآجالا إضافية للطعن في قرار الهيئة استئنافيا أمام المحكمة الإدارية، فإن طول أمد هذه الإجراءات قد تكون سببا وراء عزوف أصحاب الحق في النفاذ إلى المعلومات إما عن التقدم بمطالب النفاذ عموما أو متابعتها في صورة التقدم بها.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.