الماراطون الرئاسي: خطّ الانطلاق؟!

 بقلم أحمد الفقي –

يكتسي الرهان الانتخابي الرئاسي المرتقب في نهاية سنة 2019، أهمية قصوى لدى الفاعلين السياسيين المحليين والشركاء الدوليين لتونس بالنظر لمركزية منصب رئيس الجمهورية في المعادلة الوطنية رغم طبيعة النظام السياسي في صيغته الدستورية الحالية الذي يعطي صلاحيات أكبر لرئيس الحكومة على حساب ساكن قصر قرطاج القادم على مهل.

ولعلّ الأزمة السياسية الراهنة هي في عمقها مرتبطة بأجندات حزبية وسياسية وشخصية ليست بمنأى عن حسابات متعلقة بالاستحقاق الانتخابي الرئاسي الذي طغى ألقه على خلفيات الكثير من المواقف والمواقع التي ارتأى بعض المرشحين الافتراضيين التخندق صلبها استعدادا لأم المعارك حسب متابعين للشأن العام في تونس.

صحيح أن مسألة انجاز الانتخابات القادمة بمرحلتيها التشريعية والرئاسية في موعدها المحدد مازالت بين الشك واليقين في خضم عدم توفر الشروط الموضوعية إلى حدّ الآن للوصول بسفينة التجربة الديمقراطية إلى برّ الأمان من أجل عرض الثقة مجددا على الشعب صاحب السيادة، لكن هذا لم يمنع من أن يكون الماراطون الرئاسي الذي يتطلب امكانيات مادية جمّة وطول نفس وقدرة على المقاومة والمواصلة إلى المنعطف الأخير عنوانا بارزا لمعركة قد تكون مصيرية في توازنات لعبة الشطرنج السياسي مطلع سنة 2020، كما ينتظر أن تكون نتائجه حبلى بالمفاجآت والخيبات والكدمات للفيف من المرشحين التوّاقين لولوج قصر قرطاج غانمين منتشين بنصر مبين لا يعدو أن يكون آنيا محض أضغاث أحلام. 

وفي هذه الورقة التحليلة، نقدّم رصدا لأبرز الشخصيات التي أعلنت عن رغبتها في الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة وأخرى تستعدّ لذلك في انتظار الكشف رسميا عن طموحاتها وأهدافها من خوض غمار الماراطون الرئاسي أملا في الظفر بقصب السبق. 

*السابق للسوق

يعدّ رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد من أبرز المرشحين للفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة في حال ما ارتأى دخول هذا المعترك لأسباب عديدة لعلّ من بينها عامل السنّ، وهو الذي احتفل مؤخرا بعيد ميلاده الـ43، زيادة عن تجربته صلب أجهزة السلطة التنفيذية حيث ارتقى من خطة كاتب دولة مغمور بلا ماض نضالي إلى رئيس للفريق الحكومي في وقت وجيز كما تمكن من الصمود لمدّة فاقت السنتين إزاء جبهة الاعداء والخصوم السياسيين والاجتماعيين ومناوراتهم الرامية للإطاحة به.

الشاهد الذي تدرج في العمل السياسي من كيان صغير أسّسه بعد الثورة تحت مسمّى الحزب الجمهوري بمعية عبد العزيز بلخوجة وسليم العزابي وصولا إلى أن أضحى رقما صعبا صلب حركة نداء تونس بعد أن ترأس مجموعة 13 قبيل مؤتمر سوسة في جانفي 2016، ومرورا بتجربته في القطب الديمقراطي الحداثي في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي ثمّ الحزب الجمهوري بقيادة ميّة الجريبي ونجيب الشابي وياسين ابراهيم بعد عملية اندماج وانصهار في أعقاب نكسة أكتوبر 2011، تظهر عمليات سبر الاراء والواقع السياسي الحالي تقدمه نظريا على العديد من المنافسين الافتراضيين وهو الذي نجح في تجميع طيف واسع من حوله من مختلف المشارب (سياسيون، برلمانيون، اعلاميون، أصحاب مؤسسات اقتصادية واستثمارية كبرى…) في معركة البقاء في السلطة فضلا كونه ينحدر من عائلة أرستقراطية لها تاريخها السياسي والاجتماعي في تونس العاصمة اذ يكفي هنا الاشارة إلى أنّه حفيد المناضلة راضية الحداد أوّل رئيسة للاتحاد الوطني للمرأة التونسية بعيد معركة التحرير الوطني. 

بيد أنّ كلّ هذه المعطيات قد لا تشفع له بتحقيق طموحه بخلافة الباجي قائد السبسي الذي كان له فضل كبير في صعود نجم الشاهد بشكل مفاجئ، فقد توسعت جبهة أعداء "الفتى الذهبي" الحالم بالجلوس على كرسي الرئاسة في قصر قرطاج بعد أن اختار الانقلاب بشكل ناعم على والده الروحي رئيس الجمهورية الحالي الذي لم يفقد بعد زمام المبادرة والمناورة.

يجمع العديد من المراقبين والمحللين على أنّ يوسف الشاهد اليوم يستمد قوته ورباطة جأشه خاصة من دعم الجناح القوي داخل حركة النهضة لحكومته بقيادة راشد الغنوشي علاوة عن المساندة التي يحظى بها من جهات أجنبية غربية وأخرى اقليمية في المنطقة العربية الاسلامية. فهل ينجح في كسب الرهان رغم التحذيرات من خطورة انزلاق الحرب على الفساد إلى أداة غير ديمقراطية توظف من خلالها أجهزة الدولة بشكل تسلطي وانتقائي لتصفية كل من يمكن أن يكون حجر عثرة إزاء طموحاته التي قد تكون مجرد "منامة عتارس" ويومها يصبح المثل التونسي الشعبي الشائع "ما يسبق للسوق كان الخضار" هو الأقرب لتوصيف الحصيلة الختامية لتجربة يلاحقها شبح مأساة تراجيدية؟

*الانطلاقة الخاطئة

أكثر من شخصية تسيل رهانات الانتخابات الرئاسية لعابها منذ مدّة لكن انطلاقتها في الماراطون الرئاسي يمكن اعتبارها خاطئة ففي مثل هذه السباقات الشاقّة قانون اللعبة قد يقصي العدّاء مبكرا بعد أن يخرج بخفي حنين قبل خطّ البداية.

رجل الأعمال سفيان بن ناصر والناشط السياسي المستقيل مؤخرا من حركة نداء تونس قد يكون أحد هؤلاء. فقد أعلن مؤخرا عزمه الترشح لدخول معترك الانتخابات الرئاسية في سنة 2019 بطريقة متسرعة قبل اعداد العدّة وحشد الدعم السياسي رغم قيمة الاطروحات الاصلاحية خاصة على المستوى الاقتصادي التي يطرحها في اطلالاته الاعلامية.

نفس الوضعية تنسحب على رجل أعمال آخر وهو رضا شرف الدين النائب في البرلمان حاليا ورئيس النجم الرياضي الساحلي الذي يترأس لجنة التحضير لمؤتمر نداء تونس القادم وسط عاصفة من الاستقالات والانتقادات فالأخطاء الاتصالية والسياسية لشرف الدين قد تجعله خارج سباق المنافسة في الماراطون الرئاسي قبل صافرة البداية.

في نفس المضمار،نجد أيضا مدير قناة نسمة نبيل القروي منشط برنامج خليل تونس ذائع الصيت في الاوساط الاجتماعية الفقيرة والشعبية، والذي بدت للعيان في الفترة الاخيرة رغبته الجامحة في خوض غمار تجربة الانتخابات الرئاسية القادمة حسب تسريبات اعلامية على شاكلة التجربة السياسية لصديقه رجل الأعمال الايطالي سيلفيو برلسكوني. لكن القروي يعيش في الوقت الحالي على وقع معركة كسر العظم ضدّ رئيس الحكومة الحالي ومنظمات من المجتمع المدني على غرار نقابة الصحفيين وأنا يقظ والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري وقد تكون تهم التهرب الجبائي والتوظيف السياسوي لقناته عائقا أمام طموحاته.

*قدماء المحاربين

من أبرز الشخصيات التي يمكن تصنيفها في هذه الخانة نجد راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة والباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية الحالي ورئيس حزب حراك تونس الارادة محمد منصف المرزوقي.

فالبجبوج كما يحلو لأنصاره ومريديه مناداته فقد الماكينة الانتخابية التي نجح من خلالها في الاطاحة بمنافسه المرزوقي رئيس الجمهورية وقتها.ورغم محاولته استرجاع الزخم ونقاط القوة التي تميز بها في انتخابات 2014 لاسيما العنصر النسائي التحرري الذي صوّت له بكثافة عبر اطلاق مبادرة المساواة في الارث فإنّ عامل السنّ والزمن قد يجعلا من الباجي قائد السبسي مجرد ارث سياسي تاريخي بداية من جانفي 2020.

بالنسبة للمرزوقي والذي مازال يعوّل على "شعب النهضة" فهو الاخر فقد أبرز أعضاده على غرار عدنان منصر وطارق الكحلاوي وقبلهما عبد الوهاب معطر وعبد الرؤوف العيادي وقد يجد نفسه في التسلل أثناء الماراطون الرئاسي في ظلّ تغيّر ملامح الخارطة السياسية والبرلمانية وامكانية انعكاس ذلك على مزاج جمهور الناخبين.

على صعيد آخر، يعاني رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي من مشاكل صحية وهو الشيخ الذي أرهقته محن وكدمات تجربته السياسية منذ تأسيس الجماعة الاسلامية قبل زهاء 40 سنة . الغنوشي الذي سعى الى انتهاج التجديد من الناحية الاتصالية والشكلية خسر الكثير من الناحية الاستراتيجية والسياسية مؤخرا بعد توتر علاقته بحليفه منذ لقاء باريس في صائفة 2013 الباجي قائد السبسي وقد يختار بعد انتهاء عهدته الاخيرة على رأس الحزب الاسلامي الاول في تونس من حيث العراقة والامتداد الشعبي طريق مطار حمد في الدوحة لخلافة يوسف القرضاوي على رأس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لاسيما وأن ثقة عموم التونسيين فيه مازالت ضعيفة بسبب تصريحاته وصورته المهتزة في المخيال الجمعي وفي الاوساط المدنية والعلمانية والنسوية على وجه الخصوص. زيادة على أنّ حركة النهضة تعيش منذ فترة على وقع نوع من الهواجس والاكراهات التي فرضت عليها سياسة الانحاء في وجه العاصفة نتيجة المتغيرات الدولية والاقليمية المناهضة للاسلام السياسي.

*الوزراء

يمكن اعتبار وزير التربية السابق ناجي جلول من أكثر الشخصيات التي يراودها طموح خوض غمار الانتخابات الرئاسية القادمة ولا أدلّ على ذلك محاولته رأب الصدع في علاقته مع اتحاد الشغل واستغلال المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية التابع لمؤسسة رئاسة الجمهورية من أجل توطيد علاقته بالنخب السياسية والاقتصادية والمالية والاعلامية والثقافية والادارية بحثا عن حزام داعم له مستقبلا.

جلول الذي ينحدر من جهة الساحل وقد سبق أن خاض تجربة سياسية هامة في مسيرته صلب الحزب الديمقراطي التقدمي قبل نداء تونس  ،يحظى بشعبية محترمة كشفتها في عديد المناسبات عمليات سبر الاراء وقد يكون أحد المنافسين الجديين في الماراطون الرئاسي المرتقب رغم زلاته الاتصالية وخطابه السياسي الذي يرى فيه البعض من المنتقدين ضربا من ضروب الشعبوية الفلكلورية.

وزيرة السياحة سلمى اللومي الرقيق هي الاخرى مرشحة لان تكون احدى ورقات نداء تونس والباجي قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية القادمة.

ما يعاب عليها العي الخطابي الذي تعاني منه فهي تتجنب دائما الحضور الاعلامي المباشر اذ لا تحسن الحديث باللغة العربية لكنها في المقابل تتمتع بدعم لوبيات قوية ومؤثرة في الشأن العام عبر شبكة مصاهرة وعلاقات نسب مع التذكير بقرابتها بالشقيقين فوزي(نداء تونس) وهشام اللومي(منظمة الأعراف).

تعرضت سلمى اللومي في أكثر من مرّة لحملات تشكيك في مدى نجاعة أدائها على رأس وزارة السياحة خاصة على مستوى الاصلاحات الهيكلية المرتقبة وتحقيق انتعاشة فعلية لا مصطنعة بقوة الدعاية في الاعلام ووسائل الاتصال في الفضاءات الافتراضية الاجتماعية لاسيما الفايس بوك. كما أنّ منتقديها يرون أنها تناست ولاية نابل التي أنتخبت فيها كنائب عن الشعب في تشريعية 2014 بعد الوصول إلى كرسي الوزارة في شارع محمد الخامس بتونس العاصمة منذ حكومة الحبيب الصيد الاولى. تمّ مؤخرا تداول اسمها كمرشحة أيضا لخلافة يوسف الشاهد في الحكومة المقبلة وذلك في تصريحات اعلامية لقيادات من نداء تونس على غرار خالد شوكات.

 الوزير السابق للمالية بالنيابة والاستثمار والتنمية والتعاون الدولي فاضل عبد الكافي الذي غادر حكومة الشاهد بشكل مهين دبّر بليل حسب عديد التسريبات الاعلامية قد يكون هو الاخر من بين المرشحين للانتخابات الرئاسية القادمة رغم عمق الجرح النرجسي الذي لم يندمل بعد لديه والرغبة التي تحركه من أجل الثأر وردّ الاعتبار.

يعدّ عبد الكافي من الشخصيات الوطنية المشهود لها بالكفاءة على صعيد وطني ودولي في المجال المالي والاقتصادي وقد برأه القضاء مؤخرا من التهمة الموجهة اليه والتي كانت سببا في استقالته من الحكومة بعد أن تمّ تحريك ملفه بطريقة تطرح عديد التساؤلات. كما تمّ  تعيينه أيضا على رأس مجلس ادارة شركة تونس للأوراق المالية في أواخر سنة 2017.

في نفس السياق نجد أيضا الوزير السابق في عهد الرئيس بن علي منذر الزنايدي الذي سبق أن خاض غمار الانتخابات الرئاسية في 2014 علاوة عن المناضل السياسي أحمد نجيب الشابي الذي تولى حقيبة التنمية الجهوية في أول حكومة بعد الثورة كما ساهم في صياغة دستور الجمهورية الثانية. 

نجيب الشابي مؤسس الحركة الديمقراطية أطلق مؤخرا مبادرة مواطنية قد تكون احدى أدواته لخوض غمار الماراطون الرئاسي الذي أدار له ظهره في المحطة السابقة حيث مني بهزيمة مدوية وهو في هذه المرّة يبحث عن تقديم نفسه للشعب التونسي في صورة البديل السياسي المخضرم القادر على مجابهة منظومة الحكم الحالية بقيادة حركة النهضة ونداء تونس وبزعامة الشيخين الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي مهندسا سياسة التوافق.

من الشخصيات الاخرى المرشحة لخوض تجربة الانتخابات الرئاسية لأول مرة يمكن الاشارة إلى مؤسس حركة تونس إلى الامام عبيد البريكي الذي أقيل من وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة في حكومة يوسف الشاهد وهو أحد القيادات التاريخية لاتحاد الشغل فضلا عن محمد عبو مؤسس حزب التيار الديمقراطي الذي حقّق نتائج ايجابية في الانتخابات البلدية الاخيرة وزعيمه اليوم يتطلع إلى الاستنجاد بتجربته السياسية والحقوقية للمنافسة بشكل جديّ في السباق المحتدم نحو قصر قرطاج وقد كان لموقفه المبدئي المساند لمبدإ المساواة في الميراث بين التونسيين والتونسيات أصداء ملفتة للانتباه خاصة لدى النخب الحداثية والأوساط المدنية.

محمد عبو يمكن اعتباره من الشخصيات المحنكة وقد سبق أن خاض تجربة وزارية في حكومة الجبالي في سنة 2012 قبل أن يستقيل بتعلة غياب الارادة السياسية للاصلاح الاداري ومكافحة الفساد الشعار الابرز لحزبه التيار الديمقراطي في الوقت الحاضر. لكن هذه التجربة مازالت تثير الكثير من الجدل من الناحية التاريخية حيث يعتبر البعض استقالته وقتها تأكيدا على فشله في التحول من مناضل سياسي وحقوقي إلى رجل دولة،في حين يصف البعض الاخر خروجه من حكومة الجبالي بمثابة الجندي الذي غادر ساحة الوغى هربا من وقع المعركة وشدائدها.

عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع الحالي في حكومة الشاهد هو أيضا من الشخصيات المرشحة للعب دور محوري في رئاسيات 2019. رفض في وقت سابق تولي منصب رئيس الحكومة في 2015 وقد أثارت تصريحاته الاخيرة حول الطبقة السياسية التي قال عنها ان الشعب سيحاسبها في يوم ما جدلا واسعا.

كمال مرجان رئيس حزب المبادرة الوطنية الدستورية والوزير السابق في عهد الرئيس بن علي ثمّ بعيد الثورة مباشرة، رغم تردده، فهو يبقى من المرشحين أيضا لدخول سباق الانتخابات الرئاسية المرتقبة.

*الأنصار

في هذا الصنف يمكن اعتبار حمادي الجبالي وحمة الهمامي وقيس سعيد وكلثوم كنو والصافي سعيد وعمر صحابو من أهم الشخصيات التي قد تخوض غمار تجربة الانتخابات الرئاسية القادمة.

فحمادي الجبالي رئيس الحكومة الاسبق والامين العام المستقيل من حركة النهضة يستعد بشكل معلن لدخول هذا السباق رغم حجم التحديات والصعوبات التي قد تعترضه أثناء الطريق.

أما بالنسبة لحمة الهمامي زعيم الجبهة الشعبية والذي حلّ ثالثا في الانتخابات الرئاسية السابقة  فهو يعوّل على تجربته الطويلة في العمل السياسي وقيمته الرمزية والاعتبارية في الأوساط اليسارية ولاسيما في مسقط رأسه ولاية سليانة لكن تراجع شعبيته في الفترة الاخيرة والازمة الهيكلية التي تعاني منها الجبهة الشعبية قد يعجلا بخروجه من الماراطون الرئاسي منذ الدور الاول.

قيس سعيد الذي يصفه البعض بفقيه القانون الدستوري في تونس والذي يحظى بشعبية هامة لدى عموم التونسين يبدو انه مصرّ على دخول غمار الانتخابات الرئاسية كما هو الحال بالنسبة للكاتب الصحفي والناشط السياسي الصافي سعيد فضلا عن المدير السابق لجريدة المغرب عمر صحابو الذي يرى الكثير من المحللين أنّه نجح كاعلامي وفشل في العمل السياسي.

المرشحة الرئاسية السابقة والرئيسة الشرفية لجمعية القضاة كلثوم كنو من المرجح أيضا أن تخوض مجددا الرهان الانتخابي الرئاسي رغم ضعف حظوظها في الفوز أو المرور على الاقل للدور الثاني لاعتبارات ذاتية وموضوعية.

*المهاجرون 

يعتبر محسن مرزوق الامين العام لحركة مشروع تونس والمستشار السابق لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي من الشخصيات البارزة التي قد تدخل سباق الرهان الرئاسي رغم ضعف شعبيته حسب ما تفيد به عمليات سبر الاراء.

مرزوق الذي عاش  تجربة المهجر حينما ترأس المؤسسة العربية للديمقراطية بدعم قطري من الشيخة موزة والذي واجه في السنوات الاخيرة عديد التهم من بينها ما سرب بشأنه من قبل موقع انكيفادا في علاقة بوثائق باناما ثمّ اتهامه بالارتباط بشبكة جوسسة بعد المقال الذي نشرته الصحفية منى البوعزيزي في جريدة الشروق فضلا عن علاقته التاريخية بمنظمة "فريدم هاوس" سيئة الذكر فقد الكثير من وزنه السياسي جراء تسرعه في اتخاذ قرار مغادرة حركة نداء تونس وقد تميزت مواقفه الاخيرة تجاه حكومة يوسف الشاهد والازمة بين القصبة وقصر قرطاج بالتذبذب وهو مازاد في التأثير على درجة مصداقيته وصورة حركة مشروع تونس بشكل عام التي شهدت عديد الاستقالات والانسحابات.

شخصيات أخرى من قبيل رئيس حزب البديل التونسي مهدي جمعة ورئيس حزب آفاق تونس ياسين ابراهيم وسعيد العايدي رئيس حزب بني وطني ورئيس حزب الاتحاد الوطني الحرّ سليم الرياحي (الذي أعلن مؤخرا عزمه الاندماج صلب نداء تونس رغم الفضائح القضائية والسياسية التي لاحقته وكانت سببا في تحجير السفر عنه لفترة معينة) ورئيس تيار المحبة محمد الهاشمي الحامدي مالك قناة المستقلة التي تبث من لندن قد تكون معنية بخوض غمار الماراطون الرئاسي بطموحات بعيدة كل البعد عن الواقع السياسي المحلّي فجلّها مكنتها الثورة بشكل مفاجئ من النشاط السياسي في تونس بعد سنوات المهجر والغربة في فرنسا وبريطانيا وليبيا وفق مقاربات هجينة وغير مقنعة لقطاعات واسعة من التونسيين، كما أن اشكالية الجنسية المزدوجة قد تكون من العوائق المطروحة أمامهم لاعتبارات سيادية وطنية صرفة، لكن الهاشمي الحامدي يبقى الاكثر شعبية من بين هؤلاء نظريا بفضل خطابه الشعبوي وقدرته على دغدغة مشاعر الفقراء والطبقات المهمشة في بعض الجهات الداخلية المنسية تنمويا من الدولة المركزية.

*الخارجون عن الموضوع

قد تكون قائمة هذا الصنف من المرشحين لخوض معترك الانتخابات الرئاسية القادمة هي الاطول ولكن مؤقتا يمكن حصرها في الاسماء التالية:

مروان بو الوذنين وألفة تراس رمبورغ(زوجها أصوله ايطالية) وليلى الهمامي وعادل العلمي والمحامي سيف الدين مخلوف وماهر قعيدة.

هذا في انتظار مفاجآت أخرى مرتقبة لشخصيات ستكون حتما مجرد أرقام لا غير وهي في حقيقة الامر تبحث عن الشهرة والبوز دون توفر أي مقومات جدية تعكس برنامجا سياسيا أو رؤية عميقة تليق بمسؤولية ومهام رئيس للجمهورية.

*الحصان الاسود

الاعلامي والناشط في المجتمع المدني نزار الشعري (41 سنة) من الشخصيات التي ينتظر أن تعلن قريبا عن نيتها الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

كان من بين المساندين لنظام بن علي كما تقلد العديد من المسؤوليات صلب طلبة حزب التجمع الدستوري المنحل.

يرى فيه الكثير من المتابعين صورة الصحفي والشخصية العامة المهووسة بالبحث عن الاثارة ولفت الانتباه بأي ثمن فالغاية بالنسبة لديه تبرر الوسيلة.

رغم أنه لم يجاهر الى حدّ الساعة باعلان رغبته الترشح في الماراطون الرئاسي لسنة 2019 فإنّ جلّ المؤشرات تشي بقرب موعد دخوله عالم السياسة بشكل غير خفي ودون قفازات.

تكثفت أنشطة نزار الشعري خاصة في السنوات الثلاث الاخيرة حيث نجح في خلق أكبر شبكة طلابية شبابية في تونس من خلال منظمة "تونيفيزيون" فضلا عن حضوره الدائم في كبرى التظاهرات الاقتصادية والثقافية والرياضية والشبابية في مختلف أنحاء الجمهورية.

يشكك البعض في مدى قدرته على النجاح في الانتخابات الرئاسية القادمة لكن هذا لم يمنع الشعري الذي شغل في وقت سابق منصب رئيس لجنة الاعلام في جامعة الدول العربية من ربط علاقات خارجية مثيرة للجدل بالادارة الامريكية الحالية حيث زار في شهر أفريل الفارط بلد "العم سام" بدعوة شخصية من وزارة الخارجية وقد التقى بالعديد من كبار المسؤولين هناك وصناع القرار في البيت الابيض.

ويشار الى أن الاعلامي نزار الشعري مازال يتكتم حول فحوى وحيثيات هذه الزيارة التي تطرح عديد التساؤلات في علاقة بتوقيتها ومضمونها. كما أنّه عرف بعلاقته بشبكة واسعة لكبار رجال الاعمال التونسيين وهو إضافة الى ذلك أصيل ولاية صفاقس وقد تزوج منذ مدّة من ابنة رجل الأعمال المعروف المرحوم عزيز ميلاد صاحب عديد المشاريع الاستثمارية الكبرى. كتابه "تونس في عينيا" أثار ضجّة كبيرة في جانفي الفارط وقد أعتبر بمثابة محاولة لاستمالة الشباب ودخول بوابة السياسة والشأن العام من منظور استراتيجي رغم الانتقادات التي وجهت له بسبب استعمال لغة عامية.

يعوّل الشعري حسب بعض التسريبات الاعلامية على الشباب بوصفه يمثل خزّانا انتخابيا هاما (70 من الشعب التونسي) وقد سبق أن رفض حقيبة وزارية عرضت عليه أثناء تشكيل حكومة يوسف الشاهد. فهل يكون الاعلامي نزار الشعري الحصان الاسود للانتخابات الرئاسية المقبلة في خضم سباق طويل قد تنضاف لقائمة المتسابقين فيه أسماء أخرى خلال الأسابيع والأشهر القادمة؟

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.