بقلم الصحفي محمد صفر
 
هم يكرهونني يا أبت 
فلا تحلم بمزيد من الأبناء
سرقوا منا الطريق  
ووادينا حولوا مجراه 
وحب الحصيد نثروه هباء
لا تلعن الظروف أبتاه،
فنحن مذ عصور أنصاف الآلهة
والأباطرة والملهمين الزعماء
يقتلنا الفقر والجوع 
ونتسلى بالدعاء للبقاء 
لماذا تصر على حلمك؟
أنت ميت ولو عشت
فما يجديك الاستمناء ؟
"شيؤونا" يا أبي وصرنا 
أرقاما في دفاتر الإحصاء
ولا يعنيهم تلاشينا فنحن
في الأصل لديهم أشلاء 
 
يتعبني الرحيل في مسام الوطن
لا رائحة زكية في الدروب والثنايا 
وانتشر في كل المسارب العفن 
وعلى الروابي المرفهة تجتمع الأنخاب
ونسجنا من ماء البحر الكفن
يا أيتها الأرض الثكلى كفكفي 
فأبناؤك ضاقت منهم السفن 
يتمطى سواد الليل في العيون
كعندليب أغرق في الشجن 
وانكسفت شمس السماء 
وانكفأت على وجعها المدن
هل مازلت تتجرع الصبر أبتاه؟
شجرة اللوز العتيقة بالقرب تئن
وشاتك الوحيدة أنهكها الحزن 
وأمي مازالت ترسل ناظريها إلى الأفق
وتستحث الدعاء في سرها والعلن
رباه. "رغم الفقر الكافر مازلنا نحب الوطن"
 
 مازال أبي يرتشف الألم  كشايه الرديء 
ويتصاعد غبار الأرض التي قحلت 
وعلى ذيل الحصان الهرم 
يتجمع لفيف من الذباب القميء
والموت يأبى القدوم في كل مساء 
تبا لك أيها الموت الشقي 
كم أنت حين نشتهيك بطيء 
على الضفة الأخرى أجلس يا أبي
هنا وجه السماء رغم الغيم مضيء 
والجداول تمضي لمستقر لها
والفرح هنا كالناس يمضي ويجيء
لكن الغم يحاصرني كل ليلة 
كقاتل متربص مرتزق دنيء 
هل مازلت أحب الوطن يا أبي؟
إن كنت مازلت أحبه فأنت فيه نبيء

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.