“الغول وأنف المهرج”.. وعلل المسرح

 يسرى الشيخاوي- 

 بعيدا عن الحركية التي أضفاها مهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل بنابل على المدينة حيث ضرب الاطفال موعدا مع عروض مسرحية تحاكي طفولتهم، فإن هذه التظاهرة لم تكن في منأى عن النقد إذ تعالت الأصوات باللوم والتقريع إثر إلغاء عرض مسرحية " الغول وأنف المهرّج" التي كانت مبرمجة ليوم الخميس الماضي.

وإلغاء العرض كان نتيجة لعدم توفّر الظروف الدنيا لعرض مسرحية وعدم استجابة مدير المهرجان لمطلب المسؤول عن فضاء المسرح الصغير بمدنين لتغيير قاعة العرض، بل إنّه استنقص من من قيمة العرض وكان خطابه لللمسرحيين يجانب الاحترام، وفق ما ورد في صفحة المسرح الصغير.

وقرار التراجع عن اعتلاء الركح الذي تظهر الصور أنّه لا يليق بعرض مسرحي في مهرجان عريق يجاوز عمره العقد الثالث بأربع سنوات، لم يكن من الوهلة الأولى التي وقعت فيها عين الفريق على الركح "المرتجل"، بل هو ردّ فعل على عدم احترام مدير المهرجان للمسرحيين، وفق ما ورد في توضيح فضاء المسرح الصغير.

هي ليست المرة الاولى وقطعا لن تكون الأخيرة التي يتم فيها إلغاء عرض بسبب "الاستهتار" بفضاء العرض والاعتماد على العفوية والارتجال لحفظ ماء الوجه، وبغض النظر عن المسؤول المباشر عن إلغاء العروض الذي يخلّف أثرا سيئا في نفوس المسرحيين وفي نفوس الجمهور الذين يأتون من أجل عرض فبعينه فيجدون أنفسهم أمام عرض آخر يسدّ الفجوة في البرمجة.

وهذه الواقعة التي جدّت بمهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفلة، لن تحجب الأثر الجيّد له في علاقة بالطفولة والمسرح ولكنّها في المقابل تعرّي عللا في جسد المسرح منها الاستهانة بظروف العرض وغياب سياسة تحاور ترتقي إلى مستوى المسرح واستهتار بالملفّات التقنية لبعض العروض وغيره.

قائمون على عرض متحصل على الجائزة الثالثة في المهرجان الوطني للمسرح التونسي قطعوا مئات الكيلومترات من مدنين إلى نابل ليلتقوا بجمهورهم من الأطفال لكنّهم غادروا بكثير من الوجع وتركوا الجمهور لبرمجة "الدقيقة التسعين".

في السياق ذاته، تقول الهيئة المديرة لمهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل إنّها تفاجأت برفض المسؤول عن فرقة فضاء المسرح الصغير بمدنين عرض مسرحية "الغول و انف المهرج" "بتعلّة عدم تلاؤم بساطة القاعة مع ضخامة العرض".

وفي بيان توضيحي، تؤكّد الإدارة تدخّلها  لتوفير كل متطلبات العرض والحرص على احترام البرمجة الخاصة بالمهرجان وإبداء المسؤول على الفرقة تفهمه للوضعية ليتراجع فيما بعد ويشترط  تغيير القاعة، وهو ما عتبرته الهيئة المديرة شرطا تعجيزيالعدم توفّر قاعات شاغرة.

وسعيا من إدارة المهرجان لتأمين عرض مسرحي للاطفال المرابطين خارج القاعة عوّضت العمل بعرض"خرافات" للبغدادي عون وأعلمت الجمهور بالتغيير قبل اقتطاع التذاكر، ومع انطلاق العرض  أبدى بعض الاولياء عدم رضاهم عن هذا التغيير، وفي الأثناء عمّت بعض الفوضى من اطراف وصفتها الهيئة بالمجهولة .
وبتدخّل مدير المهرجان واعتذاره من الجمهور ساد الهدوء من جديد واستبدل الحضور تذاكرهم لحضور عرض آخر فيما استرجع ثلاثة منهم أسعار تذاكرهم، ووسط كل هذه الأحداث المتتالية يستمدّ سؤال ملح مشروعيته " لماذا لم يتجنب القائمون على المهرجان كل هذا اللغط وهيأوا ركحا يتلاءم والملف التقني خاصة وأن بحوزتهم قرصا مضغوظا يمكنه إفادتهم؟".
الإجابة قد تبدو بلا معنى في هذه المرحلة، ولكن من الضروري البحث عنها في كواليس الإعداد للمهرجانات لأنّ مثل هذه الحوادث تتكرّر وبتجليات مختلفة ولكنّها تلتقي جميعا عند نخر جسد المسرح. 
وعن إلغاء عرض "الغول وأنف المهرج" نشر المخرج المسرحي أنور الشعافي تدوينة عنونها بـ"أكبر مصائب المسرح التونسي"، ووصف فيها ما حصل في مهرجان نيابوليس في دورته الأخيرة لا يليق بصيته بل هو فضيحة وإساءة لصورة المسرح التونسي.
وفي تدوينته يقول الشعافي "تعددت المهرجانات المسرحية حتى أصبح لكل مدينة مهرجانها، و هذه مسألة – و إن كانت محمودة- فلا يجب أن تخفي سلبية لا يجوز تجاهلها و هي استهانة بعض مديري هذه المهرجانات و جهلهم بالحد الأدنى من ظروف و مستلزمات العرض, فالمسرح هو فن طازج يحيا بآنيته و علاقته المباشرة مع المشاهد و هذا يقتضي فضاء ركحيا مناسبا لكن يبدو أن بعض مديري هذه المهرجانات دخيلون على الميدان و هم يتعافتون على إدارته لغاية في نفس يعقوب."
عما حصل مع فريق العرض يشير يضيف أن "مهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل بنابل مهرجان عريق لكن ما حدث في دورته الأخيرة لا يليق بسمعته و على السلط المختصة اتخاذ موقف صارم تجاه هذا المدير لجهله و قلة احترامه للمسرح و للمسرحيبن، فقد تمت برمجة مسرحية عنوانها "الغول وأنف المهرج" و هي متحصلة على الجائزة الثالثة في المهرجان الوطني للمسرح التونسي و قطعت مئات الكيلومترات انطلاقا من مدينة مدنين لتتفاجأ ببرمجتها في مسرح مرتجل لا تتوفر في ركحه أدنى مواصفات العرض بل هو فضيحة و إساءة لصورة المسرح التونسي و هذه الإساءة تواصلت في التبريرات الغير مسؤولة لمدير هذا المهرجان حتى لا نقول شيئا آخر."
 
 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.