حاوره محمد العربي بن عثمان –
بعد المؤتمر العاشر الاستثنائي لحركة النهضة المنعقد في ماي 2016، غابت العديد من القيادات التي كانت تتقدم الصفوف الامامية للحزب من بينها رئيسها السابق الصادق شورو والذي كان أحد النواب المؤسسين إبان الثورة عن دائرة بن عروس.
وانضمّ شورو الحائز على الدكتوراه في الكيمياء من كلية العلوم بتونس، لعضوية مجلس الشورى المركزي لحركة النهضة منذ بداية الثمانينات، وانتخب في مؤتمرها المنعقد سنة 1988 رئيسا لها، وواصل القيام بتلك المهمة حتى اعتقل في 17 فيفري 1991.
وعلى إثر الأحداث الأخيرة بمجلس نواب الشعب والتي وصلت ذروتها بين النهضة والدستوري الحر، كان لحقائق أون لاين لقاء مع القيادي بحركة النهضة الصادق شورو للعودة على خلفيات هذه الاحداث، علاوة على استشفاف رأيه بخصوص ما وصف باخفاقات النهضة الانتخابية وتدني شعبيتها.
وفيما يلي نص الحوار:
س: ما هو تقييمكم للوضع الحالي في البلاد؟
ج: الوض العام فيه الايجابي وفيه السلبي، اما الايجابي فهو الآفاق الجديدة التي فتحت للبلاد بفعل انتخاب الرئيس قيس سعيد سواء منها الافاق الداخلية او الافاق الخارجية واما السلبي منها فهو افاق الانسداد الذي بشرت به التركيبة الجديدة لمجلس نواب الشعب فمن المتوقع ان تمر البلاد بوضع من عدم الاستقرار.
س: تقريبا كل الحكومات التي تعاقبت على إدارة شأن البلاد كانت دون انتظارات الشعب التونسي.. كيف تقيم الأسباب؟
ج: أسباب عدم استقرار الوضع العام في البلاد منذ سنة 2011 الى اليوم كثيرة. اولا هو وضع جاء بعد عقود طويلة من الاستبداد السياسي والفساد المالي والاقتصادي، وبالتالي ليس من السهل فسخ مخلفات تلك العقود بل من المؤكد أن فسخ نتائجها يتطلب عقودا طويلة وجهودا مضنية. ثانيا إن معالجة مخلفات عقود الاستبداد والفساد يتطلب قيادات سياسية لها قدرات استثنائية عقلية ونفسية وروحية والقيادات التي باشرت الحكم بعد الثورة لم تكن لها تلك القدرات الاستثنائية الا القليل منها بل كانت اغلبها ضعيفة الى الحد الذي جعلها مرتبكة ارتباكا كبيرا امام الصعوبات الجمة التي اعترضتها طيلة فترات مباشرة الحكم.
س: ما قامت من أجله الثورة لم يتحقق.. ما هي الأسباب برأيك؟
ج: لذلك عوامل عديدة من بينها ضعف القيادات التي قادت المرحة كما ذكرت سلفا، والتي عوض ان تشدد الخناق على القوى المضادة للثورة وتسد في وجهها طريق العودة الى مواقع الدولة التي ازيحت عنها بمقتضى الثورة فتحت لها كل منافذ العودة الى تلك المواقع مما جعلها تكتسحها كلها، وهذا ما يفسر ان الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد اصبحت أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل الثورة.
ان نظام ماقبل الثورة كان يحول باستبداده دون الفوضى بينما نفس المنظومة صارت بعد الثورة تشيع في البلاد فوضى عارمة من اجل ارباك قوى الثورة بل والقضاء عليه تماما حتى تكون بيدها مقاليد السلطة دون منازع كما كان الوضع من قبل.
س: الا ترى ان النهضة كانت ضالعة في تردي الاوضاع السياسية والاقتصاية والاجتماعية؟
كل الاحزاب التي باشرت الحكم بعد الثورة سواء كانت في موقع الحكم او من موقع المعارضة تتحمل المسؤولية باقساط متفاوتة فيما الت اليه الاوضاع في البلاد.
س: الوعود التي قطعتها النهضة على نفسها خلال حملاتها الانتخابية لم تتحقق بعد.. ماتعليقكم على ذلك؟
ج: الوقت مازال مبكرا لتقييم اداء النهضة في العهدة النيابية الحالية والمتوقع انها ستواجه صعوبات كبيرة تحول دون تحقيق اكثر وعودها الانتخابية.
س: ألا ترى أن الاستقالات والاقصاءات داخل حزب النهضة كان له تأثير كبير على وزنها السياسي وتدني شعبيتها وفق ما أفرزته نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة؟
ج: صحيح ان الوضع الداخلي لحركة النهضة ساهم في الانحصار العددي الكبير لناخبيها، ولكن العامل الاكبر لهذا الانحصار هو اداؤها السياسي وموقفها من بعض قضايا الواقع السياسي والثقافي والديني كقضية الميراث والمثلية الجنسية وغيرها.
س: رغم النصائح والنداءات الي تقدمت بها قواعد النهضة والمدركون بشأنها بعدم ترشح الغنوشي للانتخابات البرلمانية الا انه اصر على ذلك.. هل تعتقد أنه سيكون رجل المرحلة النيابية؟
ج: ان دعوات قواعد النهضة للاستاذ راشد الغنوشي بعدم الترشح لمنصب رئيس مجلس نواب الشعب لها ما يبررها باعتبار ان هذا المنصب سيكون بالتأكيد سببا في تراجع مكانته داخليا وخارجيا كرئيس حركة ومفكر تراجعا كبيرا، اذ انه ستحمل علية كل أوزار الاخطاء والاخلالات الكبيرة التي سترتكب طيلة عهدته وبقائه على رأس هذا المجلس.
س: إذا ما تواصلت الخلافات بين كتلتي النهضة والحر الدستوري وتعطلت أعمال المجلس مرة أخرى.. هل ترى من ضرورة لتدخل رئيس الجمهورية وحل المجلس واعلان انتخابات برلمانية سابقة لاوانها؟
ج: ان الوضع بمجلس نواب الشعب بتركيبته الجديدة لا ينبئ بخير والاحداث الاخيرة التي عاشها المجلس تؤيد هذا الشعور ولا استبعد ان هذا الوضع سيزداد سوءا يوما بعد يوما لانه بات من المؤكد ان اطرافا من المنظومة المضادة للثورة الداخلية منها والخارجية تسعى بكل الوسائل المادية والبشرية والسياسية والاعلامية وغيرها الى تعطيل اعمال المجلس في مرحلة اولى ثم شله كليا في مرحلة ثانية ثم الاعلان عن فراغ دستوري في مرحلة ثالثة وبذلك تنجر عمليا خطة الانقلاب على كامل المسار الديمقراطي ليحل محله المسار الاستبدادي الذي كان سائدا قبل الثورة.
وأعتقد أنه لا يفشل هذه الخطة الشيطانية سوى التعاون الجاد والمحكم بين القوى الثورية في المجلس وبين رئاسة الجمهورية من اجل انقاذ المؤسسة التشريعية من براثن اعداء الثورة بكل الوسائل الدستورية والقانونية وحتى اذا اقتضت الضرورة اللجوء الى انتخابات تشريعية جديدة لان الضرورات تبيح المحضورات.
س: في الختام اين يمكن تصنيف الصادق شورو في في هذا الخضم التي تشهده الساحة الوطنية؟
ج: إني في حالة متابعة مستمرة للاوضاع الداخلية والاقليمية والدولية واني على وعي تام بمسؤوليتي تجاه بلادي ووطني لذلك ساظل مراقبا للوضع العام داخليا وخارجيا من منطلق السياسي المستقل حتى ياذن الله بالمشاركة السياسية المباشرة من اجل صالح البلاد والعباد والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.