الشعب يُـريد .. سيدي الرئيس

 بسام حمدي-

ربما كنت على وعي تام بكونك لن تقدر على تنفيذ ما ستعد به لذلك أحجمت عن تقديم الوعود، وبكل تأكيد أصبحت على وعي أن وعود كافور الإخشيدي للمتنبي تتماهى وواقع الحياة السياسية في تونس، سيدي الرئيس الشعب يريد، يريد منك الكثير مما اعتقد أنه من السهل عليك تنفيذه، يريد حقه في العيش الكريم وحقه في الحياة والأمن والصحة.

تخوفت من أن تكون الإخشيدي ورفضت تقديم وعود خلال حملتك الانتخابية، لكنك انتقدت النظام القائم برمته، بمعادلته السياسية وتركيبته الحزبية، ووضعت نفسك في ذهن الناخب بديلا حقيقيا لأحزاب فشلت في إشباع البطون وحماية النفوس وضمان حياة سليمة.

لم تطلق وعودا، لكنك تسلحت بأكبر وعد ثوري، وهو شعار "الشعب يريد"، شعار الثورة الذي أسقط نظام بن علي، ووضعته على عاتقك في حملتك الانتخابية دون دراية بكونك تحملت مسؤولية إرادة الشعب الكاملة.

إرادة الشعب، تنزاح كل يوم أمامك وتتقلص مع كل حادثة جديدة، بدءا من حوادث عاملات الفلاحة، ووصولا الى تواصل ارتفاع منسوب البطالة والتهميش والتفقير، وها أن  ارادة الحياة تندثر اليوم في فاجعة غير بعيدة عن قصرك، وعن قصور الوزراء والسفراء، حيث قُبرت فرح في بالوعة صرف صحي لتكون شاهدة على عصر الموت الذي ألفيناه يلازمنا في كل ظروف حياتنا الاجتماعية والأمنية والسياسية.

فرح.. حوّلها القدر إلى حزن لحظة بحثها عن قوتها وتحت أنظاركم، لم تكن كغيرها من أبنائكم ووزرائكم قادرة على العودة الى مقاعد الدراسة، أرادت مثلما أراد الشعب الذي تزيًنت بإرداته في حملتك الانتخابية، لكن تحققت إرادتك في اعتلاء كرسي قرطاج ولم تتحقق إرادتها ولا إرادة غيرها.

سيدي الرئيس … لست فاقدا للصلاحيات ولكنك فاقد للقدرة، وعاجز عن مقارعة نظام الفساد الذي أصبحت جرائمه تطرق أبواب منازلنا وتسود شوارعنا، اكتفيتم بالإعلان عن حالة شغور في منصب رئاسة الجمهورية وأعلنتم أنفسكم عينا ناقدة تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر، ربما أحببت أن تجري حملتك الانتخابية اليوم.

حادثة فرح، ليست إلا ومضة من مسار الموت والفقر الذي بات يحتل ثنايا الحياة اليومية في تونس ويلازم كل أفراد شعبها أينما كانوا، وهي إحدى تجليات إرادة الشعب في العيش، فأين أنت رئيسنا المنتخب بارادة شعبية قوية مما يريده التونسيون؟

سيدي الرئيس .. كن مُريدا بقدر إرادة شعبك، كن مريدا وراغبا في التغيير الحقيقي والجذري، كن مُريدا لتحسين ما رأته عيناك فترة زيارتك للفقراء والمهمشين ولتسجل اسمك في تاريخ تونس باقتدار لا بنظافة يديك فقط، ولتستحضر أن شعار "الشعب يريد" أسقط نظاما دكتاتوريا استبد به كثيرا، باختصار شعبك لا يطلب منك جنانا ولا منتجعات.. فقط يحب الحياة.

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.