23
شذى الخياري-
يوجد سؤال ظل يتبادر إلى ذهني منذ فترة، مفاده لماذا لا يستقيل الساسة في ليبيا، في ظل فشلهم في الاستجابة لمطالب الشعب الليبي الطامح إلى تأسيس دولة مدنية.
سؤال لطالما حير العديد من المراقبين أيضا، فكلما وصلت حكومة إلى طرابلس، أو سياسي إلى منصب ما، حتى تندلع أزمة الشرعية ويبدأ الاقتتال وتراشق الاتهامات بالفساد والفشل وغيرها من التهم لتنحية شخص أو استبداله، والتمسك هذا يعتبر السبب الأساسي في الأزمة التي تعاني منها البلاد، والسبب في انعدام استقرارها.
عديد الأمثلة يمكننا رصدها، لكن سنختار أخرها، وهو رئيس المؤسسة الوطنية للنفط (المقال) مصطفى صنع الله، فصنع الله وبعد سنين من تحكمه بعصب الإقتصاد الليبي، بدلًا من توجيه رسالة اعتذار عن تقصير أو فشل، والخروج بهدوء من منصبه كما يفعل معظم الساسة في معظم بلدان العالم (الغير عربية)، ينتقل إلى اللغة السوقية ويطلق سلسلة من الاتهامات والتهديدات والرفض لهذا القرار ولأصحابه.
بالرغم من ذلك فالعديد من المحللين السياسيين يشيرون إلى احتمالية عودته إلى رئاسة مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، لما يتمتع به من علاقات قوية مع الغرب والولايات المتحدة الامريكية تحديدًا، والتي تحاول في الآونة الأخيرة بسط سيطرتها المطلقة على عمليات وحجم وكمية تصدير النفط، بذريعة إبعاده عن التناقضات السياسية، والتي تتحكم عمليًا بوجهة إنفاق عائدات بيع الذهب الأسود الليبي.
لكن يمكن القول إن عودة صنع الله لن تكون سوى محض خيال، لأن الساسة في ليبيا طفح الكيل بهم بعد الإحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مناطق عدة في البلاد، والتي تعتبر سلسلة تراكمات لأزمات ناجمة عن التدخلات الخارجية في المنطقة، ولهذا السبب تحديدًا قطعوا رأس الفساد الرئيسي وحليف واشنطن، لكف عبثها في مصدر الدخل الأساسي والرئيسي والوحيد لليبيا.
ومن شأن تنحية صنع الله أن تشكل سلسلة من الأحداث التي قد تفضي إلى استقالة عبد الحميد الدبيبة نفسه، كونه يعتبر وفق عديد التقارير أحد رؤوس الفساد في طرابلس، والشخصية التي تستغلها واشنطن لإطالة أمد الإنقسام والانسداد السياسي في البلاد.
و تشهد ليبيا منذ مارس (آذار) الماضي، صراعاً حكومياً بين الدبيبة وباشاغا، حيث تم تكليف الأخير من قبل مجلس النواب، إلا أنه وحكومته لم يستطيعا تسلم السلطة ودخول عاصمة البلاد، حيث تسيطر حكومة الدبيبة الناتجة عن اتفاق جنيف، وترفض تسليم مهامها إلا لسلطة منتخبة.
ومن جهة أخرى، استعصى على مجلسي النواب والدولة، الوصول إلى توافق حول القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة من العام الماضي.
ورأى المحلل السياسي محمد الباروني أن إعادة صنع الله إلى منصبه سيكون حدثًا كارثيًا، لما سيتبعه من عمليات انتقامية من قبل الشخص الذي يتحكم بالعوائد النفطية، ولما سيشكله من خطر على أمن واستقرار طرابلس نفسها، التي لا شك بأن تقدم جماعات مسلحة تابعة للدبيبة على محاصرة مقر المؤسسة الوطنية للنفط لإخراج صنع الله بالقوة، الامر الذي سيسفر عن اشتباكات وخلخلة في الوضع الأمني في العاصمة.
وترأس “صنع الله” المؤسسة الوطنية للنفط منذ قرابة ثماني سنوات وتحديدا منذ أغسطس من العام 2014، في حين شغل الرئيس الجديد للمؤسسة “بن قدارة” عدة مناصب في الدولة من بينها محافظ مصرف ليبيا المركزي خلال الفترة من 2006 إلى العام 2011.
وكان قرار حكومة الدبيبة قد نصّ على إعادة تشكيل مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط برئاسة “فرحات بن قدارة” وعضوية “حسين صافار” و”مسعود سليمان موسى” و”أحمد عبد الله عمار” إضافة إلى وكيل وزارة النفط والغاز، بدلاً من الإدارة الحالية بقيادة صنع الله.