الحجر الصحي الكاذب

 يسرى الشيخاوي-

بعد عشرة أيام من العزلة، عانقت الشارع من جديد من اجل عمل ميداني ولّيت وجهي شطره متحصّنة بترخيص النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، ذلك أن الحديث عن حجر صحّي شامل يومي السبت والأحد انطلى علي.
نفس الأحاسيس المتناقضة بين الخوف والنشوة، الخوف من الخروج إلى الشارع بعد مصافحة الفيروس اللعين في كل مرة، ونشوة باستئناف العمل الميداني من جديد، وبينهما رغبة في عدم التفكير في ما ستحمله الأيام القادمة من أخبار في علاقة بالفيروس. 
وعلى ايقاع الأفكار تتأرجح رموشي على شفا عيني المثقلتين بالنوم والوجع، حتى بدأت رحلة استطلاع معاني الحجر الصحي في البلد وكانت بالبداية بمقهى الحي حيث تراصت الكراسي وغصت بالأشخاص.
لا أثر للحجر الصحي في حيينا، الوضع عادي جدّا كما الأيام السابقة، والطريق الرئيسية مكتظة بالسيارات و"رحبة العلالش" تراود المارة ووسط ثؤاج الخرفان ومأمأتها أتساءل عن مصيرنا في الأيام المقبلة.
ووسط كل التفاصيل التي تستبطن المجهول في طياتها، يطل بصيص من الأمل في سلوك سائق سيارة التاكسي التي استقليتها، كان يعقلم السيارة باستمرار ويعرض علي في كل مرة أن أعقم يدي كما كان ملتزما بارتداء الكمامة بشكل صحيح، بل إنه سألني إن كنت أملك تصريحا يستثنيني من الحجر أم لا.
وفي الطريق من المنيهلة إلى حي الزهور الرابع، كانت هناك دوريتان أمنيتان إحداهما على مستوى منطقة الأمن الوطني بالمنيهلة، ولم يستوقفنا فيها أي من الأمنيين ومررنا حتى الوضول إلى دورية أخرى على مستوى منطقة النقرة.
على بعد امتار من الدورية الثانية اصطفت السيارات وكان الاعوان يطلبون التراخيص من اصحاب السيارات الخاصة ومن راكبي سيارات التاكسي، استطهرت بالترخيص وابتسمت في وجه بصيص الأمل قبل أن تتراكم مظاهر كسر الحجر الصحي على امتداد بقية الطريق ذهابا وإيابا.
المقاهي، كل المقاهي مفتوحة، والمطاعم أيضا والعربات المتجولة وسيارات بيع الخضر، وطاولات الملابس المستعملة منتصبة والبعض يتجول دون ارتداء الكمامة، هذه بعض من تجليات الحجر الصحي الكاذب.
 


 
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.