الثروة المائية في تونس: “الصّوناد” تُهدر المياه وتدعو المواطن لترشيد استهلاكها

"استحفظ ورشّد تلقى غدوة ما تشرب"، و"الماء نعمة فلا تُهدرها"، هي شعارات ترفعها الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه"الصوناد"، (شركة حكومية) وتأتي في إطار سعيها للتحسيس بأهمية الثروة المائية ومخاطر استنزافها وعدم ترشيد استهلاكها، لكن هذا التوجه يصطدم بواقع إهدار الماء من الشركة نفسها!.

تُتهم شركة "الصوناد" من قبل المواطنين بعدم المحافظة على المياه واهدارها من خلال عدم الإسراع في إصلاح الأعطاب الطارئة وتسربات المياه التي تحدث في المناطق السكنية، والتي تظلّ أحيانا لأسابيع وأشهر حتى يقع إصلاحها.

حقائق أون لاين التقت عددا من المواطنين الذين كانت لهم تجارب مع "صوناد أريانة"، من خلال الاشعار بأعطاب طارئة على شبكة المياه الصالحة للشرب، والاتصال مرارا بالرقم الأرضي والتنقل مباشرة إلى مقر الاقليم، دون الاستجابة لتبليغاتهم.

"تسربات مائية تظلّ أشهرا حتى يتم إصلاحها!"

أكّدت المواطنة "صليحة" لحقائق أون لاين أنها ظلت قرابة الشهر في اتصال يومي مستمر بالصوناد اقليم أريانة وأن أبناءها بدورهم يتصلون على رقم الهاتف الأرضي لاصلاح تسرب للمياه أمام منزلها مباشرة، دون أي جدوى تُذكر، واضافت أنها تنقلت إلى مقرّ الاقليم 4 مرّات وفي كل مرة يأخذون معطياتها الشخصية ويتم وعدها بإرسال أعوان لاصلاح العطب دون فائدة، مبينة أن الحال ظل على ماهو عليه لما يقارب الشهر من الزمن..

وقالت إن تسرب الماء تسبب لها في اخضرار الحائط الخارجي لمنزلها وتكاثر الرطوبة عليه، فضلا عن المياه التي غمرت "النهج" القاطنة به.

نفس الاشكال عانت منه المواطنة "زعرة" (اسم مستعار) التي كانت تتصل بشكل يومي تقريبا بـ"صوناد" أريانة لاصلاح تسرب مياه أمام منزلها الذي عانت منه لما يتجاوز الشهرين، إلى أن بعثت الصوناد أخيرا بمقاول لاصلاح العطب وكان ذلك في شهر أكتوبر الفارط.

واضافت أنها أمام مماطلتها حاولت اصلاح العطب بمفرها لكنها لم تتمكن من ذلك، إذ لابد من أدوات خاصة بذلك.

وقد عاينت حقائق أون لاين التسرب، حيث كانت المياه منسابة في الشارع وتعيق المارة أثناء عبورهم من المكان.

روضة الشؤون الاجتماعية بحي هادي نويرة من ولاية أريانة، عانت بدورها لأشهر من تسرب للمياه أمامها مباشرة، دون تدخّل لاصلاحه، فقد ظلّت المياه مُهدرة منذ أواخر شهر أوت 2022، إلى غاية شهر أكتوبر 2022، وفق تأكيد المواطن "سامي" الذي قال لحقائق أون لاين، إنهم اتصلوا بالصوناد عديد المرات لكنها لم تستجب وبقيت المياه تتسرب ومُهدرة على طول الشارع المحاذي لمعهد برج الوزير طيلة شهرين إلى تم أخيرا اصلاحه.

وعاينت حقائق أون لاين بدورها تسرب المياه من أمام الروضة في تلك الفترة دون تدخل سريع من قبل مصالح "الصوناد".

تسرب المياه أمام روضة الشؤون الاجتماعية

ويعيش التونسيون تحت خط الفقر المائي، إذ أن نصيب الفرد الواحد من المياه هو 400 متر مكعب سنوياً وهي مرشحة للنقصان، كما أنها أقل بكثير من 1000 متر مكعب في السنة الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية، وذلك جراء سوء التصرف في الموارد المائية واستنزاف المائدة الجوفية، إضافة إلى التأثر الكبير بتغير المناخ.

وتُظهر آخر التحيينات التي قامت بها الإدارة العامة للسدود والأشغال المائية الكبرى، أن نسبة إمتلاء السدود (عددها 36) بلغت 28.9 % إلى غاية 29 نوفمبر 2022، وهو رقم مفزع ويستدعي أن يكون ترشيد إستهلاك الماء أولوية وطنية.

"الصوناد" وتهمة التقصير في إصلاح الأعطاب

أكد المقاول "توفيق" (اسم مستعار)، المتعامل مع الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه، أن الشركة لا تتصل بهم لاصلاح الأعطاب الطارئة على شبكات المياه، حال ورود اشعارات من قبل المواطنين بل يستغرق ذلك وقتا، مضيفا أن ذلك الوقت يكون على حساب اهدار المياه.

وقال المقاول، في حديث لحقائق أون لاين، إنهم في كثير من الأحيان يبادرون بالاتصال بالشركة للاستعلام عن وجود أعطاب أو تسربات للمياه حتى يتوجهون فورا لاصلاحها، لكن الشركة هي التي لا تعلمهم بالأعطاب، مبينا أنه يُمنع على المقاول التوجه من تلقاء نفسه لاصلاح الأعطاب إنما الشركة هي التي تطلب منه ذلك.

وأكد أنه حال الاتصال بهم من قبل "الصوناد" يتوجهون فورا لاصلاح العطب، وكثيرا ما يتهمهم المواطنون بالتقصير في تلبية ندائهم وتبليغاتهم اثر تسربات المياه، فيضطرون إلى التوضيح بأنهم "مقاولون" وليسوا مسؤولين في "الصوناد" وليسوا هم الجهة التي تتلقى الاشعارات. 

اشعارات لا تلقى تجاوبا سريعا:

ويبدو أن الاشكال في سرعة التدخل لا يقتصر على صوناد اقليم أريانة بل هو اشكال عام يعاني منه جلّ المواطنين الذين يقدمون اشعارات إلى الأقاليم المعنية بتلقي اتصالاتهم في جل الولايات، وحسب المرصد التونسي للمياه، فقد تلقى 120 تبليغا مواطنيّا عن مشكل متعلق بالحق في الماء، خلال شهر اكتوبر 2022، منها تبليغات تتعلق بتسربات مياه، وهذه عينة منها:

نداء من مواطنة في تعليق على الصفحة الرسمية للصوناد على الفيسبوك

ردّ الادارة العامة للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه

حقائق أون لاين تواصلت مع الادارة العامة للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه، ونقلت إليها جملة الاستفسارات التي تعرض إليها المقال، فكان ردّها كالتالي:

"جوابا على طلبكم المتعلق بالرد على عدد من الأسئلة المبينة أسفله، نرجو منكم مدنا بأكثر توضيحات ومعلومات حول الأعطاب التي تواصلت لمدة أشهر دون تدخل من الشركة مع مدنا بالصور والأدلة التي تثبت ذلك حتى يتسنى لنا الرد عليها بكل دقة. 

كما نرجو منكم مدنا باسم المقاول الذي أكد لكم أن الصوناد لا تتصل بهم مباشرة للتدخل ولإصلاح الأعطاب الطارئة رغم وجودها إلا بعد إلحاح المواطن في الاتصال والطلب.. مع فائق الشكر".

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.