التوافق المؤقت.. ورقة الغنوشي لإسقاط شروط عبو والمغزاوي

 بسام حمدي-

لم تختلف تكتيكات النهضة عن سابقاتها ولا عن خياراتها السياسية التي تسلحت بها في كل المحادثات التي تخص الشأن الحكومي، وظل زعيمها راشد الغنوشي المحرك الرئيسي لتقلبات المشهد السياسي وبقيت مناوراته كلمة السر التي تضبط كل مسارات الحكم في البلاد.

وبعيدا عن منطق الروتينية، استمر الغنوشي في فرض سلطته السياسية في تونس وظل يراود بطرح أساليب لعب جديدة تميزت هذه المرة بخلق بدائل له وخيارات متعددة في التحالف الحكومي.

وبعد أن خبر راشد الغنوشي ضعف الوزن البرلماني لحزبه عام 2019،  ووجد حزبه تحت ضغوط حزبي  التيار الديمقراطي وحركة الشعب وشروطهما، لعب مهندس منظومة التوافق في تونس ورقة سياسية شملت المسارين البرلماني والحكومي فاستبق المشاورات الرسمية لتشكيل الحكومة بتوافق ظرفي مع حزب قلب تونس ليصعد إلى رئاسة البرلمان وأظهر للحزبين اللذين حاوراه بشروط أن لديه بديلا سياسيا يمكنه التحالف معه في حال ظلت شروط مشاركة حزبيهما في الحكم قائمة.

وبلعبه هذه الورقة، نجح زعيم الحزب الإسلامي في تحقيق مكسبين اثنين، أولهما صعوده إلى رئاسة البرلمان بتزكية من حزب نبيل القروي، وثانيهما إجبار حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب على التنازل وإسقاط شروطهما من خلال إظهار نفسه كونه قادرا على التحالف مع القروي دون شروط ودفع  بمرشح حزبه لتشكيل الحكومة دون الخضوع لأية ضغوطات.

غير ذلك، نجح الغنوشي في إرضاء القواعد الجهوية والمحلية لحركة النهضة وفوض الشخصية التي اختارها مجلس الشورى، الحبيب الجملي، لتكوين الحكومة الجديدة.

وبانتهاء التوافق المؤقت مع حزب قلب تونس وفور اطمئنانه على رئاسة البرلمان، أعاد راشد الغنوشي خلط الأوراق من جديد وتظاهر بغلق باب المشاركة في الحكومة أمام هذا الحزب لكنه سمح للحبيب الجملي بالاتصال بنبيل القروي وقيادات حزبه لتشريكهم في محادثات تكوين الفريق الحكومي الجديد، وفتح المشاورات أمام جميع الأحزاب المتصدرة لنتائج الانتخابات التشريعية.

خطة الغنوشي انتهت إلى تسابق أحزاب قلب تونس وحركة الشعب والتيار الديمقراطي للمشاركة في الحكم، ووفر لنفسه دكّة بدلاء تضمن له حلفاء في الحكم دون شروط فارضا فكرة إمكانية الاستغناء عن أي طرف يقترح عليه شروطا يراها مجحفة.

وبقدر ما ينجح زعيم حركة النهضة في مناوراته السياسية، بقدر ما تفرض عليه ظروف البلاد تحويل دهائه الحزبي إلى ذكاء يستثمره في الحكم لينهي الأزمة الاقتصادية في البلاد لاسيما وأنه استثمر عقله طيلة السنوات التي تلت الثورة في الحفاظ عن مكتسبات حزبه لا في خلق منوال تنموي جديد.

وباعتبار النهضة آخر عناقيد الإسلام السياسي في العالم العربي، مؤكد أنها ستحظى خلال الخمس السنوات القادمة بدعم مالي وهبات من إخوانه الأتراك والقطريين حتى لا تنتهي مسيرة هذا الحزب الإسلامي بفشل قد ينهي أحلام عشاق التيار اليميني في المنطقة.

 

 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.