التنظيمات الاخوانية و السلطة.. اما البقاء أو القتال

محمد نعمان-




ليس غريبا على اردوغان تثبيت اصراره على اعادة الانتخابات البلدية في تركيا  وسط تفاعلات إقليمية تحاصر تنظيمات الإسلام السياسي بمختلف تفريعاته ، و لم يكن غريبا ان تهيج فرائص الاخوان في معركة الوجود الأخيرة في ليبيا  وسط تقلص دولي في الوزن وامام حالات التأثيم الواسعة التي تتلقاها من اكثر من جهة ، و ليس مستبعدا ان تقاتل  ايضا حركة النهضة بكل اسلحتها  المشروعة للبقاء في السلطة  حتى لو تطلب الأمر التحالف مع مجاميع الأنس و الجن و ما بينهما من مخلوقات لا يعلم سرها الا الخالق الجبار .
 
هكذا هم الاخوان  رصيد جاهز للتأثير و اثارة النعرات ، و جاهزية دائمة للنهل من صندوق  الدين  و من حقيبة الجهاد لرسم الحدود بين أهل الجنة و النار  و للإقدام على المستحيل من اجل الممكن السلطوي في استحضار تراجيدي دائما لصورة نيرون و هو يحرق روما على استعارة "عليا و على اعدائي".
 
يبدو ان هذه المشهدية المبكية تتقاسم أطوارها داخل ليبيا ، حيث ان الغرب  الليبي المسيج بميليشيات القتال الداعشي و تنظيمات سفك الدماء و الذبح العلني قادر على التضحية بالأرض من اجل مصالح فئوية ضيقة يحركها مثلث النار بين الدوحة و انقرة و بعض من اللوبيات البريطانية .
 
و يقول التشخيص الأكثر انصافا للإسلام السياسي وفق الكاتب الفرنسي بياجي   : ما ان حل ركبهم الا وحلت الصراعات الداخلية و النزاعات و القلاقل القروسطية و الفتن المذهبية ، فهم عناصر تفريق، لا تجميع ، و تتعدد النماذج في ذلك بداية من النظام السوداني الذ حول الخرطوم من شريان الثروة الى دولة فاشلة  منبوذة في الساحة الدولية .
 
ديمقراطية الثقب الواحد 
 
ربما هو الاشكال الأبرز الذي التصق بالتنظيمات الإخوانية منذ تجربة جبهة الإنقاذ الجزائرية مرورا بالتجربة المصرية و الفلسطينية و التركية حاليا  من خلال  نظرتهم للديمقراطية كجسر عبور ذو اتجاه واحد للسلطة و البقاء فيها ، في محاكاة تاريخية للأنظمة  الكليانية التي برزت في المشهد الكوني  في منتصف القرن العشرين .
 
هذا الأساس يتعارض مع التعريف الأكاديمي للديمقراطية كمنهج حكم يقوم على التداول السلمي للسلطة و الاعتراف بالخصم و إدارة الخلافات بمنطق عقلاني بعيد عن الغرائز الدينية او تأويلات النصوص المقدسة  ، و هو أساس يغيب في الحالة الليبية التي دفعت فيها الجهات التي أسقطت نظام القذافي الى تلغيم الساحة الليبية و تغذية الصراعات القبلية .
 
و يبدو ان الرهان اليوم أمام  الاخوان المسلمين هو الذهاب في معركتهم الى الآخر رغم وابل النقد الدولي و حجم الانكشافات التي تربطهم مع الارهاب و استعداد الإدارة الأمريكية لتصنيفهم ضمن التنظيمات الإرهابية .
هذا الإحساس بخسارة التموقع الإقليمي يجعل منهم في حالة روابط ميكانيكية  مع التنظيمات المسلحة كما تفعل حكومة فائز السراج في تنسيقها مع الجماعات الداعشية في صبراطة .
 
و قد كشفت صحيفة النيوزويك تنسيقا تركيا مع حكومة السراج لإمدادها ببقايا داعش العالقين في إسطنبول ، من اجل خلق معادلة عددية جديدة في جغرافيا الصراع اللبيبة .
 
هي رقصة ديك مذبوح  في ساحة إقليمية أصبحت فيها التنظيمات الإخوانية في عزلة قد تنهي رحلتهم الدرامية تجاه السلطة .
 

آخر الأخبار

استطلاع رأي

أية مقاربة تراها أنسب لمعالجة ملف الهجرة غير النظامية في تونس؟




الأكثر قراءة

حقائق أون لاين مشروع اعلامي تونسي مستقل يطمح لأن يكون أحد المنصات الصحفية المتميزة على مستوى دقة الخبر واعطاء أهمية لتعدد الاراء والافكار المكونة للمجتمع التونسي بشكل خاص والعربي بشكل عام.